ليبيا: هل يتحول الصراع على المناصب السيادية إلى عقبة في طريق الانتخابات؟

02 مايو 2021
خلافات عميقة بين المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب بشأن ثلاثة مناصب (فرانس برس)
+ الخط -

أبدى المجلس الأعلى للدولة اعتراضه على مخالفة مجلس النواب الليبي على ما تم الاتفاق عليه بشأن الترشحيات للمناصب السيادية في الدولة، ما كشف عن فصل جديد من الخلافات التي من المرجح أن تتحول إلى عقبة في طريق وصول البلاد إلى مرحلة الانتخابات الوطنية المقرر عقدها نهاية العام الجاري. 

وقال المجلس الأعلى للدولة، في معرض خطابه إلى مجلس النواب، "لاحظنا أن المخرجات المحالة إلينا من لجنتكم تتعارض مع ما تم الاتفاق عليه سابقاً في لقاءات بوزنيقة"، مشدداً على ضرورة الالتزام بما تم الاتفاق عليه خلال لقاءات وفدي المجلسين، في بوزنيقة المغربية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. 

وأشار المجلس إلى قبوله "أي تعديل في المعايير والآليات" الخاصة باختيار شاغلي المناصب السيادية في حال رغبة مجلس النواب في ذلك بــ"عقد مزيد من اللقاءات والتباحث للوصول إلى أرضية مشتركة". 

والأربعاء الماضي، أعلن مجلس النواب عن إحالة أسماء المرشحين لتولي المناصب السيادية إلى المجلس الأعلى للدولة "بعد فرزها وفقاً للشروط الواجب توفرها". 

والمناصب التي يجري التفاوض بشأنها بين المجلسين هي محافظ البنك المركزي ورئيس ديوان المحاسبة ورئيس جهاز الرقابة الإدارية ورئيس المفوضية العليا للانتخابات ورئيس هيئة مكافحة الفساد والنائب العام ورئيس المحكمة العليا، والتي تم التوافق على توزيعها محاصصة بين أقاليم ليبيا الثلاثة (طرابلس وبرقة وفزان) خلال محادثات وفدي المجلسين في بوزنيقة المغربية بين 2 إلى 6 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ تنص المادة 15 من الاتفاق السياسي على ضرورة التشاور بينهما لتحديد شاغلي هذه المناصب. 

كما اتفق وفدا المجلسين، خلال محادثات بوزنيقة، على تشكيل وتسمية فرق عمل مصغرة تتولى اتخاذ الخطوات الإجرائية بشأن قبول المترشحين للمناصب السيادية، إلا أن رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، أعلن بشكل أحادي عن قرار تشكيل لجنة من مجلس النواب لفتح باب الترشح لهذه المناصب، نهاية مارس/آذار  الماضي، ورغم اعتراض مجلس الدولة على الإجراء، إلا أن لجنته مضت في عملها. 

ورغم توافق المجلسين على اختيار "الصديق الصور" لمنصب النائب العام، إلا أن خلافات عميقة بينهما تدور بشأن ثلاثة مناصب أخرى بسبب أهميتها وصلتها بالمرحلة الحالية، هي محافظ البنك المركزي والمفوضية العليا للانتخابات ورئيس ديوان المحاسبة، وفقاً لمصادر برلمانية. 

وكشفت المصادر، التي تحدثت لــ"العربي الجديد"، عن أن القائمة المحالة إلى المجلس الأعلى للدولة تضمنت تسعة مرشحين لمنصب محافظ البنك المركزي، و11 مترشحاً لمنصب رئيس المفوضية العليا للانتخابات، و 12 مترشحاً لمنصب رئيس ديوان المحاسبة، مشيرة إلى أن مجلس النواب عمل على ترشيح مساعدين للمترشحين للمناصب السيادية، وهو ما لم يرد في الاتفاق المبرم بين وفدي المجلسين في بوزنيقة. 

وفيما أوضحت المصادر أن المساعدين سيعملون نوابا لرئيس كل منصب سيادي، كشفت عن قيام مجلس النواب بترشيح ما لا يقل عن أربعين مساعداً لمنصب محافظ البنك المركزي و47 مساعداً لرئيس مفوضية الانتخابات. 

ويرى الناشط السياسي الليبي زايد مؤمن بأن إضافة مجلس النواب مسألة ترشيح المساعدين "طريقة للالتفاف من جانب مجلس النواب، إذ لم تتضمن محادثات بوزنيقة حديثاً عنهم وبالتالي هم غير داخلين في شرط توزيعهم على الأقاليم الثلاثة". 

وفيما يلفت مؤمن، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن اختيار شاغلي المناصب السيادية مسألة شديد الحساسية لارتباطها بنجاح المصالحة الوطنية ولتجنب أي تصعيد يتوجب مراعاة التوزان بما يكفل تمثيلاً عادلا لكل الأقاليم، يرى أن مجلس النواب يعمل عكس ذلك، فـ"عقيلة صالح منذ أول خطوة خالف تلك التفاهمات وكون لجنة بقرار أحادي ليفرض أسماء بعينها بين المرشحين". 

وأضاف "مناورة جديدة يعمل من خلالها عقيلة صالح وحلفاؤه على خلط الأوراق لتموضع حلفائه ووكلائه في مفاصل الدول"، مشيراً إلى أن حلفاءه بمجلس النواب لم يخفوا، خلال جلسة إقرار ميزانية الحكومة، الأسبوع الماضي، دخول الميزانية لحلبة المساومات، وصرحوا بأن منحهم منصب محافظ البنك المركزي شرطاً لإقرار الميزانية. 

لكن مؤمن يلفت إلى أن أخطر المسائل المتعلقة بالمناصب السيادية هو الصراع المكتوم بين المجلسين حول منصب المفوضية العليا للانتخابات، الجهة التي ستشرف على تسيير الانتخابات الوطنية لإنهاء المرحلة التمهيدية الحالية. 

وقال "المفوضية مستهدفة من الجانبين، فمجلس الدولة اقترح على النواب لقاءات جديدة لتعديل معايير وآليات المترشحين، ما يعني معاودة المفاوضات وإطالة المدة ومجلس النواب رشح 49 مساعداً لرئيس المفوضية المفترض أن يكون من غرب البلاد وفق المحاصصة المتفق عليها في بوزنيقة، ما يعني أن مجلس النواب يسعى للتموضع داخل المفوضية".

ولفت إلى أن استمرار وتيرة الخلافات المكتومة بين المجلسين سيضيق الوقت أمام إتمام الترتيبات اللازمة للانتخابات، التي لم يعد يفصل البلاد عنها سوى سبعة أشهر. 

المساهمون