- الجيش اللبناني يوقف سوريين متورطين في الخطف، مع استمرار التحقيقات لكشف دوافع العملية ومحاولة إعادة سليمان لعائلته، مما يؤثر على الأوضاع الأمنية والسياسية في لبنان.
- حسن نصر الله ينفي تورط حزب الله، مشيرًا إلى أن الخطف كان لأغراض الفدية بمشاركة لبنانيين وسوريين، فيما تتصاعد الدعوات السياسية المنددة بالحادثة والتحذيرات من استغلالها سياسيًا.
انشغل الشارع اللبناني، منذ عصر الأحد، بتوتر أمني على خلفية خطف وقتل مسؤول في حزب القوات اللبنانية (يرأسه سمير جعجع) في بلدة الخاربة في قضاء جبيل، تبعته دعوات سياسية إلى التهدئة ريثما تنكشف ملابسات القضية، خصوصاً بعدما سارع مناصرون وناشطون سياسيون معارضون لحزب الله إلى اتهام الأخير بالوقوف وراء العملية، رابطين إيّاها بجريمة خطف المسؤول في "القوات" إلياس حصروتي وقتله في الجنوب في أغسطس/آب الماضي.
وقال المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي إنه تبلغ من الأجهزة الأمنية المعنية نبأ مقتل المسؤول في حزب القوات اللبنانية باسكال سليمان الذي كان قد خطف مساء أمس.
وقال إن الأجهزة الأمنية قد باشرت منذ انتشار نبأ اختطافه تحرياتها واستقصاءاتها لكشف الفاعلين والضالعين في الجريمة، وإعادة المخطوف إلى عائلته سالماً، لكن يبدو أن الجهات الخاطفة، التي تستمر التحقيقات لكشف كامل هويتها، عمدت إلى تصفيته.
وأضاف "إننا ندين ونشجب هذا العمل الاجرامي، ونتقدم بالتعازي من ذويه ومن حزب القوات اللبنانية، ونشدد على استمرار التحقيقات لكشف الملابسات الكاملة وراء عملية الخطف والمتورطين فيها وفي اغتيال المخطوف، وتقديمهم إلى العدالة".
ودعا ميقاتي "في هذه الظروف العصيبة الجميع إلى ضبط النفس، والتحلي بالحكمة، وعدم الانجرار وراء الشائعات والانفعالات".
وفي ساعات مساء الأحد، تعرّض منسّق منطقة جبيل في "القوات اللبنانية" باسكال سليمان للخطف لدى عودته من واجب عزاء، وقد عُثِر على هاتفه الخلوي مرمياً على الطريق في بلدة ميفوق، في حين انتشرت مقاطع فيديو رُبِطت بعملية الخطف قبل اقتياد المسؤول إلى جهة مجهولة، كما نُسِب تسجيل صوتي أخير إليه وهو يقول للمسلحين "لا تقتلوني لدي أولاد".
وكان الجيش اللبناني، قد أعلن في وقت سابق اليوم الاثنين، أن "مديرية المخابرات تمكّنت بعد متابعة أمنية من توقيف عددٍ من السوريين المشاركين في عملية الخطف، وتجري المتابعة لتحديد مكان المخطوف ودوافع العملية".
وفي بيان صدر في وقت لاحق، أعلن الجيش توقيف 3 سوريين إضافيين مشاركين في عملية الخطف "ويجري التحقيق معهم لكشف ملابسات العملية".
على أثر خطف المواطن باسكال سليمان بتاريخ ٢٠٢٤/٤/٧، تمكنت مديرية المخابرات بعد متابعة أمنية من توقيف عدد من السوريين المشاركين في عملية الخطف، وتجري المتابعة لتحديد مكان المخطوف ودوافع العملية.#الجيش_اللبناني #LebaneseArmy pic.twitter.com/mPZ1m5Dn2h
— الجيش اللبناني (@LebarmyOfficial) April 8, 2024
ومنذ لحظة إعلان خبر الخطف، سارع مناصرون في "القوات اللبنانية" ومعارضون لحزب الله إلى توجيه دعوات لقطع الطريق في جبيل والنزول إلى الشارع وإقفال جميع المحال في خطوات اُتهم فيها "القوات" بمحاولة شدّ العصب الطائفي الحزبي في ظلّ مرحلة يعلو فيها الخطاب السياسي المعارض لسلاح حزب الله ورفض تحويله الجنوب جبهة لمساندة غزة.
جبيل تلبي النداء وتعبّر عن حزنها واستنكارها وشجبها لاختطاف منسق القوات اللبنانية باسكال سليمان.
— Ziad Hawat (@ziad_hawat) April 8, 2024
كلنا صوت واحد وجبيل بكل مكوناتها وتلاوينها تدعو للإسراع في كشف الملابسات وإعادة سليمان إلى عائلته ومحبيه. pic.twitter.com/aWeQ8TLT5m
وانضم رئيس "القوات اللبنانية" سمير جعجع أمس الأحد إلى المناصرين الذين تجمعوا في مركز الحزب في منطقة مستيتا- جبيل بعد عملية الخطف، وأوعز بعدم رمي الاتهامات جزافاً.
إثر ذلك، تابع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عملية الخطف، وطلب في سلسلة اتصالات مع وزير الداخلية بسام مولوي وقائد الجيش العماد جوزيف عون ومع القادة الأمنيين تكثيف التحقيقات والتنسيق في ما بين الأجهزة الأمنية لكشف ملابسات القضية في أسرع وقت.
