محادثات "فتح" و"حماس" في الصين: وقت ضائع أم محاولة جادة؟

19 يوليو 2024
تظاهرة لأنصار "فتح" و"حماس" في الخليل، أكتوبر 2023 (حازم بدر/فرانس برس)
+ الخط -

من المتوقع استئناف محادثات "فتح" و"حماس" وعقد الفصائل الفلسطينية حوار المصالحة عبر جولة جديدة في العاصمة الصينية بكين بين 20 و21 يوليو/ تموز الحالي. وكان عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أحمد مجدلاني، قد كشف لـ"العربي الجديد" عن عقد حوار ثنائي بين "فتح" و"حماس" في 20 يوليو، فيما سيُعقَد في 21 يوليو اجتماع لجميع الفصائل لاستئناف حوارها المتعلق بالمصالحة وإنهاء الانقسام.

وأفادت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" بأن "الصين ضغطت على القيادة الفلسطينية باتجاه عقد اللقاء الذي طالبت فتح بتأجيله الشهر الماضي من دون سبب واضح". وقال عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة فتح عزام الأحمد، لوكالة الأناضول، إن حركته "ستشارك في لقاء الصين، ومنفتحة وجادة للوصول إلى إنهاء الانقسام". من جهته، قال القيادي في حركة حماس حسام بدران، لـ"الأناضول"، إن حركته تعاملت "بروح إيجابية ومسؤولية وطنية مع هذه الدعوة الصينية حرصاً على تحقيق وحدة وطنية".


لين وي: تعتبر بكين أن الانقسام الفلسطيني يشكل غطاء لاستمرار القتل الإسرائيلي في غزة

الدعم الصيني للمصالحة الفلسطينية

من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان، في إحاطة صحافية الثلاثاء الماضي، إن الصين ستعمل مع جميع الأطراف داخل فلسطين لتعزيز المصالحة، وإن بكين تدعم دائماً الفصائل الفلسطينية في تحقيق المصالحة والتضامن من خلال الحوار والتشاور، وتقف على استعداد لتوفير المنصات والفرص لجميع الفصائل الفلسطينية لإجراء حوار من أجل المصالحة. وأضاف أن "اتجاه جهودنا هو الاتجاه نفسه للأطراف الأخرى ذات الصلة، ونود تعزيز الاتصالات والتنسيق معهم للعمل معاً لتحقيق المصالحة الداخلية الفلسطينية". وكانت "فتح" و"حماس" قد اجتمعتا في بكين برعاية صينية في شهر إبريل/ نيسان الماضي من دون التوصل إلى حلول عملية لإنهاء الانقسام المستمر منذ حوالى 17 عاماً. كذلك بذلت دول عربية جهوداً في هذا الاتجاه لم تفلح جميعها في تقريب وجهات النظر ووضع حد للأزمة.

وذكرت صحيفة غلوبال تايمز الحكومية في الصين، أن موقف بكين بشأن العدالة في القضية الفلسطينية كان معترفاً به جيداً ومدعوماً من قبل مجموعات مختلفة داخل البلاد، وأن المصالحة الوطنية الداخلية ستساعد فلسطين على التعامل مع إسرائيل وحل الأزمة المستمرة بشكل أكثر فعالية. ونقلت "غلوبال تايمز" عن الباحث في معهد دراسات حوض البحر الأبيض المتوسط بجامعة تشجيانغ للدراسات الدولية، لي شينغ قانغ، قوله، إن الصين بصفتها مؤيداً قوياً لاستقلال فلسطين، تبنّت دائماً موقفاً موضوعياً وعادلاً ومنصفاً لحل القضية الفلسطينية، وقد حظي هذا بدعم واسع النطاق وإشادة بين الفصائل داخل فلسطين. وأشار لي إلى أن الصين ستؤدي دائماً دوراً بنّاءً في عملية حل القضية الفلسطينية بشكل أساسي وفعال، وتساهم بحكمتها في تعزيز السلام والاستقرار والتنمية والازدهار في الشرق الأوسط.

