مصر: نية حكومية بترويج إلغاء الدعم العيني عبر الحوار الوطني

01 أكتوبر 2024
أحد شوارع الجيزة، 17 يناير 2023 (فضل داود/Getty)
+ الخط -

وسط مساعي الحكومة المصرية إلى إقرار خطة لإلغاء الدعم العيني المقدم للمواطنين، ومخاوف من تأثير ذلك على المواطن في ظل ظروف اقتصادية في مصر شديدة الصعوبة، وتحذيرات من احتمالات ازدياد الغضب الشعبي نتيجة لذلك، حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي، على توجيه رسالة إلى الشعب المصري، خلال حضوره حفل تخريج طلبة كلية الشرطة، أول من أمس الأحد في القاهرة، قائلاً: "نحن بخير والأمور- بفضل الله- مستقرة ومن أحسن لأحسن، طول ما إحنا في مصر ثابتين ومستقرين ومتحدين وإيدينا في أيدي بعض. وندير أمورنا بشكل يحفظ بلدنا والمنطقة دون التورط في أمور يمكن أن تؤثر على الأمن والاستقرار في المنطقة".

الترويج لخطة إلغاء الدعم في مصر

وبدا أن تقديرات الأجهزة الرسمية المصرية، لا سيما الأمنية منها، بوجود مخاوف من الآثار المتوقعة لخطة الحكومة لإلغاء الدعم العيني المقدم للمواطنين، والخاص بالسلع التموينية، قد دفعت الحكومة إلى محاولة استخدام كيانات سياسية لتمرير تلك الخطة، منها "الحوار الوطني" ووسائل الإعلام والأحزاب التابعة للسلطة، والتي أخذت على عاتقها الترويج للقرار المرتقب خلال الأيام الماضية. وبحسب تصريحات وتقارير نشرت في وسائل إعلام مصرية خلال الساعات الماضية، من بينها ما أورده موقع "اليوم السابع"، فإن الحكومة "تسعى لطرح ملف التحول في منظومة الدعم، من عيني إلى نقدي، خلال الجلسات النقاشية للحوار الوطني، وفتح قنوات للتواصل والحوار المجتمعي للوصول إلى أفضل الآليات والوسائل التطبيقية، بما لا يؤثر على الفئات الأولى بالرعاية".

أحمد بهاء الدين شعبان: هذا النهج هو بشكل أو بآخر نوع من الإبادة المنظمة للطبقات الشعبية في المجتمع

كما ورد في التسريبات أن "ما تسعى إليه الحكومة هو عرض كل الأفكار في هذا الإطار على مجلس الحوار الوطني، للخروج بأفضل آلية لصالح المواطن، ووصول الدعم إلى مستحقيه، من خلال قاعدة بيانات متكاملة عن الفئات المستحقة للدعم". ووفق الحكومة، فإن "منظومة دعم الخبز، يستفيد منها ما يقرب من 71 مليون مواطن، وطرحه على البطاقات التموينية بسعر 20 قرشاً للرغيف، رغم أن التكلفة الفعلية لإنتاج الرغيف تتجاوز 125 قرشاً، وتتحمل وزارة التموين فارق التكلفة".أحمد بهاء الدين شعبان: هذا النهج هو بشكل أو بآخر نوع من الإبادة المنظمة للطبقات الشعبية في المجتمع

توجّس من نوايا الحكومة

وتعليقاً على ذلك، قال الأمين العام للحزب المصري الاشتراكي، أحمد بهاء الدين شعبان، في حديث لـ"العربي الجديد": "أكرر تحذيري من هذا النهج، لأنني كنت أحد المشاركين في قضية 18 و19 يناير/كانون الثاني 1977 (انتفاضة الخبز في عهد الرئيس الراحل أنور السادات والتي قمعها الجيش) وأعرف جيداً حساسية المواطن المصري تجاه لقمة عيشه، فما بالك برغيف العيش؟". وأضاف أن "واجبنا أن نحذر من هذا النهج الذي يدوس على عشرات الملايين من أبناء الشعب المصري، وهو بشكل أو بآخر نوع من الإبادة المنظمة للطبقات الشعبية في المجتمع". واعتبر شعبان أن "هذه كارثة كبرى يصعب احتمالها، وعلى أي الأحوال نحن نحذر من هذا النهج الذي يقود إلى احتقان شديد جداً، لأن مصر تعيش لحظة أزمة حقيقية ومهددة من كل جهات حدودها، وبالذات من العدو الصهيوني".

