مسيّرات بيرقدار التركية إلى الواجهة مع الحرب الأوكرانية: عامل توازن

02 مارس 2022
نتيجة للدور المؤثر للمسيّرات اشترتها كل من أوكرانيا وبولندا وأذربيجان وقطر (Getty)
+ الخط -

عادت مسيّرات بيرقدار التركية، المعروفة باسم "بيرقدار 2B"، إلى أجندة الأحداث الدولية، نظراً لدورها في الحرب الأوكرانية الروسية الأخيرة، حيث كان لها أثر في الحد من تقدّم القوات الروسية في المدن الأوكرانية.

وكان للمسيّرات التركية التي ظهر منها نسخ متعددة أكثر تطوراً، دور كبير في عدة جبهات ومعارك في المنطقة، منها دورها في دعم حكومة الوفاق الوطني الليبية السابقة، أمام قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر بداية 2020، ومعركة استعادة أذربيجان لإقليم ناغورني كاراباخ من أرمينيا في نهاية نفس العام، وأيضا في تدمير قوات تابعة للنظام السوري في إدلب قبل نحو عامين، فضلا عن دور المسيّرات في ملاحقة قيادات حزب العمال الكردستاني، والعمليات العسكرية التركية شمال سورية.

ويعود تطوير هذه المسيّرات إلى رغبة تركيا في تجاوز الحظر الذي فرض عليها من أميركا قبل أكثر من 10 سنوات، برفض توريد أنقرة طائرات بدون طيار، حيث تجاوزته تركيا بالإنتاج المحلي عبر شركات حكومية وأخرى مقرّبة من الحزب الحاكم، فيما رفض طلب تركيا بالمطلق تزويدها بطائرات بدون طيار مسلحة.

وبدأت تركيا بإنتاج هذه الأنواع من الطائرات منذ أكثر من 10 أعوام، عبر شركة اسيلسان الحكومية، وشركة بايكار التي تمتلكها عائلة صهر الرئيس رجب طيب أردوغان، ولها فضل كبير في تطوير المسيرات المسلحة، لتمتلك تركيا المئات من هذه المسيرات، بل وباعت منها لعدد من الدول.

المسيرات التي تنتجها شركة بايكار هي الأشهر، حيث تنتج الطائرات التي تختصر بتركيا باسم "SİHA"، وتراقب وتقصف الأهداف في نفس الوقت، وتعتبر من القوى الضاربة لسلاح الجو التركي، واعتمدت تركيا عليها في عملياتها العسكرية في سورية والعراق، لدورها الكبير في تحديد المواقع وإصابة الأهداف بدقة.

ميزات مسيرات بيرقدار

ومن أبرز الميزات التي تمتلكها هذه المسيرات هي قدرتها على التخفي من الرادارات، ودقة إصابة الهدف، وتحرّكها مع بعض كسرِب فعال، والطائرات المسلحة منها نوعان، الأول يتم التحكم بها عبر أجهزة تحكم عن بعد، والأخرى يتم توجيهها للهدف وإطلاقها لتعمل بشكل ذاتي.

ومن الناحية التقنية، يمكن أن يصل ارتفاع الطائرات هذه إلى 24 ألف قدم، وأن تبقى في الجو 24 ساعة، ويمكن الاتصال بها لمسافة تصل إلى 150 كم، ويمكن التحكم بها بشكل آلي، وتضم حساسات يمكن من خلالها التخلي عن تطبيقات "جي بي اس" في إطلاق الصواريخ وإصابة الأهداف المتحركة.

ويبلغ وزن الطائرة مع الحمولة المتفجرة 630 كغ، وعرض الجناحين يصل إلى 12 مترا، وتعتمد على وقود البنزين، في وقت يبلغ طولها 6.5 أمتار.

ويُعاب على المسيرة بيرقدار 2B صغر حجمها وقلة الحمولة التي تحملها في عمليات القصف، ولذلك عملت الشركة المصنعة بشكل مكثف على نسخ جديدة تعتمد على وزن وحمولة أكبر.

من هو سلجوق بيرقدار؟

سلجوق بيرقدار صهر الرئيس أردوغان، والمدير التقني لشركة سلجوق، زوج ابنة أردوغان واسمها سمية، يبلغ من العمر 42 عاما، أكمل دراسة هندسة الاتصالات الإلكترونية من جامعة إسطنبول التقنية في عام 2002، ليحصل على دورة تدريبية في أميركا تكللت بالحصول على منحة لدراسة الماجستير في جامعة بنسلفانيا، وهناك أكمل دراسة الماجستير وبدأ في الدكتوراه، واختص في المروحيات المسيرة وطرق التفافها ومناوراتها.

عاد سلجوق بيرقدار إلى تركيا قبل إتمام الدكتوراه للمشاركة في أعمال شركتهم بتطوير الطائرات المسيرة في عام 2007، بعد أن كانت بدأت تلك الأعمال في عام 2003، ومنذ ذلك الوقت يعمل كمدير تقني للشركة، كما أنه يرأس وقفا لتطوير الصناعات التقنية، وتعتبر الشركة طرفا هاما لمهرجان إسطنبول التقني، تزوج في عام 2016 من سمية ابنة الرئيس أردوغان.

وأزعجت المسيرات التركية روسيا وأميركا سابقا، حيث حصل تصعيد إعلامي روسي ضدها قبل أشهر، بتصريحات وصور نشرت لإسقاط إحدى المسيرات، وعبر إقرار الكونغرس في قانون تفويض الدفاع الوطني الأميركي للعام 2022 المتضمن بندا يدعو إلى مراقبة المسيرات التركية بقيمة 768 مليون دولار.

وبدأت تركيا قبل نحو عام في دمج النسخة الجديدة من المسيرات، وهي مسيرات آكنجي TİHA الهجومية، وينتظر من المسيرات الهجومية الجيدة أن يكون لها فعالية كبرى مستقبلا في سلاح الجو، إذ إنها تخفف من أعباء المقاتلات المأهولة حاليا، نظرا لتكاليف إنتاجها وشرائها العالية، ولكلفة إعداد وتأهيل الطيارين، لتكون المسيرة الجديدة غير مأهولة وقليلة التكاليف في الإنتاج.

وتمتلك النسخة الجديدة من المسيرة 6 حواسيب تعتمد على الذكاء الصناعي، تعمل على اتخاذ القرارات بشكل تلقائي، ومن خلال التحكم فيها أيضا، ويمكن أن تقوم بعمليات القصف جوا واستهداف الأهداف الجوية، ويمكن لها التحليق على ارتفاع 40 ألف متر، على مدار 24 ساعة، وتستطيع نقل حمولة بوزن طن و350 كيلوغراما.

ونتيجة للدور المؤثر لتلك المسيرات، اشترت كل من أوكرانيا وبولندا وأذربيجان وقطر المسيّرات التركية، فيما أبدت عدة دول اهتمامها بالمسيّرات، في حين تكشف تركيا بين فترة وأخرى عن تطوير سلاح المسيرات، كما أن أنقرة كانت قد دشنت قبل أشهر، مصنعا للإنتاج المشترك للمسيرات بالتعاون مع كييف ضمن الأراضي الأوكرانية.

المساهمون