ليبيا: اتفاق بين صالح والمشري في المغرب لحلّ الخلافات حول المناصب السيادية والانتخابات

21 أكتوبر 2022
اتفق الجانبان على تنفيذ مخرجات مسار بوزنيقة المتعلق بالمناصب السيادية السبعة (الأناضول)
+ الخط -

نجح رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، في ختام اللقاء الذي جمعهما يوم الجمعة في المغرب، في تحقيق تقدّم في مسار حلّ الصعوبات التي تواجه المسار السياسي في ليبيا، ولا سيما على مستوى القاعدة الدستورية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة، والمناصب السيادية السبعة.

واتفق الجانبان، وفق تصريح وزع على الصحافة، على تنفيذ مخرجات مسار بوزنيقة المتعلق بالمناصب السيادية السبعة، وذلك في غضون الأسابيع المقبلة، "على ألا يتعدى نهاية السنة". كما اتفق صالح والمشري على العمل "من أجل أن تكون السلطة التنفيذية واحدة في ليبيا في أقرب الأوقات، وفقا للتفاهمات والآليات المتفق عليها بين المجلسين".

كما تم الاتفاق في ختام اللقاء، الذي يعّد الثاني من نوعه الذي يعقد في المغرب، بعد آخر عقد في يناير/ كانون الثاني الماضي، على استئناف الحوار "من أجل القيام بما يلزم لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وفق تشريعات واضحة، وذلك بالتوافق بين المجلسين".

وإلى جانب ذلك، انتهى صالح وعقيلة إلى الاتفاق على "مواصلة التشاور بين المجلسين بخصوص الملفات المتعلقة بالمناصب السيادية السبعة، وتوحيد الجهاز التنفيذي في المملكة المغربية".

وفي أول تعليق له على الاتفاق، قال المشري، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد عقب مباحثات مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، ورئيس مجلس النواب الليبي، إن "انقسام المؤسسات عمّق الأزمة في ليبيا، وأدى لسوء أحوال المواطنين، وإنه كان لا بد في ظل هذا الوضع من توحيد المؤسسات".

المشري: انقسام المؤسسات عمّق الأزمة في ليبيا، وأدى لسوء أحوال المواطنين

ولفت المشري إلى أنه "بالفعل بدأ العمل بتوحيد اثنين من المناصب السيادية، وأنه يتعين توسيعها لتشمل سبعة، وهو ما تم الاتفاق عليه اليوم".

الدبيبة يرفض الاتفاق

من جانبه، عبّر رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، عن رفضه لنتائج لقاء رئيسي مجلسي النواب والدولة، عقيلة صالح، وخالد المشري، وطالبهما باعتماد قاعدة دستورية للانتخابات. 

وقال الدبيبة، عبر حسابه الخاص على "تويتر"، "الليبيون يطالبون الجميع بالإيفاء بالتزاماتهم تجاه الانتخابات، أما الحديث عن مسارات موازية مثل تقاسم المناصب السيادية فلم يعد مقبولا". 

وأضاف "أجدد مطالبتي للسيدين عقيلة والمشري بالإسراع في اعتماد قاعدة دستورية عادلة، تنهي المشكل القانوني الذي يمنع إجراء الانتخابات كما حصل في ديسمبر الماضي". 

ورد المشري على الفور، وقال مشاركا تغريدة الدبيبة "سيد عبد الحميد كفى بيعاً للأوهام للشعب، عليك بتوفير العلاج لمرضى الأورام والكتاب المدرسي لأبنائنا الطلبة، ولا علاقة لك بما هو ليس من اختصاصك ولا صلاحياتك؛ فقط قم بعملك". 

ومنذ تأجيل الانتخابات الرئاسية في ليبيا، بدأ يلوح في الأفق السياسي تقارب حثيث بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، وهما أكبر طرفين سياسيين في البلاد كانا على خلاف طيلة سنوات، بهدف التوافق على خريطة طريق للمرحلة المقبلة.

وقالت مصادر مغربية، في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، إن "المباحثات تأتي في إطار الجهود التي يبذلها المغرب بتعليمات ملكية من أجل الاستمرار في مواكبة الحوار الليبي، والمساهمة في حل الأزمة الليبية، من خلال دعم كل فرص التواصل والحوار بين مختلف الفرقاء لإرساء الاستقرار والسلام في هذا البلد المغاربي الشقيق".

وأشارت المصادر، التي فضلت عدم كشف هويتها، إلى أن الرباط كانت دائما تعتبر مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة "مكونين ليبيين أساسيين في أي مسار سياسي لحل الأزمة في ليبيا"، وأن المغرب لديه "النية الصادقة لفتح المجال دائما أمام الليبيين لكي يتفاوضوا في ما بينهم في أي وقت، والتوصل إلى توافقات لتجاوز العراقيل التي يصطدمون بها".

