مرتزقة من الدنمارك بالجيش الإسرائيلي والسلطات لا ترى ذلك "جريمة"

26 يناير 2024
دنماركيون ضد الحرب الإسرائيلية بينما يتوجه آخرون كمرتزقة للمشاركة فيها (العربي الجديد)
+ الخط -

اعتبرت الدنمارك أن انضمام مواطنين دنماركيين كمرتزقة / متطوعين إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي في الحرب على غزة "ليس جريمة"، وقالت وزارة العدل في ردها على تقرير صحافي بأن ذلك "قانوني".

وكانت هيئة البث العام الدنماركية "دي آر" قد كشفت عن التحاق مواطنين بجيش الاحتلال الإسرائيلي للمشاركة في الحرب على غزة. وفي تقريرين لـ"دي آر"، في وقت سابق من الأسبوع الحالي، كُشف عن حالة ممنهجة لجلب المرتزقة عبر مؤسسات ومنظمات صهيونية فاعلة في الدول الاسكندنافية، وتعتبر هذه المرة الأولى التي تتناول فيها وسيلة إعلام دنماركية هذه الظاهرة.

تضاعف عدد المرتزقة من الدنمارك المنضمين لجيش الاحتلال

وقالت كيرين داهان، الرئيسة التنفيذية لمنظمة "سار إل/ SAR-EL" الصهيونية، التي تعتبر من أنشط المنظمات التي تعمل على تجنيد المواطنين الاسكندنافيين في جيش الاحتلال، لـ"دي آر"، إن "الكثيرين يأتون من الدول الشمال أوروبية".

وأضافت داهان أن الحرب "أدت إلى مضاعفة عدد الاسكندنافيين، بما في ذلك العديد من المواطنين الدنماركيين، الذين يشتركون في العمل التطوعي"، مؤكدة أن عدد المتطوعين من دول الدنمارك والسويد وفنلندا "تضاعف"، زاعمة أنهم "يقومون بمهام غير مسلحة".

وتعمل منظمة "سار إل" بصورة علنية وتحت أنظار السياسيين والأمنيين في الدنمارك والسويد والنرويج وفنلندا، وأشارت "دي آر" إلى أنه "في الوقت الذي تشهد فيه شوارع هذه الدول تظاهرات منتظمة ضد الهجمات العسكرية الإسرائيلية داخل قطاع غزة، فإن العديدين أيضاً يسافرون لدعم إسرائيل ولديهم مهام ذات تأثير كبير على القتال".

مظاهرات مناهضة للحرب الإسرائيلية على غزة وتطالب بوقفها (العربي الجديد)
مظاهرات مناهضة للحرب الإسرائيلية على غزة وتطالب بوقفها (العربي الجديد)

وكانت "سار إل" قد أُسست من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي في عام 1982، وهي مسؤولة عن سفر "متطوعين"/ مرتزقة للقيام بمساعدة جيش الاحتلال في مهام كثيرة، كالصيانة واللوجستيات.

وأكدت داهان أن "ما بين 4 إلى 5 آلاف شخص يقومون سنوياً بأعمال تطوعية في الجيش الإسرائيلي". ومنذ الحرب على غزة، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أصبح عدد المرتزقة في صفوف جيش الاحتلال "12 ألف شخص من جميع أنحاء العالم" جاؤوا "من تشيلي وأوروغواي وإيطاليا وإسبانيا، وبينهم يهود وغير يهود"، وفقاً لداهان.

ونقلت "دي آر" عن الرائد في جيش الاحتلال، إيناف ليكيت، قوله إن تأثير هؤلاء المرتزقة "ضخم" في الحرب، مشيراً إلى أنهم "يمكثون عادة بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع في الثكنات، ويقومون بأشياء لا يهدر الجنود أوقاتهم فيها ليركزوا على عملياتهم العسكرية".

ويعتبر ما يسمى "الفيلق اللوجستي" في جيش الاحتلال مسؤولاً عن جلب المرتزقة من أنحاء العالم.

