لبنان: جلسة عاشرة لانتخاب رئيس بعد تعثر حوار دعا إليه رئيس البرلمان

13 ديسمبر 2022
يبحث بري إجراء مشاورات ثنائية ومع الكتل النيابية (حسين بيضون)
+ الخط -

دعا رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، اليوم الثلاثاء، إلى عقد جلسة عاشرة لانتخاب رئيس جديد للبلاد بعد غدٍ الخميس، وذلك إثر تعثر دعوته للحوار للمرة الثانية، لتكون هذه الجلسة الأخيرة لعام 2022، مع دخول البلاد عطلة الأعياد.

وقال مصدرٌ مقرّبٌ من بري لـ"العربي الجديد"، إن بري تلقى رفض حزب "القوات اللبنانية" (برئاسة سمير جعجع) و"التيار الوطني الحر" (برئاسة النائب جبران باسيل) المشاركة بالحوار الذي دعا إليه عوضاً عن جلسة الخميس، من هنا تراجع عن خطوته، كما فعل سابقاً في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وأشار المصدر إلى أن "كتلاً كثيرة أعلنت تلبيتها الدعوة، لكن رفض أكبر كتلتين برلمانيتين مسيحيتين في المجلس يضرب الهدف وراء عقد الحوار الذي يفترض أن يكون جامعاً، للتشاور والتباحث رئاسياً، بعدما تكررت النتائج نفسها في الجلسات التسع الماضية".

ولفت إلى أن "بري أراد المحاولة مرّة جديدة رغم الاعتراض الذي تلقاه سابقاً، من الطرفين ذاتهما، لأنه يدرك أولاً أن التوافق أساس لملء الشغور الرئاسي، ولتلقيه ثانياً، تمنيات من نواب كثر بتجديد الدعوة وإحداث خرق للمشهد قبيل نهاية العام"، مشيراً إلى أن "بري يبحث إجراء مشاورات ثنائية، ومع الكتل النيابية، سواء شخصياً أو عبر موفد لاستطلاع الآراء، لعلمه بمدى دقة المرحلة وخطورة المماطلة والتأخير في انتخاب رئيس".

وطالب حزب "القوات اللبنانية" رئيس البرلمان بـ"سحب دعوته إلى الحوار، والعودة إلى نصوص الدستور اللبناني الواضحة من خلال دعوة المجلس إلى عقد جلسات مفتوحة لا تنتهي إلا بانتخاب رئيس جديد للجمهورية يعيد للشعب أمله بوطنه وللسلطات الدستورية انتظامها".

وقال رئيس جهاز الإعلام والتواصل في "القوات" شارل جبور لـ"العربي الجديد"، إن "موقفنا من الحوار لم يتغير ومبادئنا ثابتة، ونحن نؤيد إجراءه بين دورة وأخرى، لكن من دون أن يحلّ مكان الجلسات"، مشيراً إلى أن "هذه الخطوة تمثل ضرباً للدستور، والسبب بالأساس وراء عدم انتخاب رئيس هو المخالفة المستمرة للنصوص والأصول الدستورية".

وسأل جبور "ما الهدف وراء الدعوة إلى الحوار بدل الجلسات؟ هل المطلوب توزيع الأسماء الرئاسية على الطاولة والبحث بها؟ الأمور لا تسير بهذا الشكل، انتخاب الرئيس مسألة ديمقراطية ويفترض احترام الآليات المنصوص عليها في الدستور".

ودعا جبور بري إلى "عدم إقفال الدورة الانتخابية ما إن تنتهي الدورة الأولى، وإن أراد يمكنه محاورة النواب والتشاور معهم أو مع رؤساء كتلهم البرلمانية في مكتبه، على أن يفتح من بعدها الدورات التالية، لتبقى مفتوحة لحين انتخاب رئيسٍ للبلاد".

