تجاهلت معظم وسائل الإعلام المصرية التي تتبع مباشرة جهاز المخابرات العامة، البيان الذي أصدرته البعثة الدائمة لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، بصفتها العضو العربي في مجلس الأمن الدولي، حول أزمة سد النهضة الإثيوبي.
وأكد مصدر من داخل شركة "المجموعة المتحدة للخدمات الإعلامية" التابعة للمخابرات، والمالكة لمعظم المؤسسات الإعلامية في مصر، أن تعليمات صدرت للمسؤولين في الصحف والمواقع، بعدم نشر بيان دولة الإمارات.
واعتبر خبراء ومراقبون أن بيان الإمارات "لا يخدم المصالح المصرية، بل العكس من ذلك، فهو يدعم الموقف الإثيوبي في القضية".
وجاء في بيان البعثة أن الإمارات "تؤمن بإمكانية اختتام المفاوضات حول سد النهضة الإثيوبي (الكبير) بشكل ناجح، وتقر بالفرصة القيّمة التي يتيحها ذلك لدعم التكامل الإقليمي وتسريع وتيرته مع تعزيز التعاون والتنمية المستدامة في المنطقة وخارجها، وبروح إيجاد 'حلول أفريقية للتحديات الأفريقية'".
وأضاف البيان: "وعليه، تؤكد دولة الإمارات الدور الهام للاتحاد الأفريقي، وترحب بالتزام الدول الثلاث المفاوضات التي يقودها الاتحاد، كما تشجعهم على مواصلة التفاوض بحسن نية".
وتابع البيان: "ومع مراعاة التقدم الذي تم إحرازه من خلال مبادرات مختلفة تم الاضطلاع بها لدعم العملية التي يقودها الاتحاد الأفريقي، تؤمن دولة الإمارات بأن إعلان المبادئ لعام 2015 بشأن سد النهضة الإثيوبي (الكبير) يبقى مرجعاً أساسياً. وتدعم دولة الإمارات هدف الأطراف الثلاثة في التوصل لاتفاق وحل اختلافاتهم لتعظيم المكاسب لهم ولشعوبهم".
ومن جهته كتب وزير الري المصري السابق محمد نصر علام تعليقاً على البيان الإماراتي في الأمم المتحدة، على صفحته الخاصة على "فيسبوك" يقول: "هذا البيان الغريب الصادر من الإمارات كعضو بمجلس الأمن، لا يليق بمكانة الإمارات العربية بقلوب المصريين".
وأضاف علام: "البيان يساوي ما بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى، ويدعي أن الدول الثلاث لها نفس الرغبة في التوصل لاتفاق، بالرغم من معرفتها بأن إثيوبيا تعوق أي مسار يؤدي إلى التوصل لاتفاق يلبي احتياجات القانون الدولي، وتلقي الإمارات بالمسؤولية بدفع المفاوضات على الاتحاد الأفريقي العاجز، بالرغم من إعاقة أثيوبيا لجميع المحاولات التي حاولتها كل من مصر والسودان أو الاتحاد الأفريقي".
وختم الوزير السابق بالقول إن "الإمارات مطلوب منها العودة لمسار التآخي الفاضل سريعاً والذي تعودناه منها حكومة وشعباً".
وكانت وزارة الخارجية المصرية قد أعلنت، في بيان يوم الجمعة الماضي، أن وزير الخارجية سامح شكري "وجّه خطاباً إلى رئاسة مجلس الأمن الدولي لتسجيل اعتراض مصر ورفضها التام لاستمرار إثيوبيا في ملء سد النهضة بشكل أحادي من دون اتفاق مع مصر والسودان حول ملء وتشغيل هذا السد".
وأشار البيان المصري إلى أن "مواصلة أديس أبابا للملء بمثابة مخالفة صريحة لاتفاق إعلان المبادئ المبرم عام 2015، وانتهاك جسيم لقواعد القانون الدولي واجبة التطبيق، والتي تلزم إثيوبيا، بوصفها دولة المنبع، بعدم الإضرار بحقوق دول المصب".
وذكر وزير الخارجية المصري في الخطاب أن بلاده "سعت خلال المفاوضات التي جرت على مدار السنوات الماضية، للتوصل إلى اتفاق عادل ومنصف حول سد النهضة، إلا أن إثيوبيا أفشلت كافة الجهود والمساعي التي بذلت من أجل حل هذه الأزمة".
وأكدت القاهرة في خطاب شكري إلى مجلس الأمن "أن الدولة المصرية لن تتهاون مع أي مساس بحقوقها أو أمنها المائي، أو أي تهديد لمقدرات الشعب المصري الذي يمثل نهر النيل شريان الحياة الأوحد له".
ودعا الخطاب مجلس الأمن الدولي إلى "تحمل مسؤولياته في هذا الشأن، بما في ذلك من خلال التدخل لضمان تنفيذ البيان الرئاسي الصادر عن المجلس (سبتمبر/أيلول 2021) والذي يلزم الدول الثلاث بالتفاوض من أجل التوصل لاتفاق حول سد النهضة في أقرب فرصة ممكنة".