لقاحات كورونا في قلب المعركة السياسية التونسية

10 يونيو 2021
اختلف المسؤولون التونسيون حول إدارة الأزمة (Getty)
+ الخط -

حذّرت وزارة الصحة التونسية من “خطورة الزجّ بالحملة الوطنية للتلقيح (ضد كورونا) في الصراعات السياسية، باعتبارها حملة وطنية تهدف لتلقيح المواطنين والمواطنات وحمايتهم ضدّ مخاطر الفيروس"، ودعت الجمهور إلى "أن يستمدّ معلوماته من المصادر الرسميّة لوزارة الإشراف".

وجاء هذا الموقف أمس الأربعاء، رداً على مزاعم رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد المُقال، عماد بوخريص، في حوار صحافي مع جريدة "المغرب" التونسية، حول أن الهيئة أثارت عديد الملفات، من بينها وجود أكثر من 20 ألف جرعة من لقاح "أسترازينيكا" انتهت مدة صلاحيتها يوم 31 مايو/أيار2021.

وأشار بوخريص إلى أنّ "الهيئة تدخلت ونبّهت إلى ذلك ليتم تفادي الأمر في الأسبوع الأخير، إضافة إلى إحالة الهيئة للعديد من الملفات دون ذكر الأسماء، وجلها ملفات بالمؤيدات والسماعات ولا غبار عليها"، حسب تعبيره.

الوزارة أوضحت في بيانها أنّ “ما يتمّ تداوله من أخبار مفادها أن 20 ألف جرعة من لقاح أسترازينيكا قد انتهت صلاحيتها لا أساس له من الصحّة، وكل اللقاحات تستعمل في الآجال المضبوطة لها وهي آمنة وفعّالة وسليمة، والوزارة حريصة على تكريس مبدأ الشفافية فيما يتعلق بكلّ معطيات الحملة الوطنية للتلقيح ضد فيروس كورونا وهي تقوم بنشر كل المعطيات تباعاً على مختلف الوسائط الاتصالية”.

وكشفت أنه “في نطاق منظومة كوفاكس، تسلّمت وزارة الصحة 98400 جرعة من تلقيح أسترازينيكا كدفعة أولى و158360 كدفعة ثانية من نفس اللقاح وتمّ استغلالها في آجالها ما عدا 19 علبة لقاح تحتوي على 190 جرعة منتهية الصلاحيّة، وهو ما يعادل 0.19% من نسبة التلقيحات لم يتم استعمالها". 

وأضاف أنه "تمّ استعمال 123296 جرعة من لقاح استرازينيكا من أصل 256760 جرعة، وبقيّة الجرعات، والتي تنتهي صلاحيّتها في 31 أغسطس2021، ستستعمل في عمليّة تطعيم المواطنين والمواطنات بالجرعة الثانية والتي ستنطلق بداية من تاريخ 18 يونيو الحالي".

وانتقد مراقبون هذا التصريح المتأخر لرئيس هيئة مكافحة الفساد بعد سويعات من إقالته، واعتراض الرئيس التونسي قيس سعيد على ذلك، واعتبروه فصلاً جديداً من الصراع المتواصل بين الفرقاء السياسيين في تونس.

وستشكل تداعيات أزمة كورونا اختباراً لكل الدول والأنظمة السياسية في العالم، وستحدد مستقبل الأحزاب والمنظمات في علاقاتها بالشعوب التي ستقيم مردودها ونجاعتها وجهدها خلال سنوات الأزمة، إلا أن أغلب الدول تؤجل صراعاتها الداخلية إلى ما بعد الأزمة نظراً لخطورة الأوضاع التي تهدد الملايين إذا لم تصل اللقاحات في وقتها، في حين تحولت لقاحات كورنا إلى أداة من أدوات الصراع السياسي في تونس، والتنافس بين مؤسسات يُفترض أن توحد جهودها في ظل ظروف مالية شحيحة وديبلوماسية متعددة الخطاب ومتضاربة أحيانا.

ومنذ مطلع العام، بدأ التنافس بين الحكومة وداعميها من ناحية والرئاسة التونسية من ناحية أخرى، وتم الإعلان أكثر من مرة عن لقاحات لم تصل، ما جعل عملية تلقيح التونسيين تتأخر بشكل كبير وبنسق بطيء، برغم أن المتخصصين يؤكدون أن شبكة المستشفيات المحلية والجهوية في تونس تتيح تلقيح 200 ألف مواطن في اليوم وليس 30 ألفاً فقط.   

واختلف المسؤولون التونسيون حول إدارة الأزمة وحول الحجر الصحي والمساندة الاقتصادية للفئات الضعيفة المتضررة من الأزمة ومصادر التلاقيح ومن يخاطب العالم في هذا الشأن وغيرها من الملفات المتعلقة.  

وعلق الرئيس الأسبق، الدكتور منصف المرزوقي، على هذا الوضع في إحدى تدويناته على "فيسبوك" قائلا "غياب القدوة في أعلى هرم الدولة، غياب الشجاعة في القرارات الحكومية،غياب المسؤولية لدى طبقة سياسية كل مشاغلها التافهة لا ترقى للحد الأدنى لما هو مطلوب لمواجهة الجائحة، غياب الشعور بالخطر الداهم عند عامة الناس ودور كل فرد في الحفاظ على حياته وحياة الآخرين، إنها الوصفة التامة لكارثة كبرى حلّت وما تزال في بدايتها…لا أحد يريد مواجهة الحقيقة وتقديم ما يلزم من التضحية".

رئيس الحكومة التونسية، هشام مشيشي، التقى مساء الأربعاء، المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، نغوزي أوكونجو إيويالا، بمقر المنظمة بجنيف، وبحث معها إمكانية تصنيع اللقاحات وما تتوفر عليه تونس من إمكانيات بشرية وطبية هامة في هذا المجال.

وقالت في بيان للحكومة التونسية إنها "ستسعى بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية من أجل إعانة تونس على تصنيع اللقاح".

وإذا ما صح هذا الاتفاق فسيكون بالتأكيد عاملاً مهماً في مكافحة الفيروس محليا وإقليميا، ولكن المراقبين يرجون ألا يكون مجرد حلقة أخرى من حلقات التنافس السياسي بين المسؤولين التونسيين، في انتظار أن تتجاوز تونس الموجة الرابعة على أعتاب صيف قد يكون قاسياً جداً على كل المستويات. 

المساهمون