برر رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق، فائق زيدان، ردّ دعوى حلّ البرلمان، مؤكداً أنّ القرار لا يحتمل الاجتهاد؛ بسبب وجود نص دستوري واضح، مشدداً على أهمية إعادة النظر بصياغة مواد الدستور المعرقلة لتشكيل السلطات الدستورية والتي سببت حالة الانسداد السياسي.
وقال زيدان، في بيان أصدره، مساء اليوم السبت، إنّ "القاضي يقف أحياناً عاجزاً عن ممارسة دوره كقاض لمعالجة بعض الخروق والأخطاء ومساءلة مرتكبيها، بسبب عدم وجود نص دستوري إزاء الخرق الدستوري أو عدم وجود نص قانوني إزاء الفعل الذي يعتقد البعض أنه فعل يجب مساءلة مرتكبه ذلك".
وأكد أنّ "القاضي مقيّد بالقاعدة الدستورية المنصوص عليها في الدستور، التي تنص على (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص)، والقاعدة القانونية المنصوص عليها في قانون العقوبات التي تنص على (لا عقاب على فعل أو امتناع إلا بناء على قانون ينص على تجريمه وقت اقترافه)".
وأشار إلى أنّ "الخروقات الدستورية أو الأفعال غير المقبولة اجتماعياً وأخلاقياً لا يمكن للقاضي مساءلة مرتكبها، سواء مؤسسات أو أفراد إلا بوجود نص صريح يعاقب عليها وفق الشروط القانونية التي ينظمها النص الدستوري أو القانوني".
وأوضح "مثال على ذلك أنّ القضاء يدرك تماماً الآثار السلبية للخروقات الدستورية التي حصلت بعد الانتخابات الأخيرة، المتمثلة بعدم الالتزام بالتوقيتات الدستورية في تشكيل السلطة التنفيذية بشقيها رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء، بحسب نص المادة (66) من الدستور، ورغم وضوح هذا الخرق الدستوري إلا أنّ القضاء لم يكن قادراً على معالجة هذا الخرق أو مساءلة مرتكبيه؛ بسبب عدم وجود نص دستوري يجيز له ذلك، وهذا ما لمسناه جلياً في قرار المحكمة الاتحادية العليا بخصوص دعوى طلب حلّ مجلس النواب".
وتابع "رغم أنّ القضاء يتفق مع المدعي في تلك الدعوى واقعياً بوجود خروقات دستورية مرتكبة من قبل مجلس النواب وشخّص تلك الخروقات بشكل واضح، إلا أنّ القضاء الدستوري ردّ الدعوى بطلب حلّ مجلس النواب، لأنّ جزاء هذا الخرق (حل المجلس) أوكلته المادة (64) من الدستور إلى مجلس النواب ذاته بأن يحل المجلس بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، إما بناء على طلب من ثلث أعضائه أو طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية".
وأضاف أنّ "المحكمة الاتحادية بررت قرارها، وهي على صواب في ذلك، بأنّ اختصاصاتها محددة دستورياً بموجب المادة (93) ولا يوجد بينها صلاحية حل مجلس النواب، وإزاء وضوح هذا النص، فلا مساغ للاجتهاد بخلاف ما ورد فيه".
وشدد على أنّ "هذه الحالة وغيرها توجب إعادة النظر بصياغة مواد الدستور المعرقلة لتشكيل السلطات الدستورية، والتي سببت حالة الانسداد السياسي، وما رافقها من أحداث مؤسفة بأن يتم النص على جزاء مخالفة أي نص دستوري بنفس النص بصياغة واضحة غير قابلة للاجتهاد او التأويل".
ويأتي ذلك بعدما قضت المحكمة الاتحادية العليا، الأسبوع الماضي، برد الدعوى المرفوعة بحلّ البرلمان والمقدمة من قبل التيار الصدري، مؤكدة أنّ الحل يجب أن يكون من قبل البرلمان نفسه، وقد جاء القرار مطابقاً لرؤية تحالف "الإطار التنسيقي" الحليف لإيران، والذي يعد أحد قطبي الأزمة، والتي يمثل قطبها الثاني "التيار الصدري" بزعامة مقتدى الصدر.
يشار إلى أنّ قرار المحكمة الاتحادية، الذي صدر عقب الانتخابات الأخيرة في أكتوبر/تشرين الأول 2021، والذي نصّ على أن يكون نصاب جلسة اختيار رئيس الجمهورية من ثلثي أعضاء البرلمان (220 نائباً من أصل 329)، سبب رئيسي بأزمة تشكيل الحكومة، إذ لم يستطع التيار الصدري الفائز الأول بالانتخابات، وتحالفه الثلاثي من إكمال نصاب الجلسة، ما دفع زعيم التيار مقتدى الصدر لاحقاً لتوجيه نوابه لتقديم استقالاتهم من البرلمان، كما أنّ تحالف "الإطار التنسيقي" لا يستطيع اليوم أيضاً إكمال النصاب، الأمر الذي ينذر بإطالة أمد الأزمة في البلاد.