ما مصير عمليات الإجلاء بعد اكتمال الانسحاب الأميركي وسيطرة "طالبان"؟

31 اغسطس 2021
تمّ إجلاء أكثر من 123 ألف شخص من كابول(Getty)
+ الخط -

أتمّت الولايات المتحدة سحب قواتها من أفغانستان، أمس الاثنين، منهية حرباً دامت 20 عاماً، وتُوجت بعودة حركة "طالبان" إلى السلطة. واضطرت واشنطن وشركاؤها في حلف شمال الأطلسي إلى خروج وُصف بـ"المذل والمتعجل" من أفغانستان. وفي أعقاب عمليات إجلاء جوي ضخمة وفوضوية على مدى الأسبوعين الماضيين، يخلف هؤلاء وراءهم آلاف الأفغان الذين ساعدوا الدول الغربية، وربما كانوا مؤهلين للإجلاء، إلى جانب بعض الأجانب الذين يبدو أنهم ما زالوا عالقين، ما يطرح علامات استفهام حول مصير عمليات الإجلاء، بعد سيطرة حركة "طالبان" على مطار كابول.

وفرّ الآلاف من الأفغان بالفعل خشية انتقام "طالبان". ونقلت الولايات المتحدة، وحلفاؤها، على مدى أسبوعين، أكثر من 123 ألفاً من كابول، في إجلاء جوي اتّسم بالفوضى. لكن عشرات الآلاف ممن ساعدوا الدول الغربية خلال الحرب ظلوا في البلاد، بحسب ما أوردت وكالة "رويترز".

وأمس الاثنين، أُطلقت أعيرة نارية في سماء كابول احتفالاً، بعد إتمام انسحاب الولايات المتحدة الذي أنهى أطول حرب أميركية.

وأرادت مجموعة من الأميركيين، قدّر وزير الخارجية أنتوني بلينكن أنها تقلّ عن 200 وربما أقرب إلى المائة، المغادرة، لكنها لم تتمكّن من استقلال الرحلات الجوية الأخيرة.

ودافع الرئيس الأميركي جو بايدن، في بيان، عن قراره التزام الموعد النهائي الذي ينقضي اليوم الثلاثاء لسحب القوات الأميركية، على الرغم من أنّ ذلك لا يعني أن كل من أراد الخروج أمكنه ذلك.

وقال إنّ العالم سيحمّل حركة "طالبان" مسؤولية تعهدها بتوفير ممر آمن لمن يريدون مغادرة أفغانستان.

وأضاف موجهاً الشكر إلى الجيش الأميركي لاضطلاعه بعملية الإجلاء الخطيرة: "الآن، وصل وجودنا العسكري الذي استمر 20 عاماً في أفغانستان إلى نهايته". ويعتزم توجيه كلمة إلى الشعب الأميركي، بعد ظهر اليوم الثلاثاء بتوقيت الولايات المتحدة.

وأثار بايدن انتقادات شديدة من الجمهوريين ومن بعض رفاقه الديمقراطيين بسبب أسلوب تعامله مع الوضع في أفغانستان منذ استيلاء "طالبان" على كابول هذا الشهر بعد تقدم خاطف.

وقال بايدن إنّ الولايات المتحدة حققت منذ فترة طويلة الأهداف التي حددتها، وهي إطاحة "طالبان" عام 2001 لإيوائها متشددي تنظيم "القاعدة" الذين دبروا هجمات 11 سبتمبر/أيلول على الولايات المتحدة.

وأودى الصراع الذي دام 20 عاماً بحياة نحو 2500 جندي أميركي وقرابة 240 ألف أفغاني وتكلف زهاء تريليوني دولار.

ولم يوافق سوى 38% من الأميركيين على طريقة تعامل بايدن مع الانسحاب من أفغانستان، بينما رفضها 51%، وفقاً لاستطلاع رأي أجرته "رويترز/ إبسوس"، يوم الاثنين. وأراد ثلاثة أرباع المستطلعة آراؤهم بقاء القوات الأميركية في أفغانستان إلى حين خروج جميع المدنيين الأميركيين.

وقال الجنرال فرانك ماكنزي، قائد القيادة المركزية الأميركية، في إفادة صحافية بوزارة الدفاع (البنتاغون)، إنّ آخر رحلة على متن طائرة "سي-17" أقلّت السفير الأميركي في أفغانستان روس ويلسون. وأضاف: "جميع العسكريين الأميركيين خرجوا من أفغانستان الآن. يمكنني قول ذلك بيقين تام".

وذكر دبلوماسيان أميركيان، لوكالة "رويترز"، أنّ الموظفين الدبلوماسيين "الأساسيين" كانوا ضمن ستة آلاف أميركي غادروا.

