مسلسل انتهاكات الشرطة العسكرية

24 مارس 2024
تعيش مناطق سيطرة "الجيش الوطني" حالة من الفوضى الأمنية (بكر قاسم/الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- مناطق سيطرة "الجيش الوطني السوري" المدعوم من تركيا تشهد فوضى أمنية وانتهاكات مستمرة لحقوق المواطنين، بما في ذلك الاعتداءات والاعتقالات التعسفية، نتيجة لعدم التزام الجهات المسيطرة بالقانون وسيادة المصالح الشخصية والعصبيات العشائرية.
- الشرطة العسكرية التابعة لـ"الجيش الوطني" تبرز كأكثر الجهات انتهاكاً لحقوق المواطنين، من خلال الابتزاز المالي وفرض السطوة، مع تسجيل حوادث مثل الاعتداء على طبيب ومحاولات اعتقال تعسفية.
- الانتهاكات تشمل أيضاً الاستيلاء على أملاك المواطنين وفرض إتاوات، في ظل غياب الالتزام بالتراتبية الأمر الذي يضعف قرارات الجهات العليا ويؤكد على ضرورة تمأسس "الجيش الوطني" بشكل يضمن الضبط والمحاسبة.

لا تزال مناطق سيطرة "الجيش الوطني السوري"، المدعوم من تركيا، في ريف حلب الشمالي، تعيش حالة من الفوضى الأمنية التي تتسبّب يومياً بانتهاكات مختلفة لحقوق المواطنين في المنطقة على يد معظم الجهات المسيطرة هناك، التي لا تلتزم بقانون، وتعمل وفق المصالح الشخصية للقائمين على تلك الجهات، بالإضافة إلى طغيان العصبيات العشائرية والمناطقية هناك. كل ذلك يؤدي إلى الاعتداء على المواطنين وعلى ممتلكاتهم ويزيد من عمليات الاعتقالات التعسفية التي توثقها المنظمات الحقوقية.

في الآونة الأخيرة، برزت الشرطة العسكرية التابعة لـ"الجيش الوطني" كأكثر الجهات ممارسة للانتهاكات بحق المواطنين، سواء بهدف الابتزاز المالي أو بهدف فرض السطوة وزرع الرعب في قلوب المواطنين. ولا تزال قضية اعتداء مجموعة من الشرطة العسكرية، الخميس الماضي، على طبيب الأطفال عبد الله الإبراهيم في مدينة تل أبيض في ريف محافظة الرقة تثير استنكار أهالي المنطقة، الذين حرمهم هذا الاعتداء من خدمات الطبيب الذي اعتدت عليه المجموعة تنفيذاً لأوامر قائدها لمجرد أن الطبيب طلب منه الانتظار ضمن الدور مدة عشر دقائق.

تبعت تلك الحادثة في اليوم نفسه محاولة الشرطة العسكرية في مدينة عفرين اعتقال ضابط منشق وأحد وجهاء المنطقة الشرقية. كما سبقت هاتين الحادثتين عشرات الحوادث التي يتهم فيها السكان الشرطة العسكرية بممارسة انتهاكات بحقهم بهدف ابتزازهم. ولعل أبرز طرق الابتزاز هو ما تقوم به الشرطة العسكرية في مدينة جنديرس بريف حلب من ابتزاز السائقين والمرحّلين من تركيا واتهامهم بتهريب البشر بهدف ابتزازهم بمبالغ مالية مقابل الإفراج عنهم.

ولا تقتصر انتهاكات الشرطة العسكرية على الابتزاز المالي، بل تشترك مع بعض فصائل "الجيش الوطني" في الاستيلاء على أملاك بعض المواطنين، خصوصاً ممن فقدوا أوراق ملكية بيوتهم أو أراضيهم، فتكون ذريعة للاستيلاء عليها. هذا عدا عن فرض إتاوات على بعض المواسم الزراعية كالزيتون، أو اقتلاع الأشجار بهدف بيع خشبها حطباً للتدفئة.

الجهات التي ترتكب الانتهاكات في مناطق "الجيش الوطني" لا تعترف أصلاً بالجهات التي يُفترض أنها تتبع لها ولا تلتزم بما قد يُتخذ بحقها من إجراءات، فالتراتبية بأولوية تنفيذ الأوامر هي تراتبية عكسية، فالولاء أولاً لقائد الفصيل، ثم لقائد الفيلق، ثم لوزير الدفاع وهكذا... ليصبح قرار الجهة العليا غير ذي معنى أو تأثير، الأمر الذي يجعل من "الجيش الوطني" تجمعاً غير ذي معنى ما لم يتمأسس بشكل صحيح يمكّن من ضبط كل وحداته وأفراده ومحاسبة المسيء منهم وفق أنظمة واضحة.

المساهمون