مداهمات أمنية لإحضار حاكم مصرف لبنان

15 فبراير 2022
حاكم مصرف لبنان رياض سلامة (فرانس برس)
+ الخط -

رفض حاكم مصرف لبنان المركزي، رياض سلامة، اليوم الثلاثاء، المثول أمام النائب العام الاستئنافي في بعبدا، القاضية غادة عون، تبعاً للشكوى المقدمة من قبل الدائرة القانونية لمجموعة "الشعب يريد إصلاح النظام" في جرائم تتعلق باختلاس وتبديد المال العام على منافع شخصية والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال.

وداهمت قوّة من أمن الدولة، اليوم، 3 مواقع لحاكم مصرف لبنان في الوقت نفسه، بهدف جلبه بالقوة إلى القاضية عون، تنفيذاً لمذكرة الإحضار الصادرة بحقه، بيد أنها لم تعثر عليه، في وقتٍ تشدد النائب العام الاستئنافي على إبقاء التحقيق مفتوحاً حتى إحضاره، تمهيداً لاستجوابه.

وأشار المحامي حسن بزي، من مجموعة "الشعب يريد إصلاح النظام"، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الجلسة التي تغيّب عنها سلامة اليوم هي الرابعة التي حُددت له، وتبعاً لمذكرة الإحضار التي أصدرتها القاضية عون، داهمت قوة من أمن الدولة ثلاثة أماكن عائدة له: منزلان، الأول في منطقة الرابية، والثاني في الصفرا، ومكتبه في مصرف لبنان الحمرا - بيروت، بيد أن الأخطر، ما حصل في الرابية - قضاء المتن، حيث اصطدم عناصر أمن الدولة مع عناصر قوى الأمن الداخلي المكلفين خلافاً للقانون بحماية سلامة المطلوب بمذكرة عدلية والتمرد عليها، وكاد يحصل إشكال بين جهازين أمنيين، وهذه فضيحة".

ولفت بزي إلى أن "القاضية عون عمّمت مذكرة لأمن الدولة بإحضار سلامة في جميع الأوقات، وأبقت التحقيق مفتوحاً، كذلك أرسلت مذكرة إلى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، لسؤال المدير العام لقوى الأمن اللواء عماد عثمان، عمّا إذا كان هو بالفعل قد أصدر أمراً للحرس للدفاع عن سلامة ومنع تسليمه، ومن هنا لغاية ساعتين أو ثلاث ستتخذ قراراً بهذا الشأن، فإذا ثبت أنه يمنع تنفيذ الإحضار، ستدّعي على اللواء عثمان بجرم التمرد على السلطة القضائية ومنع تنفيذ قراراتها، وإذا نفى ذلك، سيكون التأكيد لأمن الدولة بوجوب إحضار سلامة".

وشدد بزي على أنّ "كل الاحتمالات واردة، والموضوع أكثر من جدي، والقاضية عون مصرّة على إحضار سلامة، بعد إصدارها قراراً بمنع سفره ومنع التصرف في 13 عقاراً له، وهي تسعى لتنفيذ مذكرة الإحضار تمهيداً لاستجوابه، وستلاحق كل شخص يمنع تنفيذ القرار".

وأشار بزي، لـ"العربي الجديد"، إلى أن القاضية عون لا يحق لها إصدار مذكرة توقيف غيابية بحق سلامة، ولكن لها أن تصدر بلاغ بحث وتحرٍّ، مستبعداً في المقابل إقدامها على هذه الخطوة، لأنها تصرّ على إحضار حاكم مصرف لبنان واستجوابه.

وأصدرت الدائرة القانونية لمجموعة "الشعب يريد إصلاح النظام" بياناً قالت فيه إن "ما اقترفه اليوم المدير العام لقوى الأمن الداخلي مع ضباطه وعناصره المولجة - خلافاً للقانون - بحماية الحاكم المطلوب بمذكرة عدلية والتمرد عليها وعلى عناصر أمن الدولة المكلّفة تنفيذ مذكرة الإحضار، عدا عن كونها تشكّل جريمة مشهودة عمدية تم اقترافها بدم بارد تسقط تلقائياً أية حصانة وظيفية عنهم، هي أيضاً جريمة متلازمة مع الجرائم المدعى بها على الحاكم، والتي هي موضوع التحقيق المفتوح أمام النائب العام الاستئنافي في بعبدا، لكون تلك الجرائم قد استهدفت إبقاء الحاكم دون ملاحقة".

