حوار المصالحة الفلسطينية في الصين.. مبررات مختلفة للتأجيل

30 يونيو 2024
متظاهر يلوح بالعلم الفلسطيني خلال مسيرة في هونغ كونغ، 27 يوليو 2014 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- فصائل فلسطينية تعبر عن خيبة أملها بسبب تأجيل حوار المصالحة في بكين، متأثراً بضغوط أميركية إسرائيلية، وتدعو لتشكيل قيادة وطنية موحدة لمواجهة التحديات.
- حركة حماس والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ترفضان اقتراح فتح لعقد اجتماع ثنائي بديل، مؤكدين على أهمية الحوار الشامل في بكين لتحقيق التوافق والوحدة.
- التأجيل يثير مخاوف من تأثيرات سلبية على القضية الفلسطينية والعلاقات الدولية، مع دعوات لتحديد موعد جديد للحوار لتجنب تعريض الوضع الفلسطيني للخطر.

رجّحت فصائل فلسطينية، في أحاديث مع "العربي الجديد"، أن تأجيل حوار المصالحة الوطنية في بكين، حسب طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل أسبوع، سينتهي بالإلغاء و"لن يعقد أي اجتماع قريب في الصين أو أي مكان آخر"، مشيرة إلى أن "التأجيل يعود لضغوط أميركية إسرائيلية على الرئيس عباس".

ودعا العديد من قادة الفصائل إلى الإسراع بتشكيل قيادة وطنية موحدة من جميع الفصائل الفلسطينية لمواجهة الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة والقرارات الخطيرة في الضفة الغربية، مع ضرورة مواصلة الضغط لعقد حوار المصالحة في الصين "بأقرب وقت ممكن".

وكان من المقرر أن يُعقد الحوار في بكين في 23 و24 يونيو/ حزيران الجاري، إلا أن الرئيس محمود عباس طلب من نائب رئيس حركة فتح محمود العالول إبلاغ الصين بتأجيله. وفاجأ القرار الفصائل الفلسطينية وأعضاء اللجنة التنفيذية واللجنة المركزية لحركة فتح، الذين علموا به من وسائل الإعلام، حسبما أكدته مصادر من الحركة لـ"العربي الجديد".

وأشارت المصادر إلى أن الفصائل الفلسطينية التابعة لمنظمة التحرير اجتمعت في القنصلية الصينية في رام الله يوم 11 يونيو/ حزيران الحالي، حيث كان الحوار مثمراً ولم تشر فتح إلى أي نية لتأجيله. ولكن بعد يومين، فوجئ الجميع بقرار التأجيل، مع تباين واضح في المبررات المقدمة من الحركة، والتي تراوحت بين "ضرورة نضج الظروف" و"خشية فشل اللقاء"، دون تحديد موعد بديل للاجتماع، مما يلمح إلى أن التأجيل قد يكون دائماً.

رفض حماس للاجتماع الثنائي

وأكدت مصادر لـ"العربي الجديد" أن حركة فتح طلبت من الصين عقد اجتماع ثنائي مع حماس، لكن الأخيرة رفضت وأصرت على أن يكون الاجتماع شاملاً لكل الفصائل كما جرى الاتفاق في لقاءي موسكو وبكين الأخيرين. وقالت المصادر: "عندما وافقت حماس على اجتماع ثنائي مع فتح في الصين نهاية إبريل/ نيسان الماضي، كان ذلك استثنائياً مراعاة لعلاقتها مع الصين. ولكن بسبب تجارب سابقة من إجهاض نتائج الاجتماعات الثنائية نتيجة ضغوط أميركية وإسرائيلية على القيادة الفلسطينية، ترفض حماس تكرار هذه التجربة".

تحفظات وتداعيات التأجيل

وقالت نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، ماجدة المصري، لـ"العربي الجديد": "الأسباب التي قدمتها حركة فتح لتأجيل اللقاء غير مقنعة، وهي أن التصعيد الإسرائيلي المتواصل والوضع العام لا يسمحان بعقد الاجتماع. ولكننا نرفض هذا التبرير، لأنه غير مقبول ويعطي إشارات سلبية بتبعية الموقف الفلسطيني للمشاريع الأميركية".