وقال ماكنزي للصحافيين: "هناك قدر كبير من الحزن المرتبط بهذا الرحيل. لم نخرج كل من كنا نريد إخراجه. لكنني أعتقد أنه إذا بقينا عشرة أيام أخرى، ما كنا سنخرج الجميع".

وأبدى بلينكن استعداد الولايات المتحدة للعمل مع حكومة "طالبان" الجديدة إذا لم تعمد إلى الانتقام من خصومها في أفغانستان.

وقال: "طالبان تلتمس شرعية ودعماً دوليين. موقفنا أنّ أي شرعية ودعم يجب أن يُكتسبا".

وقالت إدارة الطيران الفدرالية الأميركية إنّ مطار كابول لم تعد فيه خدمات مراقبة للحركة الجوية الآن مع انسحاب الجيش الأميركي، وإنّ الطائرات المدنية الأميركية ممنوعة من التحليق في أجواء ذلك البلد ما لم تحصل على تصريح مسبق.

وكانت الإدارة قد أعلنت في 18 أغسطس/آب أنّ شركات الطيران والطيارين المدنيين الأميركيين يمكن أن يتوجهوا إلى كابول للقيام برحلات إجلاء أو إغاثة بموافقة مسبقة من وزارة الدفاع الأميركية. وساعدت شركات الطيران الأميركية في نقل آلاف الأشخاص الذين جرى إجلاؤهم هذا الشهر، لكنها قامت برحلات جوية من مطارات خارج أفغانستان.

في المقابل، طمأن نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "طالبان"، الملا شير محمد عباس ستانيكزاي، الجمعة، إلى أنّ الأفغان الذين يحملون وثائق سليمة سيكون بمقدورهم السفر في أي وقت في المستقبل، وذلك في كلمة متلفزة جاءت بهدف تبديد المخاوف من اعتزام الحركة تشديد القيود على الحريات.

وأضاف: "ستُفتح الحدود الأفغانية، وسيتمكن الناس من السفر في أي وقت من أفغانستان وإليها".

وقد رحّبت واشنطن، السبت، بموقف "طالبان" هذا حيال عملية إجلاء الأفغان من أفغانستان، وقال المبعوث الأميركي الخاص إلى أفغانستان زلماي خليل زاد، في سلسلة تغريدات على "تويتر"، إنّ تصريح عباس ستانيكزاي خطوة إيجابية، وإنّ الولايات المتحدة الأميركية وحلفاءها يساعدون "طالبان" في تنفيذ ما تعهدت به.

وقالت معظم الدول المتحالفة، التي يزيد عددها على 20 دولة وشاركت في نقل مواطنيها والأفغان جوّاً من كابول، إنها أكملت عمليات الإجلاء بحلول يوم الجمعة. وقالت بريطانيا، التي شاركت من كثب في الحرب منذ البداية، يوم السبت، إنها انتهت من عمليات الإجلاء وسحبت آخر جنودها.

بدورها، قالت وزارة الدفاع اليابانية، اليوم الثلاثاء، إنّ وزير الدفاع نوبو كيشي أمر بإنهاء عملية إجلاء مواطني اليابان وغيرهم من أفغانستان، التي تنفذها قوات الدفاع الذاتي. وأرسلت اليابان في الأسبوع الماضي ثلاث طائرات نقل عسكرية وطائرة ركاب تملكها الحكومة للقيام بالمهمة.

من جهته، قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، اليوم الثلاثاء، إنّ بلاده ستنتظر تشكيل "طالبان" لحكومة جديدة، لترى إذا ما كانت الحركة ستنفذ تعهدها بالسماح للمدنيين بمغادرة أفغانستان على رحلات طيران من مطار كابول. 

وقال ماس، في مؤتمر صحافي في إسلام أباد، مع نظيره الباكستاني شاه محمود قرشي، إنّ "طالبان وعدت، لكن في الأيام والأسابيع المقبلة سنعرف ما إذا كان بإمكاننا أن نعوّل على ذلك".

وأضاف: "طالبان تريد تشكيل حكومة جديدة، وسيعطينا ذلك إشارة إلى ما إذا كانت ستفي بمطلبنا بأن تكون ممثلة للجميع".

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

وفيما سعت "طالبان" إلى إظهار وجه أكثر اعتدالاً للعالم ومحو ذكريات الحكم المتشدد الذي مارسته في التسعينيات، أظهرت استماتة الكثير من الأفغان في الفرار من البلاد مدى الخوف الذي أثارته الحركة في النفوس.

ويواجه السكان خارج المدن ما وصفه مسؤولو الأمم المتحدة بالوضع الإنساني الكارثي الذي تفاقم بسبب الجفاف الشديد. وتقول مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين إنّ ما يصل إلى نصف مليون أفغاني قد يفرون من وطنهم بحلول نهاية العام.

المساهمون