محطات من خلافات وزارة الدفاع الروسية و"فاغنر" ومحاولات تقليص نفوذها

24 يونيو 2023
بريغوجين: وزير الدفاع الروسي ورئيس هيئة الأركان زودا بوتين بمعلومات خاطئة (Getty)
+ الخط -

لم يكن تفجر الصدام بين مؤسس مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين والمؤسسة الرسمية الروسية مفاجئاً، إذ أن مؤشرات الصراع تزايدت منذ العام الماضي، قبل أن تبلغ الأزمة مرحلة جديدة بتمرد بريغوجين عقب إعلانه أمس الجمعة عن تعرض مرتزقته للقصف في أوكرانيا، متهماً وزير الدفاع سيرغي شويغو بإصدار الأوامر بقصف قواته ومتوعداً بمحاسبة وزير الدفاع. 

كما ذهب بريغوجين إلى حد نقض الأساس التي تبنته روسيا في تبرير غزوها لأوكرانيا، عبر حديثه أمس الجمعة، مشيراً إلى أنه لم تكن هناك تحركات غير اعتيادية للأوكرانيين وحلف شمال الأطلسي سبقت الغزو الروسي، وأن شويغو ورئاسة الأركان زودوا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمعلومات خاطئة من أجل أن يحصل على لقب مارشال وأوسمة جديدة.

وشكّلت المعركة على سوليدار الأوكرانية، التي انتهت مطلع يناير/كانون الثاني 2023 بسيطرة القوات الروسية عليها مؤشراً على حجم الخلافات بين وزارة الدفاع الروسية ومرتزقة فاغنر، إذ اضطرت الوزارة للإشادة بدور المرتزقة في تحرير المدينة بعد تجاهل المجموعة في بادئ الأمر، ما دفع  بريغوجين إلى انتقاد وزارة الدفاع ضمنياً، عازياً التمكن من السيطرة على المدينة إلى انضباط مليشياته.

وعقب ذلك، تكررت الانتقادات التي وجهها لوزارة الدفاع وأدائها في الحرب الأوكرانية قبل أن تبدأ شكاوى المجموعة بعدم تزويدها بالسلاح من قبل وزارة الدفاع وما رافق ذلك في شهري إبريل/نيسان ومايو/أيار الماضيين من تهديد بالانسحاب من باخموت وانتقادات لوزارة الدفاع، وتحديداً وزير الدفاع ورئيس الأركان فاليري غيراسيموف قبل أن يُعلن عن حل المشكلة، لكن "التهدئة" لم تكن سوى مؤقتة، إذ سرعان ما عادت الانتقادات الموجهة من برغويين للوزارة، لكنها ترافقت هذه المرة مع خطوات عدة حاولت موسكو اتخاذها لتقليص نفوذ المرتزقة من دون أن تلقى تجاوباً من بريغوجين، بعدما تزايدت المخاوف من خروج بريغوجين عن السيطرة.

والخطوة الأبرز، تمثلت في إصدار وزير الدفاع الروسي يوم 10 يونيو/حزيران الحالي أمراً يلزم جميع تشكيلات المتطوعين الروس بتوقيع عقد مع وزارة الدفاع حتى 1 يوليو/تموز. 

الوزارة عزت مرسوم شويغو إلى أنه سيزيد من فعالية الجيش الروسي. وأوضح نائب وزير الدفاع نيكولاي بانكوف، في مؤتمر صحافي، أن مثل هذا القرار سيسمح لتشكيلات المتطوعين بالحصول على الوضع القانوني اللازم ويوسع إمكانيات تجنيد الوحدات سواء من العسكريين أو "المتطوعين". وزاد نائب الوزير بأن كل المتطوعين ستكون لديهم الفرصة لتوقيع عقود فردية مع مجموعات المتطوعين ووزارة الدفاع.

لكن رد رئيس مجموعة فاغنر لم يتأخر، ففي 11 يونيو/حزيران، رفض بريغوجين توقيع أي عقود لمقاتلي مجموعته مع الوزارة. وقال، في تعليق، إن "فاغنر" تنسق بالفعل أعمالها مع قادة وحدات القوات المسلح الروسية ووصف عمل مجموعته بالفعال للغاية، معرباً عن أسفه أن معظم الوحدات العسكرية الروسية لا تتمتع بكفاءة مقاتليه، وعزا ذلك إلى أن وزير الدفاع شويغو لا يستطيع عادة إدارة التشكيلات العسكرية.

وراهنت وزارة الدفاع الروسية يومها على أن القرار قد يشجع كثيراً من متطوعي فاغنر الجدد على توقيع عقود، وبالتالي إحداث انشقاقات في صفوف المجموعة التي بدت متماسكة، وبالتالي انحسار وجودها كمجموعة مستقلة، لكن الأمر لم يتحقق. 

وبعد ذلك، تبنى مجلس الدوما الروسي، يوم 20 يونيو/حزيران، بالقراءتين الثانية والثالثة قانوناً يمكن بموجبه إعفاء الجنود المتعاقدين والمعبئين الذين ذهبوا للقتال في أوكرانيا من المسؤولية الجنائية عن الجرائم الصغيرة ومتوسطة الخطورة، كما تبنى النواب الروس بالقراءتين الثانية والثالثة، قانونا يسمح بالتعاقد للخدمة في الجيش خلال فترة التعبئة والأحكام العرفية بالعمل مع المتهمين أو المحكوم عليهم، وتم استبعاد المدانين بارتكاب عدد من الجرائم، بما في ذلك الاغتصاب والإرهاب والتطرف والخيانة والتجسس.

وجاء اعتماد القانون أساساً لوضع إطار قانوني لإقبال وزارة الدفاع على تجنيد المحكومين بالسجن والمتهمين، ومواصلة تجنيد عدد من المقاتلين من دون الحاجة لإعلان تعبئة، كما أنه شكّل إقرارا رسمياً بنجاح تجربة "فاغنر" في تجنيد السجناء، ومثل تطوراً مهما عبر تبني الدولة تجربة مجموعة المرتزقة. وقبل اعتماد القانون رسمياً، كانت روسيا اتبعت هذه التجربة لزيادة أعداد المقاتلين في الحرب على أوكرانيا من دون اللجوء إلى التعبئة الجزئية أو العامة، وفي خريف عام 2022، رفع البرلمان الحظر المفروض على التجنيد الإجباري وتعبئة المواطنين.

المساهمون