مخيم عين الحلوة في دائرة القصف الإسرائيلي

01 أكتوبر 2024
مخيم عين الحلوة في صيدا، 1 أكتوبر 2024 (محمود زيات/فرانس برس)
+ الخط -

شمل الاحتلال الإسرائيلي، المخيمات الفلسطينية في دائرة اعتداءاته على لبنان، وذلك بعدما شنّ غارة، فجر اليوم الثلاثاء، استهدفت منزلاً تردد أنه تابع للواء منير المقدح، مسؤول فرع لبنان بكتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة فتح، في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا، جنوبي لبنان. وعلى الرغم من فشل محاولة الاغتيال، غير أن ستة فلسطينيين على الأقل، استشهدوا، بينهم حسن، نجل المقدح، وزوجته. وسبق للاحتلال أن اغتال القيادي في كتائب شهداء الأقصى، خليل المقدح، شقيق منير، في 21 أغسطس/آب الماضي، في مدينة صيدا، خارج المخيم. كما اغتال الاحتلال، الأحد الماضي، قائد حركة حماس في لبنان، فتح شريف أبو الأمين، مع زوجته وابنه وابنته، وذلك بمخيم البص، في قضاء صور، جنوبي لبنان.

وعلى الرغم من الاستهدافات الإسرائيلية لقياديين فلسطينيين في لبنان، منذ بدء المواجهات في 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كانت عمليتا الاغتيال في البص وعين الحلوة الاستهدافين الأولين لمخيمات فلسطينية في لبنان. مع العلم أنه في 9 أكتوبر الماضي، قتلت إسرائيل عناصر فلسطينيين على الحدود مع لبنان. وتكرر الأمر أكثر من مرة، خصوصاً مع إصدار كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، بيانات عدة، تمحورت حول إطلاقها الصواريخ من جنوب لبنان، باتجاه مواقع إسرائيلية في فلسطين المحتلة. وفي 2 يناير/كانون الثاني الماضي، اغتال الاحتلال، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري، في الضاحية الجنوبية لبيروت، في ترسيخ لضرب القياديين والشخصيات العسكرية والسياسية الفلسطينية في لبنان، إلى جانب قيادات حزب الله.


ماهر شبايطة: العدو يريد زعزعة المخيم تحت شعار الاغتيالات

تاريخ مخيم عين الحلوة

وسبق لمخيم عين الحلوة، الموصوف بكونه "عاصمة الشتات الفلسطيني" منذ تأسيسه في عام 1948، أن تعرّض للاعتداءات الإسرائيلية، بدءاً من 20 يونيو/حزيران 1974، حين أدت غارات إسرائيلية إلى مقتل 11 شخصاً فيه وجرح 32 آخرين. وبعد اندلاع الحرب اللبنانية في 13 إبريل/نيسان 1975، تحوّل مخيم عين الحلوة إلى نقطة استقطاب للفلسطينيين القاطنين في مخيمات لبنانية أخرى، خصوصاً تلك التي كانت واقعة تحت سيطرة الكتائب اللبنانية وحزب الوطنيين الأحرار، فانتقلت غالبية فلسطينية إلى عين الحلوة من مخيمات تل الزعتر والضبيّة وجسر الباشا، الواقعة في قضاء المتن، شمالي بيروت. وشهد المخيم طيلة عقد الثمانينيات تتالي الاعتداءات الإسرائيلية، سواء في اجتياح بيروت 1982، أو بعد الاجتياح.

كما بات المخيم أسير صراعات الأجنحة العسكرية فيه بعد انتهاء الحرب اللبنانية عام 1990. ولم تستثنه الاعتداءات الإسرائيلية خلال العدوان على لبنان في صيف 2006، تحديداً في 9 أغسطس/آب 2006، حين قصفت بوارج الاحتلال المخيم، الذي يبلغ عدد سكانه بحسب ما أفادت به "اللجان الشعبية" في سبتمبر/أيلول 2023، نحو 85 ألفاً، بينهم أكثر من 57 ألف لاجئ مسجل لدى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (أونروا). وبرز في المخيم، منير المقدح لاعباً أساسياً، على صلة مع الأمن اللبناني وحزب الله وباقي الفصائل الفلسطينية. وسبق له أن رافق الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، ثم خلفه محمود عباس، لكنه رفض اتفاقات أوسلو الموقعة في عام 1993.

حول ذلك، قال أمين سرّ قيادة منطقة صيدا لحركة فتح اللواء ماهر شبايطة لـ"العربي الجديد"، إن "العدو الإسرائيلي يبحث عن أي مبرّر للاغتيالات، لكنها المرة الأولى، منذ بدء الحرب مع العدو في 8 أكتوبر، التي يطاول فيها القصف داخل مخيم عين الحلوة، علماً أنّ محاولتين حصلتا سابقاً، في عمليتي اغتيال، لكن بجانب المخيم وليس داخله". وأشار شبايطة إلى أننا "معتادون على إجرام العدو ومجازره لكن لا مبرر أساساً لضرب المخيم، فهو يحتوي فقط على أسلحة خفيفة، لا دبابات ولا راجمات ولا مدافع، ويقع ضمن سلطة الدولة اللبنانية، عدا عن أن فيه العديد من العائلات والأطفال وحتى النازحين الذين أتوا من الجنوب خاصة، وفيه مؤسسات اجتماعية لخدمة شعبنا وغير ذلك". ولفت شبايطة إلى أن "العدو يريد زعزعة المخيم تحت شعار الاغتيالات، وهو عدو لئيم، وبعد عملية الاغتيال طبعاً أصبح الجو مسموماً وسط قلق من الناس على سلامتهم"، مشيراً إلى أن "آخر عدوان على داخل المخيم كان في حرب يوليو/تموز 2006". ولم يستبعد شبايطة أن يَستهدف الاحتلال المخيمات الفلسطينية مرة جديدة.

