مذبحة لاس فيغاس: لغز روليت الدم

avata
زياد سعاده
صحافي لبناني، من فريق عمل قسم السياسة في الصحيفة الورقية لـ"العربي الجديد".
03 أكتوبر 2017
345F1C01-1E82-4A9A-BF52-9DA2DF550D66
+ الخط -
تلقت الولايات المتحدة، ليل الأحد - الإثنين، ضربة أمنية هي الأشد إيلاماً منذ سنوات، عندما قتل مواطن أميركي يدعى ستيفن بادوك (64 عاماً)، عشرات المحتفلين في لاس فيغاس، في مشهد دموي مستعار من أفلام السينما، إذ أفرغ بجمهور حفلة موسيقية في باحة كازينو في المدينة الصاخبة مئات الرصاصات موقعاً 58 قتيلاً وأكثر من 500 جريح. مذبحة ربما رحلت ألغازها مع مقتل الرجل، لتبدو فرضية "الإرهاب المحلي" قوية، إذ كانت كل المعطيات تشير إلى عدم علاقة منفذ الهجوم بأي جماعة متشددة، رغم إطلالة تنظيم "داعش" لتبنّي العملية، معلناً أن منفذ الهجوم "اعتنق الإسلام" قبل أشهر، وهو الإعلان الذي قوبل بتشكيك من مسؤولين أميركيين، أكدوا عدم وجود أدلة على ذلك.

ليلة رعب
مواطن أميركي يبلغ من العمر 64 عاماً وبلا سوابق تثبت علاقته بجماعات متطرفة، حوّل حفلاً موسيقياً في مدينة لاس فيغاس الأميركية، إلى ليلة رعب هزت البلاد، ليعيد الأنظار إلى الهجمات ذات الطابع الداخلي، التي ضربت البلاد أكثر من مرة، وكان أكثرها دموية التفجير في مدينة أوكلاهوما في 19 إبريل/ نيسان 1995، والتي أدت إلى مقتل 168 شخصاً، ونفذها اليميني المتطرف تيموثي ماكفي بتفجير شاحنة محملة بأكثر من طنين من المتفجرات، وقال إنها انتقام من مأساة واكو في تكساس قبل سنتين عندما شن عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف.بي.آي" هجوماً على مزرعة لإحدى الطوائف المنشقة والتي تعرف بالداودية نسبة إلى (ديفيد كوريش) وقُتل خلاله تسعون شخصاً.

فماذا حصل ليلة الأحد في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول 2017؟ وفق رواية الشرطة، فإن المواطن الأميركي ستيفن بادوك (64 عاماً)، أمطر بالرصاص لدقائق حشداً مؤلفاً من نحو 22 ألف شخص كان يحضر حفلاً موسيقياً، من الطابق 32 في فندق "ماندالاي باي" قبل أن ترديه الشرطة قتيلاً. وكان نجم الموسيقى جايسون ألدين، يحيي حفلاً في الهواء الطلق عندما فتح المسلح النار على الشارع من داخل الفندق، ليصيب عشرات الأشخاص في المكان. وتسبّب إطلاق النار بتدافع كبير وسط حال من الذعر، فهرع بعض المشاهدين للفرار فيما تمدد آخرون أرضاً للاحتماء من الرصاص. وفي الصور التي التُقطت خلال الحفل، ظهر العديد من الجرحى ممددين أرضاً أمام المسرح وينزفون. وقالت الشاهدة مونيك ديكيرف لشبكة "سي إن إن" التلفزيونية: "بدأنا نسمع أصوات زجاج يتحطم، نظرنا حولنا لمعرفة ما يحصل. بعد دقائق سمعنا دوي مفرقعات واعتقدنا أنها ألعاب نارية، ثم أدركنا أنها ليست كذلك وأنها كانت طلقات نارية". وأضافت "اعتقدنا لوهلة أن الأمور تسير جيداً بعدما توقفت النيران، لكنها بدأت مجدداً". وقال شهود آخرون إن عملية إطلاق النار استغرقت ما بين 4 إلى 5 دقائق.


وأعلن مسؤول شرطة لاس فيغاس، جو لومباردو، للصحافيين، أن منفذ الهجوم يدعى ستيفن بادوك وعمره 64 عاماً، مشيراً إلى إنه لا يعتقد أنه مرتبط بأي جماعة متشددة. وأضاف "ليست لدينا فكرة عن معتقداته... في الوقت الراهن نعتقد أنه كان المهاجم الوحيد". فيما ذكرت شرطة ميسكيت أنه يقيم في هذه البلدة الواقعة على مسافة نحو 120 كيلومتراً من لاس فيغاس. وبعدما أعلنت الشرطة أنها قتلت بادوك، عاد لومباردو ليعلن أن منفذ الهجوم انتحر قبل وصول قوات الأمن إلى غرفة الفندق التي كان ينزل فيها. وتم العثور على عشر بنادق مع مطلق النار، بحسب لومباردو. وبدأت الشرطة البحث عن رفيقته في الغرفة، ماريلو دانلي، وأعلنت لاحقاً أنها حددت مكانها، وأنها غير ضالعة في العملية.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب عبر "تويتر"، أعلن في مؤتمر صحافي عقده للحديث عن هذه الحادثة، تنكيس العلم الأميركي، معتبراً أنه "في لحظات الرعب تتوحّد أميركا، ووحدتنا لن تكسرها أعمال العنف هذه". وأشاد بالسرعة التي تحرك بها الأمن لمواجهة مطلق النار، قائلاً إنها "كانت إعجازاً". وبينما كانت كل المؤشرات تفيد بعدم ارتباط منفذ الهجوم بجماعات متطرفة، أعلن تنظيم "داعش" تبنّيه للعملية، إلا أن وكالة "رويترز" نقلت عن مسؤولَين أميركيين قولهما إنه لا توجد أدلة حالياً على أن مطلق النار مرتبط بأي جماعة دولية متشددة. وقال أحدهما إن بادوك لديه تاريخ من المشاكل النفسية.