ويسود تكتّم شديد بخصوص الحراك الليبي الجديد في العاصمة المغربية الرباط، من أجل تجاوز الصعوبات التي تواجه المسار السياسي في البلاد، ولا سيما على مستوى القاعدة الدستورية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة، والمناصب السيادية السبعة التي كان اتفاق الصخيرات في عام 2015 بالمغرب قد وضع لها آلية تتم بتوافق المجلسين لإنجاز هذا الاستحقاق.

وكان المغرب قد أكد، خلال الأشهر الماضية، على ضرورة إجراء الانتخابات في ليبيا في موعدها، معتبراً أن حل الأزمة يجب أن يمر عبر الانتخابات التي كانت مقررة في 24 ديسمبر/ كانون الأول، وأنها تظل استحقاقاً مهماً لـ"حسم مسألة الشرعية في ليبيا".

مسار بوزنيقة في المغرب

وبدأ مسار بوزنيقة المغربية في 6 سبتمبر/ أيلول 2020، بعقد جولة أولى من الحوار بين المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب الليبي، انتهت بالتوافق حول معايير وآليات تقسيم المناصب السيادية المنصوص عليها في المادة 15 من الاتفاق السياسي الموقع في عام 2015 في الصخيرات (محافظ المصرف المركزي، ورئيس ديوان المحاسبة، ورئيس جهاز الرقابة الإدارية، ورئيس هيئة مكافحة الفساد، ورئيس وأعضاء المفوضية العليا للانتخابات، ورئيس المحكمة العليا، ومنصب النائب العام).

وفي ظل البحث عن مخرج للأزمة الليبية، احتضنت بوزنيقة أربع جولات أخرى من الحوار توجت في يناير/ كانون الثاني 2021 بالتوصل إلى اتفاق على آلية تولي المناصب السيادية، بالإضافة إلى لقاء بين وفدي المجلس الأعلى للدولة ومجلس نواب حول قانون الانتخابات في سبتمبر/ أيلول 2021.

وفتح تفعيل المفاوضات بين الأطراف الليبية مرة جديدة من بوابة بوزنيقة المغربية، كما حصل عام 2015، الباب أمام تحقيق تقدم نحو حل الأزمة، حيث شكلت جلسات الحوار بالمغرب، في رأي الأفرقاء الليبيين أنفسهم، رصيداً يمكن البناء عليه للخروج بالبلاد إلى الاستقرار وإنهاء حالة الانقسام المؤسساتي، بعدما نجح الحراك الدبلوماسي المغربي في إطلاق مسار بوزنيقة، وجمع أطراف الأزمة الليبية بعد فترة طويلة من عرقلة العملية السياسية.

وسمح دعم الرباط للحوار الليبي ـ الليبي، كمسار لتحقيق تقدم للخروج بتسوية نهائية للأزمة، بالتوصل إلى خريطة طريق بشأن كيفية تقاسم السلطة وتحديد معايير تولي المناصب السيادية في أفق إنهاء الانقسام المؤسساتي.

ويبقى أيضا من أبرز مقومات نجاح الحوار الليبي في المغرب، حرصه على الحفاظ على مكتسبات الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات، لكن مع تطويره في مخرجات مسار بوزنيقة. وراهن أيضا على المؤسسات الشرعية في ليبيا، وهي المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب، باعتبارهما "نواتين أساسيتين" لأي حل في ليبيا، انطلاقاً من شرعيتهما وروح المسؤولية التي تميزهما، بحسب وزير الخارجية المغربي.

باتيلي يرحب بنتائج اللقاء 

إلى ذلك، قال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم فيها، عبد الله باتيلي، إنه "أَخذَ عِلماً بنتائج الاجتماع الذي عُقد الجمعة بين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، الذي استضافته الحكومة المغربية".

وفي بيان مسائي نشرته البعثة الأممية رحب باتيلي بـ"استئناف الحوار" بين صالح والمشري، وأعرب عن استعداده لـ"مناقشة التفاصيل والآليات والجداول الزمنية لتنفيذ التزاماتهما". كما حث جميع القادة الليبيين على "الانخراط في حوار شامل"، معتبراً هذا الخيار "السبيل الوحيد لتجاوز المأزق الحالي وتلبية تطلعات الشعب الليبي".

ويأتي الحراك الليبي في المغرب بالتزامن مع تقديم باتيلي أولى إحاطاته بشأن الوضع السياسي في البلاد إلى مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة، وذلك بعد لقاءاته مع كل من رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس مفوضية الانتخابات عماد السياح، ورئيس مؤسسة النفط فرحات بن قدارة، ورئيس الأركان العامة الفريق محمد الحداد.

المساهمون