مع بدء المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب المصري، اليوم السبت، في عدد من المحافظات، هناك سياسيون مصريون دفعوا ثمناً باهظاً لمجرد تفكيرهم في خوض تلك الانتخابات التي تُحكم الأجهزة الأمنية المصرية السيطرة عليها واختيار المرشحين فيها، بل وحتى الناخبين أنفسهم.
"تحالف الأمل" كان نواة ائتلاف سياسي أُعدَّ له قبل أكثر من عام، من أجل المشاركة في الانتخابات البرلمانية التي بدأت اليوم، لكن هذا الائتلاف السياسي تحوّل إلى قضية تحمل الرقم 930 لسنة 2019، وتُعرف إعلامياً بـ"تحالف الأمل" في جلسات النيابة والمحاكم، لا في لجان الاقتراع والتصويت.
بدأت قضية "خلية الأمل" في 25 يونيو/ حزيران 2019، عندما ألقت قوات الأمن المصرية القبض على النائب البرلماني السابق وعضو الهيئة العليا لـ "الحزب المصري الديمقراطي"، زياد العليمي، والصحافي حسام مؤنس، منسق حملة المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، والصحافي والناشط في مجال الدفاع عن الصحافيين والحريات هشام فؤاد، والناشط العمالي أحمد تمام، والكاتب والخبير الاقتصادي عمر الشنيطي، هذا بالإضافة إلى رجلي الأعمال أسامة العقباوي، ومصطفى عبد المعز، ومدير "المنتدى المصري لعلاقات العمل الحقوقي" حسن بربري، وكانوا يمهدون لائتلاف يخوض الانتخابات.
كان العليمي مكلفاً من قبل حزبه السياسي تمثيله في بعض اجتماعات عدد من الأحزاب السياسية من أجل التحالف لخوض الانتخابات البرلمانية القادمة، وطالب أمام النيابة من رؤساء هذه الأحزاب بالحضور أمام النيابة للإقرار بذلك. ورؤساء تلك الأحزاب هم: محمد فريد سعد زهران، رئيس "الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي"، ومدحت الزاهد، رئيس حزب "التحالف الشعبي الاشتراكي"، ومحمد سامي، رئيس حزب "تيار الكرامة"، ومحمد أنور السادات، رئيس حزب "الإصلاح والتنمية"، وأكمل قرطام، رئيس حزب "المحافظين".
ورغم ما أثبته المحامون في الجلسة أنّ تلك الأحزاب الشرعية والمشهرة مجتمعة قد قررت فيما بينها الشروع في إجراء مشاورات لتشكيل تحالف انتخابي استعداداً للاستحقاقات الدستورية القادمة التي تحتّم إجراء الانتخابات بالجمع بين النظام القائمة والفردي، وهو ما يستلزم محاولة تلك الأحزاب التشاور فيما بينها للوصول إلى تنسيق أو تحالف انتخابي، إلا أنه جُدِّد حبس العليمي ورفاقه في التحالف، ويتوالى التجديد حتى اليوم.
ثم جرى التوسع في الحملة الأمنية الشرسة لوأد هذا التحالف، بالقبض على عشرات آخرين والتحفظ على أموالهم مع عدد من الشركات، على ذمة القضية نفسها. وصدرت قرارات بالتحفظ على الأموال بحق 70 متهماً و15 شركة، بعدها ارتفع العدد في قائمة التحفظ على الأموال لتشمل أسماء 83 متهماً و19 شركة، ثم أُضيفَت ست فتيات إلى القضية أخيراً.
كان العليمي عضواً في الهيئة العليا لـ "الحزب المصري الديمقراطي"، بالإضافة إلى مشاركته في تأسيس ائتلاف شباب الثورة بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني 2011) مباشرة، وشغله منصب المتحدث الرسمي باسمه. كذلك كان العليمي عضواً في الحملة الانتخابية لمحمد البرادعي قبل قراره بالانسحاب من الانتخابات في 2012.
ومع بدء الجولة الأولى لانتخابات مجلس النواب المصري، التي يصفها النظام بـ"العرس الديمقراطي"، طالب رئيس حزب "التحالف الشعبي الاشتراكي المصري"، مدحت الزاهد، بإطلاق سراح كل سجناء الرأي، وعلى رأسهم عبد الناصر إسماعيل، نائب رئيس الحزب والمهندس يحيى حسين عبد الهادي والنائب السابق زياد العليمي، وحسام مؤنس، عضو المكتب السياسي لحزب "تيار الكرامة" وخالد داوود الرئيس السابق لحزب "الدستور".
وقال الزاهد، في تدوينة عبر صفحته على موقع "فيسبوك": "في مثل هذا اليوم انتخبت الجمعية العمومية للحركة المدنية الديمقراطية السجناء: عبد الناصر إسماعيل، نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي ورئيس اتحاد نقابات المعلمين المستقلة، والمهندس يحيى حسين عبد الهادي، منسق الحركة وفارس المعارك الشهيرة ضد الفساد، وزياد العليمي، النائب البرلماني البارز السابق ووكيل المؤسسين للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، والكاتب الصحافي حسام مؤنس، عضو المكتب السياسي لحزب تيار الكرامة، وخالد داوود، الرئيس السابق لحزب الدستور ومساعد رئيس تحرير الأهرام ويكلي، انتخبتهم جميعاً أعضاءً في هيئتها القيادية، وهم بكل تاريخهم في النضال ضد الاستبداد ومن أجل الديمقراطية وفي النضال ضد الإرهاب ومن أجل الأمان والحرية للشعب، أسرى الزنازين بتهمة مشاركة جماعة إرهابية أهدافها!".
وأضاف الزاهد: "وفي الحقيقة، هم أسرى الزنازين لأنهم سعوا إلى تشكيل تحالف انتخابي (تحالف الأمل)، بينما غيرهم من الموالاة شكلوا تحالفات دعم مصر ومستقبل وطن. وكانت الرسالة أنه مسموح بتحالفات الموالاة و(فيتو للمعارضة) وأن المعارضة عندهم تساوي صفراً. وإما الموالاة والتذيل وإما السجون والزنازين. الحرية لهم جميعاً، لناصر وزياد وعبد الهادي ومؤنس وداوود، ولكل سجناء الرأي".
لكن بعيداً عن كون الانتخابات تتزامن مع انتشار وباء فيروس كورونا الجديد عالمياً؛ فإن حالة من العزوف عن المشاركة في أيٍّ من مناحي الحياة السياسية، غلبت على معظم الانتخابات التي جاءت بعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي، مقاليد الحكم، وهو ما دفع النظام إلى اللجوء لتهديد المواطنين بدفع الغرامة المالية حال العزوف عن المشاركة.
وتُجرى الانتخابات داخل مصر في المرحلة الأولى في 14 محافظة، وهي محافظات صعيد مصر وغرب الدلتا، اليوم السبت وغداً الأحد. أما المرحلة الثانية، فتُجرى يومي السابع والثامن من نوفمبر/ تشرين الثاني في القاهرة وباقي محافظات مصر.