وقرر أفراد الدائرة القانونية المدعون على الحاكم كجهة متضررة "اتخاذ مباشرة صفة الادعاء الشخصي ضد اللواء عماد عثمان وعناصره التي واجهت أمن الدولة بالجرائم المشهودة المقترفة منهم والمنطبق عليها أحكام المواد 371، 379، 380، 382 والمتلازمة مع الجرائم المدعى بها على الحاكم".

وطلبوا من النيابة العامة الواضعة يدها على الملف ضمّ ادعائهم ضد هؤلاء للشكوى المقامة على الحاكم للتلازم وتحريك الحق العام حالاً ضدهم والشروع بالإجراءات القضائية وإصدار ما يَلزم من مذكرات عدلية.

في المقابل، قال وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي، إنه لا صحة لما يشاع عن خلاف بين الأجهزة الأمنية في موضوع حاكم مصرف لبنان، مشيراً إلى أن "قوى الأمن تقوم بواجباتها، وقد التزمت بها ولم تحصل أي مواجهة بينها وبين جهاز أمن الدولة الذي يقوم أيضاً بواجباته وفق القانون".

من جانبها، أوضحت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، في بيان، أنها لم تمنع دورية من المديريّة العامة لأمن الدولة من تنفيذ مذكّرة الإحضار بحقّ حاكم مصرف لبنان، مشيرة إلى أن نقطة قوى الأمن الداخلي موضوعة منذ فترة بأمرٍ من الرؤساء لحماية الحاكم من أيّ تهديد أمني، خاصّة بعد ورود معلومات بهذا الخصوص.

ولفتت إلى أن "هذه النقطة الأمنيّة عناصرها غير مخوّلة بالتدخلّ، أو التبليغ، أو حتّى منع تنفيذ أيّ مذكّرة رسميّة، وهذا ما تمّ التأكيد عليه في اتّصال أجراه المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان بالمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، وذلك في إطار التنسيق المستمرّ بينهما".

"المستقبل" يتّهم الرئيس عون

في الأثناء، اتهم "تيار المستقبل" (يتزعمه سعد الحريري) الرئيس اللبناني ميشال عون بوقوفه وراء المداهمات الأمنية التي طاولت مقارّ إقامة وعمل حاكم مصرف لبنان المركزي، وذلك بهدف "تحقيق هدف في المرمى الاقتصادي لحساب التيار الوطني الحر (يرأسه النائب جبران باسيل صهر عون) على أبواب الانتخابات النيابية".

وقال "المستقبل"، في بيان، إن "المداهمة وقرار التوقيف اتُّخذا في القصر الجمهوري، بطلب مباشر من الرئيس ميشال عون شخصياً إلى رئيس جهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا".

وأردف: "لقد طالب رئيس الجمهورية شخصياً بتنفيذ قرار توقيف حاكم مصرف لبنان، وعندما جرى تنبيهه إلى احتمال اصطدام عناصر أمن الدولة مع عناصر الحماية للحاكم من قوى الأمن الداخلي أجاب: جروه حتى لو استدعى الأمر الاشتباك مع قوى الأمن الداخلي"، على حدّ تعبير "تيار المستقبل".

وأضاف: "حسناً فعلت القوى والأجهزة الأمنية في عدم الانجرار إلى هذا الفخ، الذي تريد القاضية عون ترجمته بالادعاء على قائد قوى الأمن الداخلي وفقاً لعدد من المواقع الإعلامية".

ونبّه "المستقبل" اللبنانيين إلى أن "ملاحقة الحاكم ومداهمة منازله ومكتبه في مصرف لبنان يشكل خطوة في مسار الانهيار وليس خطوة في أوهام الحل ومكافحة الفساد"، معتبراً أن "كل ما يعني رئيس البلاد من هذه الخطوة، ليس ودائع الناس في المصارف ولا تقديم شهادة حسن سلوك للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، بل تستدعى أجهزة الدولة إلى اشتباك فيما بينها وخطوة تشكل الوجه الآخر للتوقف عن دفع مستحقات الدولة للمجتمع الدولي، كما أنه قرار عشوائي من عشوائيات العهد، فهم يخوضون الانتخابات النيابية على أنقاض الدولة والاقتصاد".

من جانبه، رد المكتب الإعلامي للرئيس عون على بيان "المستقبل"، مؤكداً "عدم صحة الأكاذيب التي وردت فيه". وقال: "الكلام المنسوب للرئيس كذب مطلق ولا أساس له من الصحة، ويندرج في إطار الافتراءات التي درج المستقبل على توزيعها". 

المساهمون