ما وراء قرارات النظام السوري حول الاستدعاء والاحتفاظ بقواته

05 أكتوبر 2024
عناصر من قوات النظام السوري في درعا البلد، 12 سبتمبر 2021 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أصدرت القيادة العامة لقوات النظام السوري قراراً بإنهاء استدعاء واحتفاظ فئات معينة من الضباط والأفراد الاحتياطيين اعتباراً من نوفمبر 2024، بعد فتح باب التطوع بعقود طويلة الأمد.
- يعتقد المحللون أن القرار يأتي بتوجيهات روسية وإيرانية، حيث تسعى روسيا لتسريح الاحتياطيات، بينما ترغب إيران في تقليل عدد الجيش لصالح ميليشياتها، مع محاولة النظام تشكيل جيش محترف.
- منذ 2011، تعرض الجيش السوري لاستنزاف كبير، ورغم توقف العمليات الكبرى منذ 2020، يواجه النظام تحديات من "داعش" ولا يستطيع تغيير الوضع في شمال شرقي البلاد.

أصدرت القيادة العامة لقوات النظام السوري أمراً إدارياً جديداً يُنهي استدعاء فئات معيّنة إلى الخدمة في صفوف قواته، ويُنهي الاحتفاظ بفئات أخرى، في خطوة تأتي بعدما فتح في العاشر من سبتمبر/أيلول الماضي باب التطوع مجدداً في صفوف قواته، باستحقاقات مالية وميزات إضافية، وفق عقود تمتد لخمس سنوات وعشر سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة بناءً على رغبة المتطوع وموافقة القيادة العامة، مشترطة ألا يتجاوز عمر المتطوع 32 عاماً.

وذكرت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري اليوم السبت أن القيادة العامة لقوات النظام أمراً إدارياً "يقضي بإنهاء استدعاء الضباط الاحتياطيين، وإنهاء الاحتفاظ والاستدعاء لصف الضباط والأفراد الاحتياطيين اعتباراً من مطلع الشهر القادم". وفصّلت أن الأمر "يُنهى استدعاء الضباط الاحتياطيين (المدعوين الملتحقين) اعتباراً من تاريخ 1/11/2024 لكل من يتم سنة وأكثر خدمة احتياطية فعلية حتى تاريخ 31/10/2024 ضمناً"، و"يُنهى الاحتفاظ والاستدعاء لصف الضباط والأفراد الاحتياطيين (المُحتفظ بهم، والمدعوين الملتحقين) اعتباراً من تاريخ 1/11/2024 لكل من يتم خمس سنوات وأكثر خدمة احتياطية فعلية حتى تاريخ 31/10/2024 ضمناً"، وفق الوكالة.

يُضاف هذا القرار إلى سلسلة قرارات مماثلة صدرت خلال العام الجاري، أنهى النظام السوري بموجبها الاستدعاء والاحتفاظ لضباطٍ وضباطِ صف وأفراد احتياطيين، وفق معايير محددة. ودفعت الخدمة في قوات النظام من دون سقف زمني واضح، عشرات آلاف الشباب السوريين إلى الهجرة إلى بلدان عربية وغربية، تجنباً لأداء الخدمة الإلزامية في هذه القوات. وكانت وكالة "سانا" قد نقلت في يونيو/حزيران الفائت عن المدير العام للإدارة العامة في وزارة الدفاع في حكومة النظام، اللواء أحمد يوسف سليمان، قوله إن "جميع القوانين والقرارات تصب في مصلحة الوصول إلى جيش متطور يعتمد على المتطوعين". كما أشار إلى أن الوزارة ستتابع تسريح عشرات الآلاف من الملتحقين بالخدمة الإلزامية والاحتياطية على مراحل خلال عامي 2024 و2025.

تعليقاً على قرار إنهاء الاستدعاء والاحتفاظ لفئات معينة في قوات النظام، رأى العقيد مصطفى البكور (ضابط منشق عن قوات النظام) في حديث مع "العربي الجديد" أن القرار يشي أن "هنالك تطمينات أو تعليمات روسية بتسريح الاحتياط والتوقف عن استدعاء المزيد". وتابع: "كما أن إيران تريد تخفيض عديد الجيش السوري لصالح الميليشيات التابعة لها في البلاد، خاصة بعد ظهور بوادر تذمر لدى كبار الضباط في الجيش من سيطرة الميليشيات الإيرانية على القطاع العسكري وسوء تعاملهم مع ضباط وعناصر الجيش".

من جهته، رأى الطيار المنشق عن قوات النظام يوسف حمود في حديث مع "العربي الجديد" محاولة النظام السوري تشكيل "جيش محترف" من المتطوعين "ربما للتقوقع مستقبلاً في منطقة الساحل"، مضيفاً: "ربما ينجح في تشكيل هذا الجيش، خاصة أنه ينفذ ما يُطلب منه بالكامل من دون تردد، بما يتعلق بالصراع الموجود حالياً في المنطقة".

وكان النظام السوري برئاسة بشار الأسد قد زج بالجيش في مواجهة الثورة التي خرجت ضده في ربيع عام 2011 مطالبة بتغيير سياسي عميق في البلاد، وهو ما أدى الى استنزافه إلى حد بعيد، وانشقاق ومقتل وإصابة عدد كبير من ضباطه وضباط الصف والعناصر سواء من المتطوعين أو الملزمين بالخدمة. وتعرض جيش النظام السوري للهزيمة رغم الوحشية المفرطة التي واجه بها المناطق التي شهدت احتجاجات شعبية، وارتكاب المجازر، أمام فصائل المعارضة، أو كاد في عام 2013 ما دفعه للاستعانة بحزب الله اللبناني وميلشيات إيرانية، باتت اليوم تسيطر على مواقع جغرافية واسعة في البلاد.

كما تعرض في عام 2015 لضربات متلاحقة من قبل الفصائل المعارضة وخاصة في الشمال الغربي من البلاد، وفي مناطق ساحلية ما شكّل تهديداً وشيكاً له، وهو ما دفعه للاستعانة بالجانب الروسي الذي تدخل بشكل معلن في سبتمبر/أيلول 2015 فغيّر مجمل المعادلات العسكرية في الصراع. ومنذ عام 2020 توقفت عملياً العمليات العسكرية على الأرض بين قوات النظام وفصائل المعارضة في شمال البلاد، بموجب تفاهمات روسية تركية، ثبّتت وقف إطلاق للنار على الأرض.

ولم تخض تلك القوات أي معارك منذ ذلك الحين، ما عدا القصف الصاروخي والمدفعي وبالمسيّرات الذي يستهدف عادة المدنيين في أرياف إدلب. وتقف قوات النظام وحلفائه عاجزة أمام تنظيم "داعش" في البادية السورية، بل تتلقى بين وقت وآخر ضربات من التنظيم الإرهابي. كما لا يمكن لها تغيير المعادلة العسكرية على الأرض في شمال شرقي سورية الذي يقع تحت سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) والتي كما يبدو لا تكترث كثيراً بقوات النظام في ظل الدعم الذي تحظى به من قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الموجودة في المنطقة.

المساهمون