اجتمع رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، خالد المشري، ونائبه اليوم الأربعاء، باللجنة المنتخبة من المجلس لإعداد القاعدة الدستورية.
وبحسب مكتب المجلس الإعلامي، تمحور الاجتماع الذي عقد بمقره في طرابلس حول "مناقشة الخطوط العريضة التي ينبغي التركيز عليها عند لقاء اللجنة الأخرى المقابلة من مجلس النواب".
كما تم النظر في كل العقبات الممكن وقوعها والتي قد تعترض عمل اللجنتين وكيفية تجاوزها لإنجاز العمل في أقرب وقت وعلى الوجه الأكمل.
في ذات السياق. اجتمع اليوم مبعوث الولايات المتحدة الأميركية الخاص وسفيرها لدى ليبيا ريتشارد نورلاند بعضوي المجلس الأعلى للدولة أبو القاسم قزيط وحسن حبيب.
ووفقاً لتغريدة للسفارة الأميركية بـ"تويتر"، فقد جرت خلال الاجتماع مناقشة الجهود المبذولة لإيجاد قاعدة دستورية وإعادة الزخم للانتخابات.
السفير نورلاند: "التقيت بعضوي المجلس الأعلى للدولة بلقاسم قزيط وحسن حبيب لمناقشة الجهود المبذولة لإيجاد قاعدة دستورية وإعادة الزخم للانتخابات. ونواصل الانخراط مع جميع الأطراف لمساعدة #ليبيا على المضي للانتخابات التي يستحقها الشعب الليبي." pic.twitter.com/ZAnHhyU3Xk
— U.S. Embassy - Libya (@USEmbassyLibya) March 16, 2022
وأشار نورلاند إلى مواصلة الانخراط مع جميع الأطراف لمساعدة ليبيا على المضي للانتخابات التي يستحقها الشعب الليبي.
واختار مجلس الدولة، أول من أمس الإثنين، لجنة مكونة من 12 عضواً، لصياغة قاعدة دستورية للانتخابات الليبية القادمة مع لجنة نظيرة لها يفترض أن تشكل من قبل مجلس النواب، وذلك بحسب المبادرة التي أطلقتها المستشارة الأممية في ليبيا ستيفاني وليامز ولاقت ترحيباً من مجلس الدولة، وتحفّظاً ومن مجلس النواب.
وكان عضو المجلس الأعلى للدولة وعضو لجنة إعداد القاعدة الدستورية عبد القادر حويلي قد أوضح لـ"العربي الجديد" أن الاجتماع "تنظيمي" ومن المتوقع خلاله تسمية رئيس اللجنة، وبحث الإجراءات الإدارية التي ستعمل بها ضمن قرار التكليف الذي سيصدر خلال الاجتماع.
ولم يصدر أي تعليق رسمي من مجلس النواب حول خطوة مجلس الدولة، كما أن مجلس النواب لم يفصح حتى الآن عما إذا كان سيشكل لجنة مقابلة، في ظل استمرار تمسكه بخريطة الطريق التي أصدرها في فبراير/ شباط الماضي، ورفَضها مجلس الدولة.
وكانت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة للشأن الليبي ستيفاني وليامز قد طرحت مبادرة تقضي بتشكيل لجنة بين المجلسين تقوم بصياغة قاعدة دستورية للانتخابات، الأمر الذي لاقى ترحيب خمس دول غربية؛ هي الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، فيما تقضي خريطة مجلس النواب بأن تكلّف اللجنة بتعديل مشروع الدستور، وفي حال الفشل يتم إعداد قاعدة دستورية.
ويبدو أن لجنة المجلس الأعلى للدولة لن تنتظر مجلس النواب، وفقاً لحويلي، إذ قال "سنستعد من الآن وسنجهز أنفسنا للقاعدة الدستورية وفق رؤيتنا، ثم نبحث مسألة التوافق مع مجلس النواب عندما يجهز لجنته الخاصة".
وأضاف "اللجنة تتماهى مع خريطة مجلس النواب وتعديله الأخير للإعلان الدستوري (التعديل الثاني عشر)، ولكنها ستتخطى الخطوة الأولى الخاصة بإجراء تعديل على مشروع الدستور التي ستستهلك 14 شهراً، وستتجه مباشرة للمرحلة الثانية، وهي إعداد قاعدة دستورية، بما يتماشى مع المبادرة الأممية".
