مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني... مظلة لتنصيب شي زعيماً مطلقاً

03 سبتمبر 2022
سيتم تمديد ولاية شي لفترة ثالثة (نويل ساليس/فرانس برس)
+ الخط -

تتجه الأنظار في 16 أكتوبر/تشرين الأول المقبل نحو قاعة الشعب الكبرى في العاصمة بكين، حيث سيجتمع أكثر من ألفي مندوب من جميع أنحاء البلاد، للمشاركة في أعمال المؤتمر العام للحزب الشيوعي الصيني، الذي يعقد مرة كل خمس سنوات.

ومن المتوقع أن يشهد المؤتمر المصادقة على تمديد ولاية الرئيس شي جين بينغ، لفترة ثالثة، في سابقة لم تحدث منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية في 1949.


على خلاف الدورات السابقة، التي كانت تعقد في نوفمبر/تشرين الثاني، يعقد المؤتمر مبكراً هذا العام

وعلى خلاف الدورات السابقة، التي كانت تعقد في نوفمبر/تشرين الثاني، يعقد المؤتمر مبكراً هذا العام، في خطوة فسرها مراقبون بأنها تهدف إلى منح شي جين بينغ وقتاً للتحضير للقمم الدولية المقبلة، مثل اجتماع مجموعة العشرين المقرر عقده في بالي في نوفمبر المقبل.

وعادة ما تميل بكين إلى الإعلان عن تاريخ الأحداث السياسية الرئيسية قبل وقت قصير من حدوثها لعدم ترك مجال للشائعات السياسية. غير أن هذه المرة جاء الإعلان مبكراً أيضاً، قبل 47 يوماً من موعد انعقاد المؤتمر، ما يشير، حسب خبراء، إلى أن معظم المفاوضات المغلقة بشأن المناصب الرئيسية قد انتهت، وأن التحضير للحدث قد جرى بسلاسة على الرغم من التحديات المحلية والدولية.

وحسب بروتوكول الحزب، فإن القرارات المهمة عادة ما يتم اتخاذها قبل المؤتمر العام، والذي يعد، إلى حد كبير، مناسبة رسمية لإضفاء الشرعية على تلك القرارات وإيصالها إلى المندوبين.

مراجعة إنجازات الحزب الشيوعي

ومن المقرر أن يشهد المؤتمر مراجعة إنجازات الحزب خلال الخمس سنوات الماضية، بالإضافة إلى تقييم الوضع الدولي الراهن وتحديد اتجاهات الصين على الصعيدين الدولي والإقليمي.

كما سيتم خلال المؤتمر، حسب ما ذكرت وكالة الأنباء الصينية أخيراً، تحديد من سيشغل المناصب الحزبية الرئيسية، بما في ذلك منصب الأمين العام للحزب الذي يشغله شي جين بينغ، وتشكيل الهيئات الحزبية العليا، وكذلك اللجنة العسكرية.

أيضاً سيتم تسمية مناصب الحكومة المركزية، بما في ذلك رئيس الوزراء الذي يشغله حالياً لي كه تشيانغ، وأعضاء مجلس النواب. غير أن المصادقة على التعيينات الجديدة ستتم في مارس/آذار المقبل، خلال انعقاد الدورة السنوية للبرلمان، أعلى هيئة تشريعية في البلاد.

كما سيصادق المجتمعون على قائمة جديدة لأعضاء اللجنة المركزية، وهي الهيئة القيادية العليا للحزب الشيوعي، المكونة من أكثر من 300 عضو، بالإضافة إلى تحديد من سيحصل على مقاعد المكتب السياسي، المكون من 25 عضواً، ولجنته الدائمة التي تضم سبعة أعضاء.

تحديات جمة تنتظر قادة "الشيوعي"

ورداً على سؤال لـ"العربي الجديد" حول أهمية المؤتمر المقبل، وأبرز التحديات التي تنتظر قادة الحزب الشيوعي، قال أستاذ العلوم السياسية السابق في جامعة خنان، لاو بينغ، إن أهمية المؤتمر تكمن في أنه الاجتماع الأول لقادة وأعضاء الحزب منذ بداية جائحة كورونا التي عصفت بالبلاد قبل أكثر من عامين.

وأشار إلى أنه يأتي أيضاً في وقت تشهد فيه علاقات الصين مع الولايات المتحدة وحلفائها توترات شديدة، تتخللها تحركات عسكرية صاخبة في مضيق تايوان، بلغت ذروتها في أعقاب زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى الجزيرة في أغسطس/آب الماضي.


