أثارت مجزرة حي الشجاعية التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي، اليوم الأحد، في قطاع غزة وأسفرت عن استشهاد ستين فلسطينياً فضلاً عن اصابة العشرات، ردود فعل عربية ودولية منددة، وسط دعوات لملاحقة قادة الاحتلال بتهم ارتكاب جرائم حرب.
في المقابل التزمت الولايات المتحدة، بسياسة تبرير العدوان وجرائمه، بينما كثّف رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، من ظهوره الإعلامي، على قنوات التلفزة الغربية، بعد ساعات من المجزرة في محاولة لتبريها، وإلقاء المسؤولية على حركة "حماس".
واعتمد نتنياهو عبر سلسلة من المقابلات التي أجراها مع وسائل الإعلام الأجنبية، في تبرير المجرزة على المبادرة المصرية، وترديد مقولة إن إسرائيل وافقت على المبادرة لوقف إطلاق النار، لكن حركة "حماس"، هي التي رفضت.
وكعادته، حمل نتنياهو، في مقابلة مع شبكة "سي إن إن"، حركة "حماس" المسؤولية عن المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال، زاعماً أن الاحتلال سيواصل "نشاطه العسكري إلى حين استعادة الهدوء لسكان إسرائيل، ولن نتوقف قبل إكمال معالجة أمر الأنفاق".
وقال نتنياهو بعنجهية واضحة، إن "المقاومة الفلسطينية تريد أن يرى العالم أكوام الجثث في الشوارع لأغراض الدعاية ضد إسرائيل"، مضيفاً "اننا نوجه نيراننا إلى بؤر الإرهلب، وسبق أن طلبنا من السكان المدنيين مغادرة بيوتهم بكل الطرق، لكن (حماس) أمرتهم بالبقاء لاستغلالهم كدروع بشرية".
وفي مقابلة أخرى مع "بي بي سي"، دعا نتنياهو، أهالي القطاع لمغادرة بيوتهم بادعاء أن "حماس" تريد موتهم، بينما تسعى إسرائيل لضمان أمنهم، في حين قال في مقابلة مماثلة مع وكالة "ايه بي سي" الأميركية، "بعد أن نحقق هدوءاً طويل الأمد، سنعمل مع المجتمع الدولي من أجل جعل غزة منزوعة السلاح".
وفي واشنطن، استعار وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، حديث نتنياهو لمحطات التلفزة الأميركية والبريطانية، ليأتي بموقف أميركي نسخة طبق الأصل عن حديث نتنياهو. فقد ألقى كيري في حديث مع تلفزيون "اي بي سي"، باللوم على حركة "حماس"، في "استمرار النزاع في قطاع غزة"، حسبما ذكرت وكالة "فرانس برس".
وقال إن "حماس" رفضت بتعنت جهود وقف النزاع "برغم ان مصر وآخرين دعوا إلى وقف إطلاق النار"، مضيفاً أن "حماس" تسببت بذلك في "مزيد من التحركات" من قبل الإسرائيليين لوقف إطلاق الصواريخ من القطاع على جنوب إسرائيل.
وأشار إلى أن "الحرب بشعة بالتاكيد، وأمور سيئة ستحدث، ولكن عليهم أن يدركوا مسؤوليتهم"، في إشارة إلى "حماس"، داعياً الحركة "للتحلي بالمسؤولية والقبول بوقف إطلاق نار دون شروط".
وأوضح كيري أنه يعتزم لقاء الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الذي سيتوجه إلى الشرق الأوسط للمشاركة في جهود التوصل إلى هدنة بين "حماس"، وإسرائيل.
وادعى أن "اسرائيل محاصرة من قبل منظمة ارهابية ارتأت حفر أنفاق وعبورها مزودة بأصفاد ومستعدة لمحاولة القبض على مواطنين إسرائيليين واقتيادهم رهائن"، مضيفاً أنه "لا يمكن لأي بلد أن يقف مكتوف الأيدي وألا يتخذ خطوات لمحاولة التعامل مع أشخاص يطلقون آلاف الصواريخ عليه".
