مسيرة شعبية في بيروت تطالب بـ"حكومة انتقالية" ومحاسبة المسؤولين

19 مارس 2021
عبّر المحتجون عن رغبتهم في العيش بدولة القانون والمساءلة (حسين بيضون)
+ الخط -

انطلقت، بعد ظهر اليوم الجمعة، مسيرة حاشدة من وزارة الطاقة والمياه في بيروت، مروراً بشركة الكهرباء في مار مخايل، وصولاً إلى ساحة رياض الصلح والسرايا الحكومية، تحت عنوان "إلى الشارع نحو حكومة انتقالية"، وذلك في ظلّ تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية وتفلّت سعر صرف الدولار وتعطيل المؤسسات.

ورفع المشاركون في التحرّك الاحتجاجي الأعلام اللبنانية وشعارات تدعو إلى مواجهة المنظومة الحاكمة، ومحاسبتها على الجرائم المرتكبة من قبلها في السياسة والمال والنقد والصفقات، وصولاً إلى مسؤوليتها عن انفجار مرفأ بيروت الذي وقع يوم الرابع من أغسطس/آب الماضي.

وعبّر المحتجون عن رغبتهم في العيش بدولة القانون والمساءلة، تقوم على أسس الشفافية والنزاهة على صعيد رئاستي الجمهورية ومجلس النواب وفي ظلّ حكومة اختصاصيين تضمّ وزراء من أصحاب الكفاءة والنزاهة يستطيعون إخراج البلاد من حال الانهيار، وإعادة بناء ما دمّرته القوى السياسية التقليدية على مرّ السنين ومحاسبة المسؤولين عن انفجار بيروت.

وأشارت مجموعات مدنية شاركت في انتفاضة 17 أكتوبر إلى أنّ "المطلوب اليوم حكومة انتقالية تقود الدولة وفق أسس صحيحة ومعايير واضحة تقوم على الإصلاح ومحاربة الفساد، لا مشاركة للأحزاب التقليدية فيها بعدما فشل المسؤولون في إدارة البلد، وأغرقوه بالإفلاس والعجز والتدهور الذي قضى أخيراً على قيمة العملة الوطنية، ونهبوا مقدّراته بفعل صفقاتهم وتسوياتهم، وما زالوا يمارسون الأسلوب نفسه ويعلّقون تشكيل حكومة جديدة لحساباتهم الخاصة ومصالحهم الشخصية".

واستنكر عددٌ من المحتجين تخوين التحركات واستخدام لغة المؤامرة والتهويل بالحرب الأهلية عند كلّ اعتصام أو تظاهرة أو قطع للطرقات، مؤكدين أن "سياسات الأحزاب التقليدية هي التي ستكرر أحداث الحرب الأهلية في لبنان، وأنّ هذه الطبقة لم تنتظر أصلاً حرباً لتدمّر شعبها، فهي قتلته في انفجار مرفأ بيروت".

وسجل اعتصام أيضاً أمام مصرف لبنان في الحمرا – بيروت احتجاجاً على استمرار ارتفاع سعر الصرف في السوق السوداء الذي تراوح اليوم بين 10 إلى 11 ألف ليرة لبنانية، وتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، قبل أن ينضموا إلى المسيرة نحو السرايا الحكومية.

وشهدت عددٌ من المناطق اللبنانية، ولا سيما شمالاً في طرابلس ومحيطها، وفي صيدا جنوباً، قطعاً للطرقات استكمالاً للتحركات السابقة المنددة بالأزمات التي تتراكم وتتصاعد حدّتها في ظلّ انسداد الأفق وغياب الحلول.

في المقابل، لا يزال الملف الحكومي يتخبّط بين قصر بعبدا الجمهوري وبيت الوسط، مقرّ الرئيس المكلف سعد الحريري، إذ تؤكد مصادر مقربة من الرئيس ميشال عون، لـ"العربي الجديد"، أن لا جديد سجّل منذ أمس الخميس بعد انتهاء اللقاء بين الرئيسين، بانتظار الاجتماع المرتقب يوم الاثنين المقبل، إذ إن الكرة في ملعب الرئيس الحريري وتشكيلته التي أبدى عون ملاحظاته عليها. وحتى حلول الموعد، هناك ورشة مشاورات واجتماعات تعقد في محاولة للجم ارتفاع سعر صرف الدولار.

في الأثناء، أكد قيادي في "تيار المستقبل"، لـ"العربي الجديد"، أنّ هناك مباحثات مكثفة قبل يوم الاثنين، والرئيس الحريري يريد أن تشكل الحكومة بأسرع وقتٍ ممكن، لكنه لن يتنازل عن مبادئ أساسية يؤمن بها، ولن يرضى بحكومة حزبيين أو تكنو – سياسية، كالتي يدعو إليها أمين عام حزب الله حسن نصر الله لأنها ستكون مشابهة للحكومات السابقة، مشدداً على أن حكومة الاختصاصيين ستنجح إن سُمِحَ لها بالعمل ولم يعرقل البعض مسارها.

وأعلن المكتب الإعلامي للرئاسة اللبنانية، اليوم الجمعة، بعد اجتماع عقد بين حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومستشار رئيس الجمهورية للشؤون المالية شربل قرداحي أن البنك المركزي قرر إطلاق العمل بالمنصة الإلكترونية التابعة له حتى تُسجَّل عليها كل العمليات، وتصبح هي المرجع الأساسي للسعر الحقيقي للسوق.

ويتضمن قرار مصرف لبنان، أيضاً، السماح للمصارف ابتداء من الأسبوع المقبل، بالتداول في العملات، مثل الصرّافين الشرعيين، وتسجيل العمليات بالسعر الحقيقي على المنصة، على أن تتابع لجنة الرقابة على المصارف حسن سير العمل. وسوف يتدخل مصرف لبنان لامتصاص السيولة كلما دعت الحاجة حتى يتم ضبط سعر الصرف وفقاً للآليات المعروفة.

وفشلت كل محاولات مصرف لبنان السابقة للجم ارتفاع سعر الصرف، بل على العكس، زادت من القيود على ودائع الناس التي تبخرت بالكامل، وشهدت العملة الوطنية تدهوراً غير مسبوقٍ أفقدها أكثر من تسعين في المائة من قيمتها، فيما لا يزال كبار الصرافين غير الشرعيين يتحكّمون بالسوق وانعكاساته الكارثية على مختلف القطاعات، بلا حسيب أو رقيب.

وتؤكد الجمعية المتخصصة بالدفاع عن حقوق المودعين في لبنان أن "شوارع بيروت لن تهدأ قبل محاسبة ومحاكمة اللصوص والفاسدين ومن نهبوا ودائع اللبنانيين".

المساهمون