عمرو هاشم ربيع: ليس شرطاً أنّ عرض أي مسألة على الحوار الوطني، أن يوافق عليها 

من ناحيته، رأى عمرو هاشم ربيع، عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، والمستشار بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن "هناك نية بالفعل من قبل الحكومة لاستخدام الحوار الوطني، لتبرير تحويل الدعم العيني إلى نقدي". وأضاف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "وجود هذه النية لدى الحكومة، لا يعني أن المداولات داخل الحوار الوطني سوف تتوصل إلى هذا القرار نفسه، فهذا ليس صحيحاً". وأشار ربيع إلى أن "الحكومة اتبعت هذا التكتيك أكثر من مرة سابقة، ولكن في نهاية الأمر، فعلت عكس ما توصل إليه الحوار الوطني، ولذلك ليس شرطاً أنّ عرض أي مسألة على الحوار الوطني أن يوافق عليها، وموضوع الحبس الاحتياطي أكبر شاهد على هذا الأمر". ووفق ربيع، فإن "طرح ملف التحول في منظومة الدعم، من عيني إلى نقدي، خلال الجلسات النقاشية للحوار الوطني، يدعو إلى التوجس من أداء الحكومة ونواياها، ولكنه ليس مدعاة للتوجس من نوايا الحوار الوطني، والأيام القادمة ربما ستؤكد ذلك".

بدوره، قال رئيس حزب الإصلاح والتنمية، النائب السابق محمد أنور السادات، إن "قضية الدعم في مصر قضية قديمة، وكان دائماً ما يتم إثارتها، وبالذات في الفترة الأخيرة مع الاتفاقيات مع صندوق النقد الدولي وبعض المؤسسات المالية العالمية". واعتبر، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "هذا كان يلزم الحكومة بمراجعة منظومة الدعم، لكي تحدد الشكل الأنسب حتى يصل الدعم إلى مستحقيه. ولكن المشكلة الحقيقية، هي أن قاعدة البيانات الخاصة بالمواطنين من مستحقي هذا الدعم، لم تكن دائماً على الوجه الأمثل، أو بالدقة التي تجعل الحكومة مطمئنة لأن ما تقدمه من دعم للسلع يصل فعلاً إلى المستحقين". وتابع: "أنا أعرف أنه خلال السنوات الماضية، كانت هناك وزارات كثيرة، إضافة إلى الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وبعض الشركات المتخصصة، بتكليف من الحكومة، تحاول أن تضبط وتنقي الإحصاءات والأرقام، لكي تكون سليمة وقريبة من الواقع".

وفي إطار الترويج لتوجه الحكومة نحو إلغاء الدعم النقدي، أصدر حزب الأغلبية في البرلمان، والذي تشرف عليه الأجهزة الأمنية، حزب مستقبل وطن، بياناً الأسبوع الماضي، قال فيه إنه "يدعم ويثمّن توجه الدولة نحو تحويل الدعم العيني للمواطن إلى دعم نقدي، لما له من مردود إيجابي على الأحوال المعيشية للمواطن، وإعطائه الحرية لاستغلال الدعم النقدي بما يتواءم مع ظروفه الحياتية". واعتبر الحزب أن "التحول إلى الدعم النقدي، يعزز منظومة العدالة الاجتماعية، في ظل اهتمام الدولة المصرية بوصول الدعم إلى مستحقيه من الفئات الأكثر احتياجاً والأسر الأولى بالرعاية".

المساهمون