دلالات مُسيّرة "يافا".. انطلقت من اليمن وانفجرت في تل أبيب

19 يوليو 2024
عناصر شرطة الاحتلال بصدد جمع الشظايا قرب مكان الهجوم بتل أبيب، 19 يوليو 2024 (الأناضول)
+ الخط -

أهم المدن الإسرائيلية باتت في مرمى نيران المسيّرات

قدرة سلاح الجو على توفير حماية من تهديد المسيّرات منخفضة جداً

المدة التي استغرقتها رحلة المُسيّرة تتراوح بين 10 و11 ساعة

أكد استهداف تل أبيب من قبل جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) في اليمن بواسطة مُسيّرة، أسفرت عن مقتل إسرائيلي وإصابة ثمانية آخرين بشظايا، اليوم الجمعة، حقيقة سبق أن أصابت كبدها المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس، بالإضافة إلى حزب الله اللبناني، طوال الأشهر الماضية من الحرب على غزة، وهي افتقاد الاحتلال الإسرائيلي الردع، الذي طالما تغنّى به، حتى جاءت عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وغيّرت المفهوم السائد. وقد تشير مُسيرّة "يافا"، التي انطلقت على ما يبدو من اليمن واستقرت في تل أبيب إلى مرحلة جديدة من الحرب، ربما لم تكتمل ملامحها بعد، لكن خلاصتها، أن أهم المدن الإسرائيلية، باتت في مرمى نيران المسيّرات بعد أن كانت تحت مرمى صواريخ غزة.

وفيما هدد وزير الأمن يوآف غالانت "بمحاسبة كل من يمس بإسرائيل أو يطلق الإرهاب ضدها"، توعّد، مسؤولون إسرائيليون "بالرد" على إطلاق المُسيّرة الإيرانية من قبل الحوثيين، مرددين أن إمكانية العمل على الأراضي اليمنية "مطروحة على الطاولة ولا يمكن استبعاد أن تتم هناك". وتبدو مشكلة دولة الاحتلال أكثر تعقيداً من مجرد الرد. ويرى الصحافي والكاتب الإسرائيلي بن كسبيت، في مقال نشره في صحيفة "معاريف" اليوم، أن قدرة سلاح الجو الإسرائيلي على توفير حماية من تهديد المسيّرات منخفضة جداً، مقارنة بقدراته في مجال الصواريخ والقذائف الصاروخية.

وأضاف: "في هذا المجال تم ضبطنا في حالة ضعف، وبتقديري سيتم حل هذه المشكلة في الفترة القريبة من خلال الصناعات الأمنية، ولكن في جميع الحالات، لم يكن أبداً ولن يكون، أي غطاء محكم للغاية، ولن يكون أبداً أي حل مطلق". لكن "المشكلة الأصعب بالنسبة لإسرائيل في هذه الأوقات"، كما يراها بن كسبيت، "ليست حقيقة عدم امتلاكها حماية ناجعة ضد المُسيّرات، ولكن حقيقة افتقادها للردع. الردع الإسرائيلي قد انهار".

ولفت الكاتب إلى أن المدة التي استغرقتها رحلة المُسيّرة التي أطلقها الحوثيون وانفجرت في تل أبيب، تتراوح بين 10 إلى 11 ساعة، "وهذا هو بالضبط الوقت المتوقع لرحلة طائرة جناح صهيون، المنتظر أن تنطلق بعد يومين إلى واشنطن (في إشارة إلى زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة). رحلتان متعاكستان بالاتجاه والأهداف، وكلتاهما تشغلان نتنياهو جداً، وكذلك الجمهور الإسرائيلي والشرق الأوسط برمته".

مرحلة جديدة من الحرب

من جانبه، اعتبر المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هارئيل، أن استهداف مسيّرة "يافا" تل أبيب، هو مؤشّر على "مرحلة جديدة من الحرب الدائرة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) بين إسرائيل وأعدائها، والتي تسير نحو ارتداء ثوب حرب إقليمية، ومتعددة الجبهات". وأوضح هارئيل: "لقد كانت تل أبيب ومنطقتها هدفاً لإطلاق صواريخ كثيرة من قبل حركة حماس في غزة، في بدايات الحرب، ولكن مع دخول (اجتياح) الجيش الإسرائيلي إلى القطاع، تراجع ذلك التهديد على مركز البلاد كثيراً، فيما أن حزب الله الذي يمتنع حتى الآن عن حرب كاملة، لم يهاجم مناطق تتجاوز جنوب بحيرة طبريا، كما أن الحوثيين في اليمن ركّزوا حتى اليوم على محاولات استهداف منطقة إيلات".

واعتبر أن "دماء سكان تل أبيب ليست أغلى من دماء سكان كريات شمونة والكيبوتسات (المستوطنات) على الحدود الشمالية، الذين يواجهون هجمات الصواريخ والطائرات المسيّرة يومياً (تم إخلاء معظم المستوطنات من سكانها في بداية الحرب نظراً للتهديدات)، إلى جانب جنود الجيش الإسرائيلي هناك". لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن "الاستهداف الاستثنائي لمركز البلاد"، لاقى اهتماماً إعلامياً مثيراً وباتت تُسمع طلبات متزايدة في الشبكات الاجتماعية وأستوديوهات القنوات التلفزيونية الإسرائيلية، "لإعلان الحرب على من يقف من وراء إطلاق المسيّرة القاتلة، والإطاحة برؤوس المسؤولين (الإسرائيليين) عن الخلل في منظومة الدفاع الجوي التي لم يتم تفعيلها".

ومن حيث المبدأ، تستطيع دولة الاحتلال الإسرائيلي، بنظر الكاتب، ضرب الأهداف الحوثية من الجو، لكن "السؤال، ما هي القيمة المضافة لمثل هذه التحركات من جانبها بعد الهجمات الغربية؟ تحتاج إسرائيل أيضاً إلى توزيع مواردها القتالية على جبهات أخرى، والتي يبدو بعضها حالياً أكثر إلحاحاً: الحرب مع حماس، والأكثر من ذلك احتمال نشوب حرب شاملة مع حزب الله، في حين من خلفه إيران ومجموعة من الميليشيات الشيعية في العراق وسورية".

المساهمون