مصر: العوامية تنتفض لعويس الراوي وسط تهديدات بالثأر

02 أكتوبر 2020
غضب في مصر بعد اغتيال الراوي (فيسبوك)
+ الخط -

في محاولة من النظام المصري لامتصاص الغضب، أعلن المحامي الحقوقي، حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان (مؤسسة حكومية مصرية) أن النيابة العامة باشرت التحقيق مع الضابط المتهم بقتل المواطن عويس الراوي، بقرية العوامية بمحافظة الأقصر، جنوبي مصر، أربعة أيام على ذمة التحقيقات.
وقُتل الراوي على يد ضابط شرطة، بعد تصديه لمداهمة منزله بالقوة والاعتداء على أهله، حيث كانت قوات الأمن قد اقتحمت منزله لاعتقال أحد أفراد أسرته، ولكنه لم يكن متواجدًا، فحاول الأمن القبض على أبيه واعتدى عليه، فاعترض عويس، الذي كان يعمل مساعد تمريض بمستشفى الأقصر الدولي، ونشبت مشادة بينه وبين أحد أفراد الأمن، انتهت بإطلاق الأخير الرصاص على رأسه.
وشهدت قرية العوامية بالأقصر مساء الأربعاء والساعات الأولى من الخميس، أزمة عصيبة، بعدما فرقت قوات الأمن، جنازة الشاب عويس الراوي، بخرطوش وقنابل الغاز المسيل للدموع. واستمرت المناوشات بين الأمن والأهالي حتى منتصف الليل، فيما تخضع المنطقة الآن لحصارٍ أمني مُشدَّد لمنع الاحتجاج على واقعة القتل.


ولم يكن الراوي، أول ضحية قتل عمدي على يد قوات الأمن في منطقة العوامية، حيث شهدت المنطقة ذاتها احتجاجاتٍ محدودة في ديسمبر/ كانون الأول 2018 عقب دهس سيارة شرطة أحد شباب المنطقة، ويُدعى محمد حمدي.
وفي 2015، قُتِلَ رجلٌ يُدعى طلعت شبيب، من أبناء المنطقة أيضًا، جرَّاء التعذيب الذي تعرَّض له على يد الأمن، وتطور الأمر لتظاهرات غاضبة ومحاكمات انتهت بمعاقبة القتلة بالسجن المشدد من 3 إلى 7 سنوات.
وتعود الأحداث إلى نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 عندما كانت قوة شرطة تجري تفتيشًا دوريًا في الشارع، بينما كان شبيب خارجًا من صالون حلاقة، وتم توقيفه وضربه أحد أفراد الأمن على مؤخرة رأسه. فرد شبيب الضربة، فتكاتلت عليه القوة الأمنية وأبرحته ضربًا. وساقه عناصر الشرطة إلى القسم حيث لقي حتفه من شدة التعذيب، لتحمل جثته إلى المستشفى. فانطلق أهالي العوامية إلى المستشفى، ومن المستشفى هربت القوة الأمنية للاحتماء داخل القسم، واكتشف الأهالي تعذيبه حتى الموت بعد الاطلاع على جثمانه، وباشرت النيابة التحقيق وانتدبت الطب شرعي لوصف الحالة وتحديد سبب الوفاة.
وبعد تظاهرات دامت لعدة أيام أحالت النيابة 13 من أفراد الشرطة بينهم 4 ضباط، إلى المحاكمة بتهمة ضرب شبيب ضرباً أفضى إلى الموت، وتم نقل مكان المحاكمة من الأقصر إلى قنا بسبب الوضع الأمني بالعوامية.
ثم في 12 يوليو/ تموز 2016، حكمت المحكمة بالسجن المشدد 7 سنوات على أحد الضباط، و3 سنوات لـ5 أمناء شرطة، وبراءة باقي المتهمين، كما قضت لصالح دفاع الضحية، وهو المحامي الحقوقي خالد علي، بإلزام وزير الداخلية بأن يدفع لورثة طلعت شبيب مليونا ونصف مليون جنيه كتعويض مدني مؤقت بصفته مسؤولا عن أعمال تابعيه الذين تسببوا في مقتله، وتأييد الحكم في النقض.
ويبدو أن واقعة مقتل عويس الراوي، على يد ضابط شرطة، قد تدخل في النفق نفسه الذي دخلت فيه قضية شبيب، فبعد التظاهرات الغاضبة الي اجتاحت العوامية، والتي تعاملت معها قوات الأمن بكل عنف، انتشرت عبر موقع التواصل الاجتماعي، صفحات تحمل اسم الضحية، وأبرزها "أبناء العوامية، وكلنا عويس الراوي"، ونشرت الأخيرة بيانًا توعدت فيه بالثأر.
وجاء في نص البيان: "البيان رقم (١). هذا البيان بالنيابة عن شباب قبيلة هوارة الموافقين عليه وننتظر تأييد أو رفض باقي الفروع والقبائل والمشايخ والعائلات المتحالفة معنا، تابعنا بكل فخر وكرامة ما فعله ابننا وأخونا البار عويس عبد الحميد الراوي من شجاعة وكرامة ورده الذي نفتخر به تجاه من تعرض لوالده. وإذ نفخر بابننا وأخينا وما فعله مع من تعرض لحرمة بيته وأهله وأبيه، ونشعر بالحزن والأسى لما حدث له من هؤلاء الشرذمة النكرة الذين قاموا بأفعال ما من شأنها أن توجب عليهم الحد والأدب حيث قاموا بانتهاك حرمة بيوتنا وترويع الآمنين والتعرض لكبارنا بالأذى وانتهاك حرمة الكرامة والعرض والدم بسفك دم ابننا وأخينا الغالي الشجاع الأبي. ثم تعديهم الوقح والسافر على جنازته والتي لا تعني إلا الاستهانة بحرمة الدماء وعدم احترام ثوابت احترام حرمة الميت ووقار الموقف. ثم ما يحدث حتى إصدار هذا البيان من تعد وقح على القرية من حصار وأكمنة، نصدر هذا البيان حيث لم نجد عاقلا يحرص على مصالحنا لوقف سيل الدماء التي أسالها هؤلاء المعاتيه".

وتابع البيان "ولما سبق فقد أصدرنا هذا البيان والإنذار واتخذنا بعض القرارات التي هي مجرد قرارات مبدئية قابلة للتطور بحسب ما تقتضيه الأحداث في المستقبل لن نعلنها الآن، ونمهل من بيده الحل والعقد على أعلى المستويات حتى الساعة العاشرة صباحا من يوم الجمعة اليوم التالي لإصدار هذا البيان، وعليه: يقوم بتسليم جميع من انتهكوا حرمة قرية العوامية من أفراد وضباط وقادة وزارة الداخلية المسؤولون والمنفذون لذلك؛ وفي حال لم يتم ذلك فلا تلومن إلا أنفسكم. فكرامتنا وعرضنا وشرفنا تهون معه أرواحنا ودماؤنا وقد بدأتم بالعدوان فلا تنتظروا منا الصمت والخذلان. وقد أعذر من أنذر".