وتوقع حويلي خلال حديثه مع "العربي الجديد" أن مجلس النواب سيتجاوب مع مبادرة وليامز ويسمي ممثليه في لجنة إعداد القاعدة الدستورية، مؤكداً "سيتم تجاوزه إن لم يفعل"، وتابع "اختيار لجنة القاعدة الدستورية من مجلس الدولة يتماشى أيضاً مع مساعي حكومة الوحدة الوطنية لإجراء الانتخابات وأيضاً مبادرة وليامز التي يميل إليها أيضاً المجلس الرئاسي، وإذا بقي مجلس النواب يغرد خارج السرب؛ سيتم تجاوزه".
وأكد حويلي ترحيب البعثة الأممية بتشكيل اللجنة، رغم تجاوزها العدد المحدد بـ 6 أعضاء، إلى الضعف، وقال "تواصلتُ أمس مع أحد مساعدي وليامز للشؤون السياسية، ولم ألاحظ أي معارضة لتشكيل اللجنة، واستفهموا عن داعي اختيار 12 عضواً بدل 6، وأخبرتهم برأي المجلس في أن المسألة تعود لتمثيل الأقاليم والمكونات الثقافية والمرأة ضمن اللجنة".
وينتظر الليبيون تفاهم المجلسين حول القواعد الدستورية للانتخابات البرلمانية والرئاسية، بعد أن أدى عدم توافقهما حولها سابقاً إلى إفشال الانتخابات بعد أن كانت مقررة يوم 24 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
واحتدم السجال بين المجلسين مؤخراً بعد أن كلَف مجلس النواب حكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا، إذ لاقت الخطوة رفضاً من مجلس الدولة وسط إصرار على استمرار حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، لحين البث في قوانين الانتخابات.
ونقلت مواقع إخبارية ليبية عن رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، نيته اعتماد قاعدة دستورية لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية "إذا لم تتوافق اللجنة المشتركة بين مجلسي النواب والدولة على مبادرة وليامز"، دون خوض في أي تفاصيل أخرى.
ولما لم يصدر أي تأكيد رسمي لذلك من المجلس الرئاسي "بعد يومين من نشر التسريبات"، وكذلك أي نفي، توقع مراقبون أن الأمر قد يكون بالون اختبار أطلقه الرئاسي لحث المجلسين على التحرك والتوافق، وترهيبهما من احتمال تجاوزهما في حال عدم تقديم تنازلات لصالح إجراء الانتخابات.
واستبعد حويلي قدرة الرئاسي على خطوة كهذه، ومع أنه يشجّع على اتخاذها، لكنه لا يعتقد أن لدى الرئاسي الجرأة الكافية بحسب قراءته لتعاطي المجلس مع مراحل الأزمة ومواقفه السابقة.
ويفسر حويلي رأيه قائلاً "الرئاسي خذلنا سابقاً، ولم يكن إيجابياً ولا مبادراً في أي مرحلة من مراحل الصراع في ليبيا، منذ تشكيله، فبدل أن ينتظر التوافق بين المجلسين كل هذا الوقت، كان يجب أن يسعى للمصالحة السياسية والتوافق بينهما، وقد أعطيناه عدة مقترحات لذلك، كأن ينسق للقاء رئيسي المجلسين، أو أن يدعو لجلسة كاملة مشتركة بين المجلسين تخصص للتصويت على القاعدة الدستورية فقط، بعد أن يتم التوافق عليها من لجنتين قانونيتين".
وتابع "مع هذا نحن منفتحون على الجميع، وسنطالب في جدول أعمال اللجنة اليوم بأن نتواصل مع لجنة النواب حال تشكيلها، وأي لجنة يشكلها المجلس الرئاسي أو حكومة الوحدة الوطنية لإعداد القاعدة الدستورية".
ويبدي حويلي تفاؤلاً بسرعة إنجاز القاعدة الدستورية في حال وجود تعاون من كل الأطراف، ووفق رأيه "من الممكن إنهاء القاعدة في 3 جلسات، لأن الأرضية متوفرة في أعمال سابقة مثل أعمال لجنة المسار الدستوري في اجتماعاتها بالغردقة المصرية ومقترح لجنة فبراير سنة 2014 الذي أفرز مجلس النواب، وأيضاً في الفصل الثالث من مشروع الدستور".
وينقل حويلي وجهة النظر السائدة في مجلس الدولة التي تفضِّل "وفق قوله" التوجه نحو الانتخابات البرلمانية أولاً، ويُرجِع ذلك لصعوبة التوافق على رئيس دولة بين شرق وغرب ليبيا، ولهذا "يفضّل ترك الأمر لبرلمان موحّد، جديد ومنتخب، يكلّف بكل الاستحقاقات الدستورية، بعد إقصاء على كل الأجسام الحالية من خلال الانتخابات".