تاريخ من القتل
تدخل عملية لاس فيغاس في سجل تاريخ حافل بـ"الإرهاب الداخلي" في الولايات المتحدة، حصد مئات الضحايا في السنوات الـ25 الأخيرة. وكان آخرها قبل هذا الهجوم، إطلاق النار في نادٍ للمثليين في أورلاندو في 12 يونيو/ حزيران 2016 من قِبل أميركي من أصل أفغاني يدعى عمر متين، ما أدى إلى مقتل 49 شخصاً وإصابة 50 آخرين. وبينما كانت الشكوك بوجود دوافع شخصية وراء الهجوم، إلا أن "داعش" تبنّى الهجوم، وهو ما لاقى تشكيكاً كبيراً.

قبل ذلك وفي 16 سبتمبر/ أيلول 2013، فتح رجل يعمل كمتعاقد في وزارة الدفاع، النار على مكاتب البحرية الأميركية في واشنطن ما أدى إلى مقتل 12 شخصاً قبل أن تقتله الشرطة. وفي 14 ديسمبر/ كانون الأول 2012 قُتل 26 شخصاً، بينهم 20 طفلاً، على يد شاب في مدرسة ساندي هوك في نيوتاون، كونيتيكت، قبل أن ينتحر. سبق ذلك في 20 يوليو/ تموز 2012، اقتحام شاب مسلح إحدى دور السينما في مدينة أورورا في كولورادو، وفتح النار على الحاضرين، ما أوقع 12 قتيلاً و70 جريحاً. وحُكم على منفذ الهجوم جيمس هولمز في أغسطس/ آب 2015 بالسجن المؤبد من دون إمكانية الإفراج عنه.

في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2009، قام طبيب نفسي عسكري بأكبر عملية إطلاق نار في قاعدة عسكرية أميركية، ما أدى إلى مقتل 13 شخصاً وإصابة 32 في فورت هود في تكساس، قبل أن يتم ضبطه. وفي 3 إبريل/ نيسان من العام نفسه، قتل رجل من أصل فيتنامي 13 شخصاً في مركز استقبال لمهاجرين في بينغامتون في ولاية نيويورك.

ومن أكثر العمليات دموية تلك التي وقعت في 16 إبريل 2007 عندما قتل طالب من أصل كوري 32 شخصاً قبل أن ينتحر في حرم جامعة فرجينيا التكنولوجية في بلاكسبرغ في فرجينيا. وفي 20 إبريل 1999 فتح طالبان النار في ليتلتون في كولورادو في مدرسة ثانوية، ما أدى إلى مقتل 12 تلميذاً وأستاذاً وإصابة 24 شخصاً. وانتحر مطلقا النار في المكان. قبل ذلك وفي 16 أكتوبر/ تشرين الأول 1991، قتل رجل 22 شخصاً في مطعم في كيلين في تكساس، وأصاب حوالي عشرين بجروح قبل أن ينتحر.

ذات صلة

الصورة
ماركو روبيو خلال تجمّع انتخابي في بنسلفانيا 4 نوفمبر 2024 (Getty)

سياسة

مع اختيار الرئيس الأميركى المنتخب دونالد ترامب، الأربعاء، ماركو روبيو لشغل منصب وزير الخارجية في إدارته المقبلة، تتوجه الأنظار إلى سياسة النائب المحافظ
الصورة
دونالد ترامب ومحمود عباس بالبيت الأبيض في واشنطن 3 مايو 2017 (Getty)

سياسة

أكد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في اتصال هاتفي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنه سيعمل على إنهاء الحرب وأبدى استعداده للعمل من أجل السلام
الصورة

سياسة

على الرغم من إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، إلا أنه ما زال يواجه تهماً عديدة في قضايا مختلفة، وذلك في سابقة من نوعها في البلاد.
الصورة
هاريس تتحدث أمام تجمع النتخابي في واشنطن / 29 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

حذرت المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في خطاب أمام تجمع انتخابي حضره أكثر من 70 ألفاً في واشنطن من مخاطر فترة رئاسية ثانية لمنافسها الجمهوري دونالد ترامب.