وأشارت المصري إلى أن "التأجيل ضار ويعزز هيمنة الولايات المتحدة على الطاولة السياسية الفلسطينية، وهو ما يتناقض مع قرارات المجلس الوطني الفلسطيني". وأضافت أن "الجبهة الديمقراطية، وحزب الشعب، وأطراف أخرى، أبلغت الصين رفضها للتأجيل، وعلمنا أن الصين كانت تفضل عدم التأجيل أيضاً، لكنهم استجابوا لطلب الرئيس محمود عباس".

وأضافت نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أن "لقاء الصين كان مهماً للغاية، لأنه كان يعتمد على نتائج اللقاء الثنائي المشجع بين حركتي فتح وحماس في نهاية إبريل/نيسان الماضي، وعلى تفاهمات حوار موسكو. نتمنى أن لا يتم التنصل من النقاط التي تم التوافق عليها، وسنواصل المطالبة بعقد الاجتماع".

وأوضحت أن "التأجيل يضر بالعلاقات الصينية الفلسطينية، بعدما بذلت الصين جهوداً كبيرة، ومن المتوقع أن تستمر في دعم المسار السياسي للقضية الفلسطينية في ظل دعوتها هي وروسيا لعقد مؤتمر دولي على أساس قرارات الشرعية الدولية".

وشددت المصري على أن "تحقيق وحدة التمثيل الفلسطيني تحت مظلة منظمة التحرير هو شرط أساسي للمضي قدماً، مع مشاركة الجميع، بما في ذلك حركتا حماس والجهاد الإسلامي". وأكدت أن "هذه الوحدة تعطي غطاءً سياسياً لحركة المقاومة، وتجعل وجود وفد فلسطيني موحد في المفاوضات أمراً بالغ الأهمية".

مخاوف من تأثيرات التأجيل

في تعقيبه على التأجيل، قال أمين عام حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، لـ"العربي الجديد": "نحن بحاجة ماسة لعقد لقاء سريع لكل القوى الفلسطينية، ويُفضّل أن يكون في الصين، لأننا بحاجة إلى تشكيل قيادة وطنية موحدة للحفاظ على دور منظمة التحرير الفلسطينية".

وحذر أمين عام حزب الشعب، بسام الصالحي، في حديث لـ"العربي الجديد"، من خطورة التأجيل، قائلاً: "يجب تدارك الأمر بتحديد موعد جديد للقاء، وإلا فسيكون الوضع الفلسطيني بأسره معرضاً للخطر". وأوضح: "لا نرى أي قضايا تعيق التوافق الفلسطيني، حيث توافقت القوى الفلسطينية على أربع قضايا أساسية: وقف العدوان على غزة، والبرنامج السياسي الفلسطيني، وضمان مكانة منظمة التحرير لجميع الفصائل، بما في ذلك انضمام حركتي حماس والجهاد الإسلامي، والاتفاق على أن أي صيغة للحكومة الفلسطينية أو تنظيم الأوضاع في غزة يجب أن تنطلق من التزام واحد لكافة الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس، وتكون تحت إشراف حكومة وفاق وطني فلسطيني".

وأضاف الصالحي: "هناك بعض التباينات حول أشكال النضال، والتي يمكن حلها، مع التأكيد على حق الشعب الفلسطيني المشروع في مقاومة الاحتلال وفقاً للقانون الدولي والشرعية الدولية". وفي ما يتعلق بتأجيل لقاء الصين، أشار الصالحي إلى أنه تم بناء على طلب من حركة فتح، معبراً عن استيائه من هذا التطور السلبي الذي يؤثر سلباً على الحوار الفلسطيني الداخلي والعلاقات الدولية مع الصين.

وختم أمين عام حزب الشعب حديثه بالقول: "حركة فتح أوضحت لنا أن سبب التأجيل يعود إلى خوفها من فشل اللقاء، معربة عن رغبتها في تفادي أي تعثر يمكن أن يؤثر سلباً على الشارع الفلسطيني، وبالتالي طلبت التأجيل لإجراء مزيد من النقاشات لضمان نجاح الاجتماع".