ردّت محكمة الاستئناف في بيروت طلبات الردّ المقدَّمة من الوزراء اللبنانيين السّابقين والنواب الحاليين نهاد المشنوق وغازي زعيتر وعلي حسن خليل، بوجه المحقق العدلي بانفجار المرفأ القاضي طارق البيطار، وذلك لعدم الاختصاص النوعي.
وقرّرت المحكمة بالإجماع إلزام المستدعين طالبي الردّ، المشنوق من جهة وزعيتر وحسن خليل من جهة ثانية، بدفع غرامة مالية وتدريكهم الرسوم والنفقات القضائية كافة.
(2/3)
— Legal Agenda (@Legal_Agenda) October 4, 2021
صدر القرار بالإجماع عن الرئيس نسيب إيليا والمستشارتين روزين حجيلي ومريام شمس الدين، وأعلنت المحكمة أنّها غير مختصّة بالنظر في طلبات ردّ المحقق العدلي، وفرضت على النوّاب غرامة 800 ألف ليرة لبنانية لتعسّفهم بالادّعاء.
وتوقف التحقيق مرحلياً بانفجار مرفأ بيروت الإثنين الماضي، في 27 سبتمبر/أيلول، بعدما تبلغ المحقق العدلي القاضي طارق البيطار دعوى الردّ التي تقدَّم بها وزير الداخلية السابق والنائب نهاد المشنوق أمام محكمة الاستئناف المدنية في بيروت، وذلك لحين البتّ بالطلب.
كذلك، كان خليل وزعيتر قد تقدّما بدعوى ردّ لكفّ يد القاضي البيطار، كما فعلا مع سلفه المحقق العدلي السابق القاضي فادي صوان، وذلك بعد قرار استدعائهما إلى جلسة استجواب كمدعى عليهما بجرم الإهمال والتقصير والقصد الاحتمالي الذي أدى إلى قتل وجرح مئات الأشخاص، بيد أن محاولتهما هذه المرّة باءت بالفشل.
ويؤكد المحامي فاروق المغربي، لـ"العربي الجديد"، أنّ القاضي البيطار، وبمجرد تبلغه قرار المحكمة، يمكنه أن يستأنف التحقيق فوراً ويداوم في عمله ويستكمل جميع الإجراءات، ويحدّد مواعيد جديدة لجلسات الاستجواب.
ويشير المغربي إلى أنّ طلب وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس (صادرة بحقه مذكرة توقيف غيابية)، الذي تقدّم به أمام محكمة التمييز الجزائية لنقل الدعوى من البيطار إلى قاضٍ آخر للارتياب المشروع، لم يُبتّ به بعد، بانتظار انتهاء مرحلة التبليغات، ولكنه بكل الأحوال لا يؤدي إلى وقف التحقيق.
وعلم "العربي الجديد" أنّ القاضي البيطار يعتزم فوراً تحديد جلسات استجواب جديدة بحق المدعى عليهم، والتي كانت قد توقفت بفعل "كف يده مؤقتاً"، والمطلوب الاستماع إليهم، وسيستكمل إجراءات طلب الحصول على أذونات لملاحقة شخصيات أمنية وعسكرية.
وفي سياق متصل، وبالتزامن مع "انتصار" القاضي البيطار وأهالي الضحايا، اليوم، بفعل قرار محكمة الاستئناف، أقدم وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس على خطوة جديدة لمحاصرة المحقق العدلي تمثلت بتقديم إخبار ضدّه أمام النيابة العامة التمييزية بتهمة تزوير تواريخ بحجة أن القاضي البيطار أصدر بعض القرارات بعد تبلّغه طلب الردّ المقدم من الوزير السابق نهاد المشنوق، أي قبل أسبوعٍ منها، وطلب الحصول على إذن لملاحقة المدير العام للأمن العام عباس إبراهيم، والمدير العام لأمن الدولة، اللواء طوني صليبا.
وكان القاضي البيطار قد حدّد قبل وقف التحقيق اليوم، موعداً لاستجواب رئيس الحكومة السابق حسان دياب، الذي ما زال موجوداً في الولايات المتحدة الأميركية، كما حدد يوم 30 سبتمبر الماضي موعداً لاستجواب علي حسن خليل، والأول من أكتوبر/ تشرين الأول موعداً لاستجواب زعيتر.
واستكمل مناصرو بعض الأحزاب في لبنان، على رأسهم مناصرو "حزب الله"، هجومهم "الإلكتروني" على القاضي البيطار، وهذه المرة بكيل اتهامات له بالعمل خدمة لأجندة الولايات المتحدة الأميركية، ولا سيما بعد إشادتها بنزاهته وتعبيرها عن قلقها إزاء دور "حزب الله" في تعليق التحقيق، كما طالبت بحماية قضاة التحقيق في هذه القضية بعد الرسالة التي وصلت إلى المحقق العدلي عن طريق مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في الحزب وفيق صفا.
وهذه التطورات استدعت رسائل جديدة من رئيس المجلس التنفيذي في "حزب الله" هاشم صفي الدين، أضاءت عليها مقدمة "المنار" التابعة للحزب مساء الأحد، وقال صراحةً "إن الأميركيين أقوياء في الدولة، ونحن لحد الآن لم نخض معركة إخراج الولايات المتحدة من أجهزتها، ولكن إذا جاء اليوم المناسب وخضنا هذه المعركة سيشاهد اللبنانيون شيئاً آخر".
ونفذ أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت وقفتهم الشهرية، مساء الإثنين، أمام البوابة رقم 3 للمرفأ، حيث رفعوا صور الضحايا وشعارات تطالب بالكشف عن الحقيقة، ومحاسبة المسؤولين، وإحقاق العدالة، وترفض التدخلات السياسية المستمرّة لإفشال التحقيق.
وكرّر الأهالي دعمهم للمحقق العدلي، القاضي طارق البيطار، ووقوفهم إلى جانبه في ظلّ ما يتعرّض له من محاولات متعددة الأوجه والأساليب للإطاحة به، وقد أبدوا ترحيبهم بخطوة محكمة الاستئناف، اليوم، التي أسقطت المخطط، والذي ستليه حتماً مناورات جديدة.
وأكد الأهالي على "ضرورة الالتزام بالشعارات التي تطالب بالحقيقة والعدالة والمحاسبة من دون تسييس أو طائفية، ولا أحد يحاول أن يفرّق بيننا، فهذه الجريمة طاولت الجميع في لبنان"، وذلك رداً على محاولة أحزاب استغلال تحرّكاتهم لغايات سياسية وشعبوية.
وتوقفت ماريانا نوذوليان، في كلمتها باسم "لجنة عوائل الشهداء"، عند معاناة الجرحى والمصابين في المستشفيات، والذين يعالجون على نفقتهم الخاصة من دون أن تسأل عنهم الدولة، رغم صدور القانون رقم 196 بتاريخ 10/12/2020، الذي ينص على معالجة المصابين في انفجار مرفأ بيروت على نفقة الدولة مدى الحياة، والذي لا يطبق.
كلمة أهالي ضحايا جريمة مرفأ #بيروت#أخبار_الساحة #انفجار_بيروت pic.twitter.com/YtufbCkd7q
— أخبار الساحة (@Akhbaralsaha) October 4, 2021
وسألت ماريانا "أين تطبيق القانون؟ وهل هو فقط يطبق لحماية المجرمين والهاربين أم لحماية الجرحى والمظلومين والمتضررين؟ وهل هي إهانة للمتهمين أن يحضروا أمام المحقق العدلي؟".