لعب روسي بالمسارات السورية

31 يناير 2021
تريد موسكو تحويل مسار الحلّ السياسي السوري من جنيف إلى أستانة (الأناضول)
+ الخط -

يُظهر البيان المشترك الذي صدر عن ضامني مسار أستانة السوري (روسيا، إيران وتركيا)، بشأن المشاورات التي جرت بينهم على هامش اجتماعات اللجنة الدستورية السورية الأخيرة، أن دخول روسيا بشكل خاص على خطّ هذه الاجتماعات، ولقاء المبعوث الروسي ألكسندر لافرنتييف بشكل غير رسمي مع شخصيات من وفد المعارضة، لم يكن بهدف دفع العملية السياسية نحو الأمام من خلال مسار جنيف، أو الضغط على نظام بشار الأسد من أجل الالتزام بأجندة الاجتماع، وبالأهداف التي شُكّلت من أجلها اللجنة الدستورية، كما وعد لافرنتييف الشخصيات التي اجتمع بها، ومن بينها الرئيس المشترك للجنة هادي البحرة. لكن الهدف الحقيقي لموسكو، هو إثبات عقم مسار جنيف، وإقناع المجتمع الدولي بتحويل مسار الحلّ السياسي السوري من جنيف إلى أستانة.

لم تمارس موسكو أي ضغوط على النظام لتحقيق تقدّم في عمل اللجنة الدستورية، بل على العكس، صدر بيان عن وفد النظام يعد الأسوأ خلال اجتماعات اللجنة، الأمر الذي أدى إلى فشل الجولة الخامسة من الدستورية فشلاً ذريعاً. كما أن بيان ضامني أستانة، على الرغم من تأكيده دعم اللجنة الدستورية، إلا أنه حدّد موعداً لاجتماعات أستانة بعد نحو 16 يوماً من اجتماعات "الدستورية"، معتبراً أن عمل هذه اللجنة "ينبغي أن يتسم بالمرونة والمشاركة البنّاءة من دون تدخّل خارجي وجداول زمنية مفروضة من الخارج، بهدف التوصل إلى توافق عام بين أعضائها، من شأنه أن يؤدي إلى مخرجات تحظى بدعم الشعب السوري على أوسع نطاق ممكن".

هذا الرأي يُعتبر بمثابة دعوة لتكريس حالة الاستعصاء التي يحاول النظام فرضها في عمل اللجنة الدستورية وإغراقها بالتفاصيل، بدعوى التوصل إلى تفاهم على بديهيات وثوابت يتوافق عليها كلّ السوريين والابتعاد عن المواضيع الخلافية ضمن المضامين الدستورية، وبالتالي دفع المعارضة إما إلى الانسحاب من هذا المسار أو البقاء ضمن حالة المراوحة في المكان الذي تصب في مصلحة النظام بالدرجة الأولى. كما يفسح ذلك المجال أمام روسيا لطرح أستانة كمسار للحل السياسي في سورية، على طريقتها، كونه مساراً يرعاه داعمان للنظام (روسيا وإيران) مقابل داعم للمعارضة، هي تركيا. وفي حال عدم توافر إرادة دولية، وخصوصاً لدى الإدارة الأميركية الجديدة لحل سياسي منصف وفق القرارات الأممية في سورية، فإن موسكو ستنجح بجرّ المجتمع الدولي لاعتماد أستانة كمسار للحل السياسي في سورية.

المساهمون