كذلك نقلت الصحيفة الصينية تعليق الأستاذ في معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة شنغهاي للدراسات الدولية، ليو تشونغ مين، على إجراء محادثات "فتح" و"حماس" إذ اعتبر أنه بسبب الانقسام بين "فتح" و"حماس" من الصعب على فلسطين التواصل مع الدول الأخرى بصوت واحد، وهذا يضيف، حسب اعتقاده، عقبات أمام إيجاد حل للأزمة المستمرة في غزة. لذا، إن المصالحة الفلسطينية الداخلية يمكن أن تكون الخطوة الأولى لجميع الأطراف، سعياً لتسوية سياسية بين فلسطين وإسرائيل.

في رده على سؤال لـ "العربي الجديد" عن جدوى وأهداف تمسك بكين بهذه اللقاءات، وخصوصاً محادثات "فتح" و"حماس" في ظل عدم وجود بوادر مصالحة حقيقية، قال الباحث في معهد جيانغ شي للدراسات السياسية، لين وي، إن سعي الصين ينطلق من موقفها الثابت من القضية الفلسطينية وإيمانها الراسخ بأن مفتاح الحل لأم القضايا في الشرق الأوسط هو تحقيق الوحدة الداخلية كخطوة أولى لتمهيد الطريق نحو بناء دولة مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وأضاف أن بكين تدرك أن استمرار الانقسام الفلسطيني بات يشكل غطاءً لاستمرار آلة القتل الإسرائيلية في قطاع غزة، فضلاً عن أنه يعوق إمكانية بلورة موقف عربي صلب وموحد في وجه المخططات الساعية لنسف القضية الفلسطينية عبر ترسيخ الانقسام وتهجير الفلسطينيين من مناطق الحكم الذاتي. وتابع لين: على الرغم من عمق الانقسام، فإن الصين تتصرف كدولة مسؤولة وتراهن على قدرتها في التأثير بالأطراف ذات الصلة، إذ تربطها علاقات قوية بجميع الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك "حماس" و"فتح"، وتعلم جيداً أنه ليس من السهل جني ثمار هذه الجهود من خلال جولة واحدة أو جولتين، نظراً لاختلاف مقاربة كل طرف لحل القضية الفلسطينية، وتفاوت وجهات النظر، وأزمة الثقة القائمة نتيجة فشل توافقات سابقة في عواصم مختلفة، ولكن تكرار ذلك ومحاولة تذليل العقبات من شأنه أن يقود في النهاية إلى نتائج إيجابية.


لي يانغ: للصين أهداف خاصة بتسويق صورتها كراعية للسلام

محادثات "فتح" و"حماس" والدور الصيني

في المقابل، أعرب الأستاذ في معهد "تسيونغ كوان" للدراسات والأبحاث (مقره هونغ كونغ)، لي يانغ، في حديث مع "العربي الجديد"، عن اعتقاده أن تصميم بكين على استضافة جولة جديدة من محادثات "فتح" و"حماس" وأيضاً بين الفصائل الفلسطينية على الرغم من فشل جميع الجولات السابقة على مدار عقد ونصف من الزمن، أشبه بمن يخض الماء على أمل الحصول على شيء آخر، وبالتالي هي محاولات عقيمة لا طائل منها، ومحكوم عليها بالفشل.

وأضاف: لا شك في أن لدى بكين أهدافاً خاصة مرتبطة بتسويق صورتها على الساحة الدولية راعيةً للسلام بعد أن فشلت في تحقيق أي اختراق في الأزمة الأوكرانية. ولفت لي إلى أن الصين كثفت جهودها في ملف المصالحة الفلسطينية وتفعيل محادثات "فتح" و"حماس" بعد نجاحها في الوساطة بين طهران والرياض في شهر مارس/ آذار 2023، على أمل تسجيل المزيد من الاختراقات وتأدية دور أكبر في حل أزمات الشرق الأوسط بما يخدم مصالحها الاستراتيجية في المنطقة. لكنه أبدى اعتقاده أن مقاربة الصين للقضية الفلسطينية وملف المصالحة تشوبها العديد من نقاط الضعف التي تحول دون قدرتها على استنساخ تجربتها في الملف السعودي الإيراني. وقال إن العقبة الأبرز في هذا الاتجاه، تجاهل الولايات المتحدة التي تملك اليد العليا في هذه القضية نتيجة تأثيرها المباشر والقوي بجميع أطراف النزاع، بما في ذلك إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

المساهمون