مجزرة داريا.. وحشية النظام السوري مطبوعة في أذهان الناجين

23 اغسطس 2024
قوات النظام السوري بمدينة درعا بسورية، 12 سبتمبر 2021 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في 20 أغسطس 2012، شنت قوات النظام السوري بقيادة ماهر الأسد، بدعم من حزب الله ومليشيات إيرانية، هجوماً على داريا، مما أسفر عن مقتل أكثر من 700 شخص.
- استخدمت القوات القصف المكثف تلاه اقتحام المدينة، ونفذت عمليات إعدام ميداني وحرق جثث، مما أدى إلى نزوح جماعي لآلاف العائلات.
- الناجون وصفوا المشاهد بأنها مروعة، وأكد مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن النظام ارتكب عشرات المجازر في ريف دمشق منذ 2011.

مرّ اثنا عشر عاماً على مجزرة داريا الواقعة في محافظة ريف دمشق جنوب سورية، ضمن المنطقة التي تُعرف بالغوطة الغربية، والتي استمرت لأيام، وهي واحدة من أبشع المجازر التي ارتكبها النظام السوري، وضلعت فيها المليشيات الموالية له، حيث مارست فيها القوات المهاجمة أقسى أنواع الوحشية ضد المدينة التي كانت من بين أولى المدن المنتفضة سلمياً ضد النظام السوري.

بدأت المجزرة بحملة عسكرية لقوات النظام على المدينة، في 20 أغسطس/ آب 2012، وبلغت ذروتها ما بين 24 و26 من الشهر ذاته، وشاركت فيها قوات من الفرقة الرابعة في جيش النظام التي يقودها ماهر الأسد، إلى جانب لقوات من الحرس الجمهوري، والمخابرات الجوية، ومجموعات من "الشبيحة" بدعم من حزب الله اللبناني ومليشيات إيرانية. وتم الهجوم الممنهج ضد السكان المدنيين في داريا في الفترة ما بين 20 و26 أغسطس/ آب، وفقاً لما وثق المجلس السوري البريطاني في تقرير له عن المجزرة تحت عنوان "داريا بعد عقد من الزمن: توثيق مجزرة" صدر عام 2022. وأكد التقرير مقتل أكثر من 700 شخص، بينهم 514 شخصاً لم يتم التعرف إلى هوياتهم، ضمنهم ما لا يقل عن 36 امرأة و63 طفلاً.

ووفق تقارير صدرت عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان، اتبعت القوات المهاجمة للمدينة أسلوب القصف المكثف بداية، تلاه عمليات اقتحام لجيش النظام، مصحوباً بمجموعات من قوى الأمن والشبيحة، حيث نفذت هذه المجموعات عمليات إعدام ميداني بحق المدنيين، إذ عُثر على جثث القتلى في الشوارع والمساجد. كما أشارت التقارير إلى إعدام عائلات بأكملها وإحراق الجثث. وسبّبت مجزرة داريا نزوحاً جماعياً لآلاف العائلات من المدينة.

والمجزرة بدأت يوم الجمعة وانتهت يوم الخميس، وفقاً لما بيّن الناشط مصطفى الديراني في منشور له على موقع فيسبوك، قال فيه: "قبل 12 سنة، كان دخول قوات الأسد ومليشيات إيران إلى المدينة.. ولكن قبل دخول المدينة تم قصف المدينة بالمدفعية الثقيلة والرشاشات وراجمات الصواريخ". وتابع "ساد صمت كبير في المنطقة، ولم نسمع سوى أصوات الشبيحة وصراخ النساء والأطفال، ورائحة الدماء في كل مكان من المدينة. وارتكبت المجزرة التي راح ضحيتها أكثر من 1500 شخص بين شباب وأطفال ونساء، وبين مفقود وشهيد ومعتقل.

وتحدث عبد المجيد جمال الدين، أحد الناجين من مجزرة داريا لـ"العربي الجديد"، عن بشاعة ما شهده حينها، وقال في شهادته: "مشاهد المجزرة هي أصعب لحظات حياتي، فقد غمرت داريا بالدماء، رائحة الدم في كل مكان، جثث في المساجد والشوارع والبيوت، كانت المشاهد قاسية، ترى عوائل بأكملها قتلت، أو جثة امرأة وحولها أطفالها، أو أماً تبكي أطفالها". ومن الشهود على المجزرة ماهر الشامي، الذي قال لـ"العربي الجديد": "كان ذلك اليوم قاسياً، ولم أستطع تصديق ما حصل، لقد خسرت الكثير من الأشخاص من عائلتي وأصدقائي، كان المشهد مهولاً، والناس لم يتمكنوا من استيعاب ما حدث إلى الآن".

وقال مدير الشبكة فضل عبد الغني، في حديث سابق مع "العربي الجديد"، إن النظام "ارتكب عشرات المجازر في ريف دمشق منذ عام 2011"، مشيراً إلى أن "هذه الجرائم تفضح حقيقة هذا النظام وبشاعته وانحطاطه، وممارساته التي تعود إلى العهود المظلمة، ومن ثم لا يوجد أي شكل من أشكال التعايش معه على الإطلاق". ويحيي مهجرو مدينة داريا إلى جانب مهجرين من مدن أخرى، ذكرى المجزرة في الشمال السوري منذ وصولهم المنطقة بعد التهجير القسري لهم من المدينة في عام 2016، عقب حصار مكثف وقصف صاروخي ومدفعي، تزامناً مع قصف الطيران المروحي للمدينة بأكثر من 7 آلاف برميل متفجر.