لويس مونتينيغرو... يميني بمهمة صعبة لرئاسة حكومة البرتغال

22 مارس 2024
مونتينيغرو مساء الأربعاء في لشبونة (ميغيل أ. لوبيس/Epa)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في العاشر من مارس، شهدت البرتغال تحولاً سياسياً مع اختيار لويس مونتينيغرو من "التحالف الديمقراطي" اليميني كرئيس للحكومة، مما يعكس صعود اليمين في أوروبا، ويعد بتعزيز النمو الاقتصادي وتحسين الخدمات العامة.
- حزب "تشيغا" اليميني المتطرف، بقيادة أندريه فينتورا، يسعى للحصول على مقاعد في الحكومة أو تشكيل تحالف يضمن الأغلبية، مهدداً بتعقيد العملية التشريعية للحكومة الجديدة.
- لويس مونتينيغرو يواجه انتقادات واتهامات بالفساد، لكنه يدافع عن نفسه مؤكداً عدم ارتكابه أي تصرفات غير لائقة، مشيراً إلى استعداده لمواجهة الاتهامات وإغلاق المسألة نهائياً.

اختارت البرتغال، بموجب النتائج التشريعية التي أُجريت في 10 مارس/آذار الحالي، لويس مونتينيغرو لرئاسة حكومتها، بما يكرّس صعود الأجنحة اليمينية، الوسطى والمتطرفة منها، إلى سدة الحكم في العديد من الدول الأوروبية. 

ومساء أول من أمس الأربعاء، أعلنت الرئاسة البرتغالية، أن الرئيس مارسيلو ريبيلو دي سوزا عيّن رئيس "التحالف الديمقراطي" اليميني (مكون من 3 أحزاب من وسط اليمين) لويس مونتينيغرو، وهو زعيم الحزب "الديمقراطي الاشتراكي"، رئيساً للوزراء في أعقاب تصدّر حزبه الانتخابات البرلمانية في 10 مارس.

لويس مونتينيغرو يخلف أنطونيو كوستا

ويخلف لويس مونتينيغرو زعيم الحزب الاشتراكي، أنطونيو كوستا، الذي تولى السلطة بين عامي 2015 و2023، قبل استقالته في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بعد ورود اسمه في تحقيق في قضية استغلال نفوذ، متخلياً عن الترشح لولاية أخرى. وخاض مونتينيغرو الانتخابات ببرنامج تعهد فيه تعزيز النمو الاقتصادي، عن طريق خفض الضرائب وتحسين خدمات الصحة العامة، وكذلك التعليم الذي تضرر بسبب إضرابات المعلمين المطالبين بتحسين أجورهم.

يحاول حزب "تشيغا" اليميني المتطرف دخول الحكومة
 

وأوضح لويس مونتينيغرو بعد الإعلان الرئاسي، مساء الأربعاء، أنه سيقدم تشكيلته الحكومية الأربعاء المقبل إلى البرلمان، وفي حال نيلها الثقة، فستباشر عملها في 2 إبريل/نيسان المقبل. وعلى الرغم من تصدّر "التحالف الديمقراطي" انتخابات 10 مارس، إلا أنه نال 80 مقعداً فقط، وهو عدد أقل بكثير مما يحتاجه لتحقيق الغالبية المؤلفة من 116 نائباً، في البرلمان المكون من 230 مقعداً.

وحتى مع دعم حزب المبادرة الليبرالية (8 نواب)، الصغير والقريب من رجال الأعمال، سيظل "التحالف الديمقراطي" في حاجة إلى دعم حزب "تشيغا" (كفى) المناهض للهجرة والمؤسسات، من أجل الوصول إلى غالبية 116 مقعداً. وحصل "تشيغا" اليميني المتشدد على 50 مقعداً، ارتفاعاً من 12 مقعداً في انتخابات 2022، في طفرة ضربت السياسة التقليدية في البرتغال، حيث تناوب الاشتراكيون الديمقراطيون والاشتراكيون على السلطة منذ عام 1980، حين انتهت ولاية المستقلة، ماريا دو لورديس بينتاسيلغو في رئاسة الحكومة.

ويطالب زعيم "تشيغا" أندريه فينتورا، بمنحه مقاعد في مجلس الوزراء أو تشكيل تحالف برلماني يحظى بالأكثرية. وهدد فينتورا بجعل الحياة صعبة على الحكومة الجديدة في عمليات التصويت الرئيسية، مثل ميزانية الدولة، ما لم يرضخ مونتينيغرو لمطالبه.

