ليبرمان يدفع نحو مزيد من التصعيد مع غزة ولو أدى لحرب جديدة

10 يوليو 2018
تضرّرت الصورة الشعبية لليبرمان (عبير سلطان/فرانس برس)
+ الخط -
يكشف إعلان حكومة الاحتلال الإسرائيلي، أمس الإثنين، وعلى رأسها بنيامين نتنياهو، عن إغلاق معبر كرم أبو سالم مع غزة، وقبول توصيات رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي الجنرال غادي أيزنكوط بهذا الخصوص، حقيقة الفشل والإحباط لدى دولة الاحتلال، بسبب عجزها في مواجهة الطائرات الورقية الحارقة، من جهة، وعجزها عن كسر معادلات المواجهة التي كرّستها حركة "حماس" والمقاومة الفلسطينية، في الأشهر الأخيرة.

لكن هذا كله لا يبدو كافياً لشرح الصورة، إذ كشف موقع "معاريف"، اليوم الثلاثاء، أنّ القرار الإسرائيلي، أمس، لا يُعتبر كافياً، على الأقل من وجهة نظر وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان.

ويدفع ليبرمان، الذي تضرّرت صورته الشعبية كمن سيواجه "حماس"، وفشل في تحقيق وعوده المعلنة في هذا السياق، الجيش الإسرائيلي باتجاه تصعيد عسكري أشد ضد غزة، حتى لو أدى ذلك إلى مواجهة شاملة في القطاع، مهما كانت تداعياتها.

ووفقاً لموقع "معاريف"، فإنّ المواجهة بين ليبرمان وقادة الجيش، ظلّت حتى أمس الإثنين، بعيدة عن الأنظار لكنّها خرجت إلى العلن الآن، وتجلّت في تصريحات ليبرمان، أمام أعضاء كتلته البرلمانية عندما هدّد قائلاً: "أريد أن أوضح لقادة حماس في القطاع أنّنا لن نرتدع عن التصعيد ولا عن مواجهة واسعة. لا نبحث عن صدام أو مغامرة عسكرية، لكن وفقاً للطريق الذي اختارته حماس فإنّها ببساطة تسير نحو تدهور الأمور، ومن شأن حماس أن تدفع كل الثمن. ثمناً أكبر بكثير مما كان في الجرف الصامد (العدوان الإسرائيلي على غزة 2014)".

وبحسب "معاريف"، فإنّ تصريحات ليبرمان هذه، وما قاله في جلسة كتلة حزبه في الكنيست، تكشف بعضاً من الخلاف الشديد بينه وبين قيادة الجيش، في الأسابيع الأخيرة، بشأن كلّ ما يتعلّق بردّ دولة الاحتلال على ظاهرة الطائرات الورقية.

ففيما يعتقد قادة الجيش، وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشاباك"، أنّ ظاهرة الطائرات الورقية الحارقة، لا تشكًل سبباً كافياً لشنّ حرب على غزة، وأنّه لا فائدة من الانجرار إلى مغامرة عسكرية، ويمكن الاكتفاء بخطوات أقل حدة، مع مواصلة جهود إيجاد رد عليها، فإنّ ليبرمان يطالب بعمليات عسكرية واسعة النطاق ضد حركة "حماس" وقادتها، حتى لو أدى ذلك إلى مواجهة عسكرية شاملة ضد "حماس".

ويدّعي ليبرمان، أنّ المسألة ليست ظاهرة الطائرات الورقية الحارقة، التي أتت لغاية الآن على 28 ألف دونم من الأراضي الزراعية في المستوطنات بمحيط غزة، وإنّما بتكريس "حماس" لمعادلة جديدة، من خلال تآكل متواصل لقوة الردع الإسرائيلية، مقابل جرأة أكبر في نشاط الحركة الفلسطينية. ويدعو ليبرمان إلى عدم إضاعة الوقت "لأنّ كل تأخير سيكلّف إسرائيل ثمناً أكبر".

وبحسب "معاريف"، فإنّ قرار نتنياهو، أمس الإثنين، يعكس أيضاً، بدء تغلغل موقف ليبرمان للجهاز الإسرائيلي، خاصة مع إعلان نتنياهو أنّ إغلاق معبر كرم أبو سالم، "هو الخطوة الأولى فقط".


إلى ذلك، لمّح ليبرمان إلى أنّ الخطوة الإسرائيلية، هي رد على محاولات دولية، ومساعٍ مختلفة لتقديم مساعدات وإقامة مشاريع لإعادة إعمار غزة.

وقد أوضح ليبرمان، خلال الجلسة المذكورة، قائلاً "بالنسبة لي لا يوجد شيء اسمه غزة أولاً، فبالنسبة لي يجب استعادة جثث الجنود والأسرى الإسرائيليين أولاً، ونقوم بالخطوات الإنسانية فقط بشرط قيامهم هم بخطوات مماثلة، أي تسوية وحل موضوع الأسرى والمفقودين".

ويأتي هذا، بمثابة رد على تصريحات رئيس اللجنة الوطنية القطرية لإعادة إعمار غزة السفير محمد العمادي، الذي كان قد صرّح، قبل يومين، بأنّ "حماس" ترفض الربط بين ميناء في قبرص، وبين إعادة جثامين جنديين إسرائيليين، وأسيرين آخرين محتجزين لديها، وأنّ الخطوة الأولى يجب أن تكون بالإفراج عن كل محرري صفقة "وفاء الأحرار" (صفقة الجندي جلعاد شاليط) الذين أعاد الاحتلال الإسرائيلي اعتقالهم.


لكن تصريحات ليبرمان هذه، لا يمكن التعامل مها بمعزل عن المنافسة الداخلية في إسرائيل، خاصة فيما يبدو أنّ الانتخابات العامة قد تكون مطلع العام المقبل، وفق الصحيفة، إذ إنّ عدداً من وزراء الكابينت الإسرائيلي، وعلى رأسهم زعيم حزب "البيت اليهودي" نفتالي بينيت، ووزير الأمن الداخلي جلعاد أردان، يطالبون حكومة الاحتلال بسياسة أشد ضد الفتيان الفلسطينيين الذين يطلقون الطائرات الورقية من القطاع، والسماح للجيش باستهدافهم بنيران القناصة، أو حتى عبر الطائرات المسيرة.

ويجد ليبرمان نفسه أمام ضغط الخصوم، لكونه لم ينفّذ تهديداته قبل تولّيه المنصب، عندما وعد بأنّه في حال أصبح وزيراً للأمن، فإنّه سيتمكّن، خلال 48 ساعة، من اغتيال وتصفية إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لـ"حماس"، وباقي قادة الحركة.