لماذا بوزنيقة وأخواتها؟

08 أكتوبر 2020
خلال المحادثات في بوزنيقة أخيراً (جلال مورشيدي/الأناضول)
+ الخط -

مسارات ولقاءات واتجاهات تحتضنها عواصم دولية وإقليمية تتحدث كلها عن التسوية السياسية في ليبيا وضرورتها، والتأكيد على استحالة الحلّ العسكري، بعد هزيمة خليفة حفتر ومن خلفه حلفائه في جنوب طرابلس، التي اعتبرها كثير من الفاعلين في الملف الليبي فرصة للدفع بمقاربات جديدة على هامش مسارات برلين الثلاثة التي اصطدمت برفض حفتر وسلاحه.

تلك المقاربات برزت في بوزنيقة وبرلين وفي الغردقة ومونترو، لكن لا حديث رسمياً حتى الآن عن مسارات برلين، المسار العسكري الذي تمثله اللجنة العسكرية 5 + 5 والمسار السياسي والمسار الاقتصادي، فيما برز حديث جديد عن عزم الأمم المتحدة على عقد "منتدى سياسي" يجمع كل الأطراف الليبية خلال الشهر الحالي.

وعلى الرغم من أن انكسار حفتر وحلفائه يعني نهاية أوهام الحسم العسكري، لكنه في الوقت ذاته لا يعني أن الصراع قد حُسم، فلا يزال كلا الطرفين يسيطران مناصفة على المشهد، ولكل طرف داعموه لضمان استمرار مصالحهم. ولذا جاءت لقاءات بوزنيقة كمقاربة حول المناصب السيادية، بتقاسمها وفق منطق المحاصصة الجغرافي، كنتيجة طبيعية لحالة الصراع، بل وكاستمرار لها. والسؤال الذي سيبرز هنا، إذا كان الواقع لا يزال يفرض نفسه على العملية السياسية المرتقبة، فما الجديد سوى تغيّر الوجوه مع بقاء المتنفذين المحليين ومن وراء هؤلاء داعميهم من الخارج. وهو ما يعني بشكل أوضح استمرار الأزمة.

لا يبدو للمتابع للمستجدات ما بعد بياني المجلس الرئاسي وبرلمان طبرق بشأن وقف إطلاق النار، سوى أن حالة الصراع انتقلت من الصعيد العسكري إلى كواليس السياسة بخلفيات ونتائج قاسية جداً خلفتها الحرب وشدة الاستقطاب الخارجي. ما يجعل لقاءات الغردقة وقبلها مونترو وأخيراً بوزنيقة وسائل لتكريس أمر واقع لم يستطع أن يفرضه السلاح، في مشهد تجميد الأوضاع على ما هي عليه، وأن الحديث عن انتهاء الفترة الانتقالية، التي يسعى المجتمع الدولي لفرضها، بتوافق على قاعدة دستورية للخروج إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية "مجرد كلام سياسة"، بحسب تعبير مدون ليبي، في حين علّق آخر على إعلان بوزنيقة بقوله "بوزنيقة عمقت زنقتنا". فيما رأى ثالث أنّ "المنتدى السياسي" لا يراد منه سوى شرعنة نتائج هذه اللقاءات كونه سيضم ممثلين عن كل الأطياف تختارهم الأمم المتحدة.

المساهمون