ونقلت القناة الدنماركية عن مسؤولين في "الوحدات التطوعية في الفيلق اللوجستي" إن المرتزقة يقومون بمهام لوجستية، مثل "تعبئة حصص الإعاشة الميدانية وترتيب الزي الرسمي وسترات الشظايا والمعدات الطبية"، ويعترف ليكيت بأن المرتزقة "يقومون بدور مهم في الحرب (على غزة)"، مشيراً إلى أن جيش الاحتلال "يحتاج يومياً إلى 700 متطوع".

ازدواجية المعايير

وقالت "دي آر" أنها وضعت المعلومات أمام جهاز الاستخبارات الدنماركي (PET)، الذي يراقب ما يسمى بـ"الاتجاه نحو التطرف" منذ أن بدأت ملاحقة بعض الشبان الذين سافروا إلى سورية واتُهموا بـ"الخيانة" لالتحاقهم المفترض بتنظيمات إسلامية متشددة، أو القتال في صفوف "كيانات أجنبية"، ويقضي بعضهم أحكاماً طويلة تتراوح بين 12 و16 سنة، وتقول "دي آر" إنها سألت الاستخبارات عما إذا كانوا "يقومون بمراقبة أو يعرفون أشخاصاً سافروا أو يخططون للسفر إلى غزة للانضمام إلى حماس؟"، فوصل القناة رداً مكتوباً ومختصراً: "يتابع جهاز الاستخبارات عن كثب الوضع في إسرائيل وغزة، والعواقب المترتبة عليه فيما يتعلق بالدنمارك وبالأشخاص المقيمين في الدنمارك".

وأشارت "دي آر" إلى أن القانون الدنماركي يمنع التحاق المواطنين في جيوش أجنبية ولو كانت تحت مسمى "الخدمة العسكرية الإلزامية"، مؤكدة أن هناك "دنماركيين يتلقون تدريبات عسكرية، بالإضافة إلى قيامهم بأعمال إغاثية من خلال (سار إل)، وبعضهم يؤدي الخدمة العسكرية في إسرائيل".

وطرح حزب "اللائحة الموحدة" اليساري في عام 2014 إشكالية الازدواجية في تعاطي جهازي الاستخبارات المدنية والعسكرية مع الدنماركيين المنضمين لصفوف تنظيمات إسلامية مسلحة في سورية وأولئك المنضمين كجنود في جيش الاحتلال الإسرائيلي أثناء الحرب على غزة في يوليو/ تموز من ذلك العام. ولكن محاولات اليسار البرلمانية لمناقشة هذا التمييز بالتعاطي في الحالتين أُجهضت ومُنع النقاش بصرامة.

ولا يبدو المستوى الأمني والسياسي في الدنمارك مهتماً كثيراً بما تقوم به المنظمات الصهيونية من عمل وتجنيد مواطنين من الديانة اليهودية أو من مؤيدي دولة الاحتلال.

وقالت "دي آر" إن وزارة الخارجية الدنماركية حولت طلبها للتعقيب على التقرير إلى وزارة العدل، واكتفت الخارجية بالإشارة إلى أنها "تنصح بعدم السفر إلى المناطق الحدودية مع غزة، وأي سفر غير ضروري إلى جميع أنحاء إسرائيل، بغض النظر عن الغرض من السفر".

أما وزارة العدل، فجاء ردها المكتوب على "دي آر" واضحاً في انحيازه، وقالت فيه "تؤكد الوزارة أنه ليس جريمة جنائية أو غير قانوني الدخول إلى إسرائيل أو الإقامة فيها والقتال إلى جانب الجيش الإسرائيلي".

هذه المواقف المتناقضة للحكومة الدنماركية، التي تميز بصورة واضحة في التعامل مع الانخراط كمرتزقة ومتطوعين في جيش الاحتلال من جهة، وخدمة أي جيش أو مجموعة أو كيان أجنبي آخر من جهة أخرى، تدفع اليسار الدنماركي وبعض الحقوقيين لطرح أسئلة صعبة على ساسة ومشرعي البلد الذين يمارسون ازدواجية معايير واضحة المعالم.

المساهمون