في المقابل، نددت حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية في بيان لها، اليوم الأحد، بـالمجزرة الإسرائيلية في حي الشجاعية، ووصفت ما حصل بأنه "جريمة حرب" تستدعي التدخل الدولي العاجل، وفقاً لوكالة "فرانس برس".
وجددت الحكومة الفلسطينية، "مطالبتها للمجتمع الدولي للتحرك بسرعة لوقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني".
كما دانت الرئاسة الفلسطينية في بيان مماثل "المجزرة الجديدة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية". وطالب المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة، "الحكومة الاسرائيلية بوقف العدوان على القطاع فوراً وحذرها من استمراره".
وفي القاهرة، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، في بيان له، أن ما تعرض له حي الشجاعية هو بمثابة "جريمة حرب بحق المدنيين الفلسطينيين، وتصعيد خطير للأوضاع ينذر بأفدح العواقب"، حسبما ذكرت "فرانس برس".
ودعا العربي إلى "الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين الفلسطينيين"، مؤكداً أن "إسرائيل تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة الرهيبة".
بدوره دان المرشح الرئاسي السابق، ومؤسس التيار الشعبي، حمدين صباحي، في بيان مماثل "التصعيد الصهيوني في القطاع"، مؤكداً أن "ما يجري من عدوان على غزة هو عدوان على كل فلسطين، وعدوان على مصر، وعلى الأمة العربية كلها".
وفي أنقرة، قال رئيس الحكومة التركية، رجب طيب أردوغان، اليوم الأحد، إن على الولايات المتحدة، ان "تنتقد نفسها" بعدما وصفت تصريحاته بشأن الهجوم الاسرائيلي على غزة بانها "مسيئة".
وأضاف "إذا كانت أميركا لا تزال تقول إن إسرائيل تستخدم حقها في الدفاع عن النفس، فإن أميركا هي التي عليها أن تنتقد نفسها"، وصعد أردوغان، انتقاداته للعملية العسكرية في القطاع، واتهم إسرائيل بالقيام بـ "إرهاب الدولة" و"إبادة" الفلسطينيين.
كما أكدت منظمة التعاون الإسلامي، أن ما حدث من اعتداءات إسرائيلية، في حي الشجاعية، "مجزرة تؤكد حرب الإبادة التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين"، وفقاً لما ذكرته وكالة "الأناضول".
وقال الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والقدس، في منظمة التعاون الإسلامي، سمير بكر ذياب، في بيان له، إن "إسرائيل تسعى من وراء ذلك كله، إلى كسر الإرادة الفلسطينية، في استمرار واضح لسياسة العقوبات الجماعية التي بدأت بالحصار الإسرائيلي، وتتجلى اليوم بقصف المنازل وقتل النساء والأطفال".
ودعا إلى "ملاحقة أعضاء الحكومة الإسرائيلية في محكمة العدل الدولية بتهم اقتراف جرائم حرب"، معتبرا أن "المجتمع الدولي يجب أن يضع حداً لهذه العنجهية الإسرائيلية".
وفي الخرطوم، ناشد حزب المؤتمر الشعبي السوداني المعارض بزعامة، حسن الترابي، الدول العربية والإسلامية لدعم المقاومة الفلسطينية في غزة بالجيوش والسلاح، وأعلن عن موقفه الداعم للمقاومة.
وكان نائب الأمين العام "للمؤتمر الشعبي"، إبراهيم السنوسي، دان في مؤتمر صحافي في الخرطوم، ما أسماه "تخاذل بعض الشعوب العربية عن مساندة غزة"، مشدداً على "أهمية استمرار المعارك في مواجهة الكيان الصهيوني وإزالته من على الخارطة".
وحمل السنوسي، "الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي مسؤولية الحرب الدائرة في القطاع"، مؤكداً أن "التآمر على غزة بدأ مع وصول السيسي للسلطة وإغلاق معبر رفح".
(شارك في التغطية: نضال محمد وتد، علوية مختار، وفاء إدريس)