لاو بينغ: يأتي المؤتمر في وقت تشهد فيه علاقات الصين مع الولايات المتحدة وحلفائها توترات شديدة

أما بالنسبة للتحديات، فقد أشار لاو بينغ إلى أن هناك تحديات جمة لا يمكن حصرها. فعلى الصعيد المحلي، ستكون القيادة أمام اختبار حقيقي بشأن كيفية إدارة الأزمة التي تسبب بها فيروس كورونا، خصوصاً بعد التذمر الشعبي من الإجراءات المشددة في إطار سياسة "صفر كوفيد" الصارمة التي لم تنجح حتى الآن في فرض السيطرة على الوباء، فضلاً عن الأضرار التي لحقت بالاقتصاد وانعكاسات ذلك حياة الناس.

وذكر أن من التحديات أزمة البطالة والخطر الديمغرافي بسبب نقص المواليد وعزوف الشباب عن الزواج والإنجاب، وهي مشكلات خطيرة تستدعي اتخاذ قرارات عاجلة ومصيرية.

أما على الصعيد الدولي، فقال لاو بينغ إنه لربما يكون ملف استعادة تايوان هو الأبرز في ظل التطورات الأخيرة، وقد تكون الصين حسمت بالفعل أمرها فيما يتعلق بالتعامل مع هذه المسألة، وقد نشهد تغييراً في مسارات الأزمة على المستويين السياسي والعسكري بعد تنصيب القيادة الجديدة للحزب.

وتابع أن هناك أيضاً تساؤلات هامة مطروحة، بشأن كيفية تحقيق التوازن بين سعي بكين إلى بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية، وهو مصطلح صُمم خلال فترة ولاية شي جين بينغ الأولى، ليشمل طموحات الصين الدبلوماسية وجهودها لتعزيز العلاقات الدولية، وبين الصدام مع الغرب، وفي مقدمته الولايات المتحدة. وهل ستستمر البلاد في اتخاذ مسار تصادمي، أم ستجد صيغة للتوافق بما يخدم مصالحها وأجندتها الدولية؟

المؤتمر مظلة لتنصيب شي زعيماً مطلقاً

من جانبه، استبعد الباحث في معهد تسيونغ كوان للدراسات والأبحاث في هونغ كونغ، تشو يونغ، في حديث مع "العربي الجديد"، أن تكون هناك مفاجآت على مستوى تتويج رئيس البلاد وتركيز السلطة في يده، معتبراً أن مؤتمر الحزب الشيوعي مجرد مظلة سياسية لتنصيب شي زعيماً مطلقاً.
وأشار إلى أن جميع أعضاء اللجنة الدائمة التي تمثل القيادة العليا، موالون للرئيس، وبالتالي لن تكون هناك أي معارضة لهذا التوجه.

وأوضح بأنه قد يكون للتصعيد الأخير من جانب بكين في مضيق تايوان، علاقة مباشرة برغبة القيادة في عقد المؤتمر في ظل مناخ شعبي تطغى عليه المشاعر القومية، بشكل يخدم تمديد ولاية شي جين بينغ لفترة ثالثة، وتصوير ذلك على أنه استحقاق للحفاظ على مكتسبات وثمار الولايتين السابقتين لرئيس لا يهادن في الدفاع عن حق بلاده في السيادة.

تشو يونغ: جميع أعضاء اللجنة الدائمة التي تمثل القيادة العليا موالون للرئيس

وأضاف تشو يونغ بأن المبالغة في تسويق ردة الفعل الصينية تجاه زيارة مندوبين وبرلمانيين أميركيين إلى جزيرة تايوان، هي أيضاً عمل مقصود في إطار "بروباغندا" للتغطية على إخفاقات الحزب قبل عقد مؤتمره، سواء ما يرتبط بمعالجة أزمة كورونا، أو بأزمات أخرى لها علاقة بسياسات معلنة، مثل مصطلح "الرخاء المشترك" الذي أطلقه شي، في إشارة إلى تضييق فجوة الثروة الهائلة في الصين.

رهانات خاسرة

وحسب قوله، كانت الرهانات خاسرة قياساً إلى سوء إدارة الأزمة التي تسببت بها جائحة كورونا، وإغراق البلاد في إجراءات بيروقراطية مملة ومتعبة ومكلفة، وكذلك استمرار الثراء الفاحش وتورط مسؤولين كبار في الحزب بقضايا فساد واستغلال للنفوذ والمنصب.

وكان شي جين بينغ قد أخبر كبار المسؤولين، في يوليو/تموز الماضي، أن مؤتمر الحزب الشيوعي لهذا العام سيعقد في لحظة حرجة على طريق بناء دولة اشتراكية وحديثة، وسيقرر مسار الأمة للسنوات الخمس المقبلة وما بعدها. كما حذر من تحديات في الداخل والخارج، معتبراً أنها الأكثر تعقيداً من أي وقت مضى.