أما الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري، النائب أسامة سعد، فاعتبر في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنه "لا يمكن استبعاد أيّ عمل إسرائيلي إجرامي بحق شعبنا اللبناني أو الفلسطيني، هو ليس الأول ولن يكون الأخير، سواء باستهداف مخيم عين الحلوة أو باقي المخيمات الفلسطينية أو مدينة صيدا التي تعرّضت لمجزرة في عين الدلب (الأحد الماضي) حيث سقط أكثر من 45 شهيداً، وعددٌ كبيرٌ من الجرحى، ولا يزال هناك مفقودون تحت الأنقاض". وأضاف سعد: "سبق أن قلت منذ بدء عملية طوفان الأقصى (في 7 أكتوبر الماضي)، وفتح الجبهة اللبنانية، إن صيدا ومخيماتها وكل المخيمات في لبنان، ليست خارج دائرة الاستهداف الإسرائيلي وهذا طبيعي، فالمشروع الصهيوني هدفه الأساسي تصفية القضية الفلسطينية، والمخيمات بطبيعة الحال تشكل مرتكزاً أساسيّاً لحقوق الشعب الفلسطيني وحقه بالعودة وإقامة دولته الفلسطينية فوق أرض فلسطين".


أسامة سعد: استهداف المخيمات هو بهدف إسقاط حق العودة

وأضاف: "لذلك يستهدف العدو الإسرائيلي المكوّن الفلسطيني أينما كان، في غزة استهدفه بحرب الإبادة والجرائم والمجازر المستمرة والمتواصلة، وبالضفة الغربية أيضاً يستهدف الشعب الفلسطيني وفي أراضي 48 يتعامل معهم بصفتهم مواطنين درجةً ثالثة". وأشار سعد إلى أن "العدو يسعى لإقامة الدولة اليهودية وهذا قرارٌ اتخذه الكنيست الإسرائيلي بأن إسرائيل دولة اليهود في العالم ويرفض كل المكونات الأخرى ووجودها، وبالتالي، فإنّ استهدافه المخيمات هو بهدف إسقاط حق العودة ومطالبة الشعب الفلسطيني بحق العودة إلى بلاده، هذا المسار يسلكه عبر عقودٍ من الزمن، وهو الآن يشعر بأنه أمام فرصة لتحقيق ذلك ويتحجج بذرائع وأكاذيب عدة بأنه يستهدف قوى تريد النيل منه، وطبعاً الغالبية العظمى من الضحايا هي من المدنيين والناس العزّل".

وضع المخيمات الفلسطينية في لبنان

وتابع سعد: "نتوقّع من العدو كل شيء، لكن ما لا نتوقّعه هو الصمت العربي عن هذه الجرائم وعدم اتخاذ أيّ إجراء بحقه لردعه أو أقلّه لمحاولة ردعه". وحول التخوف من تفجّر المخيمات الفلسطينية، رأى أن "الشعب الفلسطيني موحّد خلف قضيته وهذه الوحدة الميدانية الفلسطينية تجلّت بأكثر من محطة، ورأينا كيف أن هذه الوحدة وتحت راية المقاومة والانتفاضة الشعبية، كانت قوية وراسخة، لذلك ندعو المنظمات والقوى الفلسطينية إلى أن تأخذ المثال من الميدان الفلسطيني الشعبي الموحّد في مواجهة العدو، والمؤامرات". وأوضح سعد أنه "حصلت محاولات عدة لتفجير الأوضاع في مخيم عين الحلوة تحديداً، لكننا نبذل جهوداً ليلَ نهار لمنع حدوث ذلك وجهودنا تنجح إلى حدٍّ كبيرٍ، لكن علينا أن نبقى متيقظين، وهناك تعاون من الفصائل جميعها كي نمنع الخطر بأن يتمدّد، ولكن إذا حصل ذلك يكون جزءاً من المشروع الإسرائيلي لضرب القضية الفلسطينية، لكن حتى الآن فإنّ الإخوة الفلسطينيين متجاوبون وهم متنبّهون لهذا الخطر خصوصاً في هذه الأيام الصعبة التي تمرّ بها القضية الفلسطينية ولبنان والأمة العربية، لأن أيّ انكسار لمقاومة العدو سواء في فلسطين أو في لبنان، هو انكسارٌ لكلّ الأمن القومي العربي". وشدّد سعد على أن "لا أحد يفكّر في أنه سيكون خارج خطر العدو الإسرائيلي، لذلك نحن ندعو للصمود ولتتخذ الدول العربية إجراءات جدية، لا نراها الآن، لدعم نضال الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ولردع العدوان، لكن للأسف بعد سنة من المجازر وحرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني لم نرَ إجراء عربياً واحداً يحمي الشعب الفلسطيني".