وعمل الزعيم الشعبوي على إقامة علاقة متينة مع الأحزاب اليمينية المتطرفة الأخرى في أوروبا، مثل نائب رئيسة الوزراء الإيطالية، زعيم حزب "الرابطة" ماتيو سالفيني، وزعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبان، وزعيم حزب "فوكس" اليميني المتطرف في إسبانيا، سانتياغو أباسكال. لكن فينتورا أوضح أنه مستعد للتخلي عن بعض مقترحات حزبه، إذا كان ذلك يفتح الباب أمام السلطة. ويعدّ تشكيل "تحالف كبير" بين المحافظين والاشتراكيين غير وارد في البرتغال.

وكما هو الحال في إسبانيا المجاورة، تفصل بين الحزبين الرئيسيين خلافات تبدو مستعصية على التجاوز. وعلى الرغم من إصلاح الموارد المالية العامة ونمو يفوق المتوسط الأوروبي وبطالة في أدنى مستوياتها، فإن أداء الحكومة الاشتراكية تضرر بسبب التضخم والخلل في الخدمات الصحية والمدارس، إلى جانب أزمة سكن حادة.

تضاف إلى ذلك فضائح فساد أدت في نهاية المطاف إلى سقوط كوستا وتضاعف عدد المهاجرين في خمس سنوات، وهما ملفان سيستغلهما اليمين المتطرف ضمن حملاته الانتخابية وخطابه السياسي. وفي حال فشل مونتينيغرو في الحصول على الموافقة البرلمانية الأربعاء المقبل، فذلك يعني إما دعوة زعيم حزب آخر لمحاولة تشكيل حكومة، وهو الأمين العام للحزب "الاشتراكي" بيدرو نونو سانتو، أو إجراء انتخابات أخرى.

ولويس مونتينيغرو ليس جديداً على السياسية في لشبونة، فقد نجح في تشريعيات 2002، قبل أن يتحول إلى نائب رئيس الكتلة البرلمانية للحزب "الديمقراطي الاشتراكي" في عام 2011، ثم رئيس هذه الكتلة، بعد انتقال بيدرو باسوس كويليو لرئاسة الحكومة. وخلال رئاسته الكتلة البرلمانية لحزبه في مجلس النواب البرتغالي، عمل مونتينيغرو مع "الترويكا" الأوروبية، التي ضمت المفوضية الأوروبية والمصرف المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، لإخراج البرتغال من أزمتها المالية بين عامي 2010 و2014.

عمل مونتينيغرو مع "الترويكا" الأوروبية، لإخراج البرتغال من أزمتها المالية بين عامي 2010 و2014

 

وتعرض لويس مونتينيغرو للانتقاد بقوله في عام 2014 إن "حياة الشعب ليست جيدة، لكن حياة البلاد أفضل بكثير"، في مؤشر على سياسة التقشف واسعة النطاق التي اعتمدتها السلطات البرتغالية، من أجل إنقاذ الاقتصاد، وأثارت غضباً شعبياً. وفي عام 2018 استقال مونتينيغرو من البرلمان، موجهاً أنظاره للمعركة الحزبية، حيث فشل في المرة الأولى في الفوز برئاسة الحزب "الديمقراطي الاشتراكي" أمام زعيمه روي ريو، لكنه نجح في عام 2022 في الفوز برئاسة الحزب، بعد استقالة ريو بسبب هزيمة "الديمقراطي الاشتراكي" في تشريعيات 2022.

انتقادات سابقة لمونتينيغرو

وتعرّض مونتينيغرو لانتقادات عدة، إذ اتهمته وسائل إعلامية محلية بأنه "عضو في محفل موزار الماسوني منذ عام 2008"، لكنه نفى ذلك. والعام الماضي، تمّ تقديم شكوى، مجهولة المصدر، إلى الادعاء العام البرتغالي، مفادها بأن مونتينيغرو استخدم الأموال والمزايا الموجهة لترميم المباني القديمة في البلاد، من أجل هدم وإعادة بناء منزل تاريخي بالكامل في إسبينيو في مقاطعة أفيرو، التي تضم مدينة بورتو.

وبموجب ذلك تم فتح تحقيق جنائي في وقت لاحق. وذكرت صحيفة "دياريو نوتيسياس" المحلية، الاثنين الماضي، أن مونتينيغرو لم يكشف للمحكمة الدستورية في عام 2023، عن زيادة في أصوله العقارية المتعلقة بشراء فيلا فاخرة في إسبينيو، على بعد 100 متر من الشاطئ، والتي بدأ بناؤها في عام 2016.

لكن مونتينيغرو ردّ في حينه ببيان جاء فيه: "لم أتلق أي معاملة مختلفة عن أي مواطن آخر في نفس الموقف... لم أقم بأي عمل غير لائق أخلاقياً أو قانونياً". وأضاف: "لا أعرف محتوى الشكوى المجهولة، ولكن بافتراض أنها مرتبطة بالضرائب المتعلقة ببناء منزلي، ستكون فرصة ممتازة لإغلاق هذه المسألة نهائياً".

(العربي الجديد، أسوشييتد برس، فرانس برس)

المساهمون