وقال رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع في بيان، اليوم الثلاثاء، إن "من يعطّل تطبيق الدستور ومن يمدّد عمر الشغور الرئاسي، وبالتالي عمر الأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية التي لا يؤدي تعطيل انتخاب الرئيس سوى إلى مفاقمتها، يجب مساءلته أمام الشعب والتاريخ".

على صعيد "التيار الوطني الحر"، لم يصدر أي بيان رسمي حتى الساعة رافض للحوار، علماً أن أوساطه السياسية كانت قد لوَّحت إلى تريثٍ في القرار، وانفتاح أكثر من المرة الأولى التي وُجّهت فيها الدعوة، نظراً لضرورة إحداث خرق للجمود، لكنه في الوقت نفسه يرى أن الحوار يجب أن يحضَّر له بشكل جيّد.

وتطرّق رئيس التيار جبران باسيل في مقابلته التلفزيونية الأخيرة إلى الحوار الذي دعا إليه بري، وقد دمجه مع الجلسة الوزارية التي شارك فيها وزراء حليفه "حزب الله" و"حركة أمل" (برئاسة نبيه بري)، مشيراً إلى أنه "مع مبدأ الحوار والتشاور، ولكن لنجاح الحوار يجب أن يتم التحضير له، كذلك لا يمكن أن تضربني بخنجر في مكان ومن ثم تدعوني إلى الحوار"، لافتاً أيضاً إلى أن "هناك جرحاً كبيراً وبري لا يحتاج إلى من يعلّمه عن الميثاقية التي يصرّ على تطبيقها في مجلس النواب".

باسيل، الذي كان قد طرح يوم الجمعة الماضي بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي حواراً مسيحياً رئاسياً، تشير أوساطه في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الحلف مع حزب الله مستمرّ، وإن اهتزّ قليلاً، وانطلاقاً من ضرورة التشاور بين الأفرقاء، قد يحصل لقاء على مستوى عالٍ بين التيار والحزب كجلسة مصارحة، وعرض مواقف، فكل فريق له قراره المستقلّ، ويمكن من خلال التباحث الوصول إلى نقطة التقاء".

ولم تعلن أوساط التيار خطوتها لجلسة الخميس، بعد خروجها الأسبوع الماضي عن مسار الورقة البيضاء المعتمد من قبل الحلف السياسي، لكنها تؤكد أن الاستمرار بالورقة البيضاء لم يعد ممكناً، فالخرق مطلوبٌ، ويجب المضي قدماً باختيار مرشحٍ للرئاسة.

وكان باسيل قد عبّر أخيراً عن رفضه دعم رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، المرشح غير المعلن من قبل "حزب الله" و"حركة أمل"، كما رفض وصول قائد الجيش العماد جوزاف عون لسدة الرئاسة، علماً أنه من المرشحين "الطبيعيين" في لبنان نسبة إلى طائفته المارونية، وموقعه العسكري، والتجارب الرئاسية التي تجعل من كل قائد جيش مرشحاً للرئاسة.

تجدر الإشارة إلى أن أسهم عون تُعَدّ مرتفعة، مع ما يتردّد من أنباء عن رضا خارجي عنه، في حين هناك ميلٌ داخليٌّ واسعٌ يؤيّد ترشيحه، ولا سيما في حال السير بتسوية رئاسية، بما في ذلك حزب "القوات اللبنانية"، الذي أكد رئيسه ألا فيتو على قائد الجيش.

وشهدت جلسة الخميس الماضي عجز البرلمان عن انتخاب رئيس جديد للبلاد، في سيناريو مكرّر لعقد الدورة الأولى وتطيير نصاب الدورة الثانية، لكن تمايز "التيار الوطني الحر" غيّر النتيجة التي أفضت للمرة الأولى إلى تعادل في الأصوات بين الورقة البيضاء ومرشح الأحزاب المعارضة النائب ميشال معوض على خطّ الـ39 صوتاً، من دون أن تؤدي في المقابل إلى انتخاب رئيسٍ.

المساهمون