وقال النائب عن "القوات اللبنانية" فادي كرم عبر موقع الحزب الالكتروني إنه "ليس هناك من معلومات دقيقة، وكل ما يجري هو من أجل حرف الأنظار وتجهيل الفاعل عبر معلومات غير مؤكدة".
من جانبه، قال النائب السابق في "القوات اللبنانية" عماد واكيم في منشور عبر منصة إكس، إن "خطف سليمان لن يمر مرور الكرام"، مضيفاً: "لضبط النفس وانتظار التحقيقات سقف هو عودته سالماً إلى عائلته ورفاقه ومنطقته.. دون هذا السقف لا يلومنا أحد على ردة فعلنا".
وتوالت المواقف السياسية المعلقة على الحادثة منها وضعت ما حصل في قالب التطور الأمني الخطير، داعية الأجهزة الأمنية إلى كشف ملابسات ما حصل سريعاً.
نصر الله: اتهام ظالم ينطلق من أحقاد دفينة
وردّ الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله على الاتهامات بخطف المسؤول معتبراً أنها "ظالمة" وغير قائمة على دليل، و"تنطلق من أحقاد هائلة ودفينة".
واعتبر نصر الله أن ما صدر مساء أمس وصباح اليوم الاثنين من مواقف سياسية خصوصاً عن "القوات اللبنانية" تأتي في سياق الأحقاد والحماقات وفي مكانٍ ما الارتباط بالمشاريع الخارجية والتآمر وتقديم الخدمات للخارج، مشيراً إلى أنّ التحقيقات أظهرت حتى الساعة أن هناك عصابة خطفت سليمان مؤلفة من لبنانيين وسوريين طلباً للفدية، والموضوع لا علاقة له بالسياسة وبحزب الله.
وتوقف نصر الله عند سرعة اتهام حزب الله بخطف سليمان، واستباق التحقيقات من حزبي "القوات اللبنانية" و"الكتائب اللبنانية" والجماعات التي تدور في فلكهما وبعض "التلفزيونات الخبيئة" وفق تعبيره، ودعوة الناس للنزول إلى الشارع وقطع الطرقات وإطلاق مواقف طائفية بغيضة تذكّر بحرب إبريل/نيسان 1975، ومن ثم التهديد باستخدام البنادق، وقال "على أساس أنتم أحزاب سياسية لا سلاح لديها ولا بنادق وديمقراطيون".
وذكّر نصر الله "القوات اللبنانية" والكتائب اللبنانية" بـ"الحرب الأهلية التي أقاموها وأحزاباً أخرى في إبريل 1975، ودمّرت لبنان وأسقطت مئات آلاف القتلى والجرحى والمهجّرين، وحمّلت الخزينة عشرات مليارات الدولارات".
وسأل نصر الله هؤلاء في معرض ردّه على هجومهم عليه بأخذه منفرداً قرار الحرب والسلم في البلاد وربطه جبهة لبنان بغزة، "هل أخذتم قرار الدولة اللبنانية أم أنتم من أقمتم الحرب؟ حتى قرار الدفاع أنتم أخذتموه في حرب أهلية داخلية، واليوم تناقشون المقاومة التي تدافع عن البلد وتأخذ قرار الحرب بوجه عدو يدعي اللبنانيون أنهم يجمعون على عداوته".
"الكتائب": عملية الخطف تطور خطير جداً
من جانبه، قال رئيس حزب الكتائب اللبنانية المعارض لحزب الله النائب سامي الجميل إن عملية الخطف التي حصلت في جبيل تطور خطير جداً، مطالباً الأجهزة الأمنية كافة بالتنسيق في ما بينها والعمل لكشف ملابسات ما حصل.
كما طالب النائب أشرف ريفي "الأجهزة الأمنية بالضرب بقوة على يد من ارتكب الجريمة ووضَع لبنان أمام فوهة الانفجار في وقتٍ نحن أحوجُ فيه إلى الهدوء والسعي لإحياء عمل المؤسسات والنهوض من ركام التعطيل والفوضى الأمنية، ومواجهة تداعيات ما يجري في المنطقة من صراعاتٍ وتحولاتٍ إقليمية".
من جهته، دعا النائب عن التيار الوطني الحر (برئاسة النائب جبران باسيل)، سيمون أبي رميا إلى "عدم الانجرار وراء الشائعات بل التمتع بالحكمة والمسؤولية على أمل جلاء الملابسات سريعاً فالوقت ليس وقت الكلام إنما الفعل للأجهزة الأمنية لتوقيف الخاطفين وعودة باسكال إلى عائلته".
بدوره، قال المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان: "بخصوص ما جرى مع باسكال سليمان أقول بكل مسؤولية وطنية، لبنان كلّه ضد جرائم الخطف ولا يمكن أن يقوم بهذا العمل أي فريق سياسي أو شريك وطني، وحذار من الاستغلال السياسي والتجييش الطائفي لما جرى لأنّ الأمر مشبوه جداً ويحتاج لوعي وطني صارم وسط بلد يعاني ضغطاً دولياً وإقليمياً وأجهزة وأقنعة تريد لهذا البلد الانزلاق نحو فتنة أهلية تذكّرنا بنار الحرب الأهلية".
وأضاف: "أي كارثة بهذا المجال لا يمكن تداركها، والمطلوب من الأجهزة الأمنية حسم القضية سريعاً، وحذار من التجييش الطائفي والاتهام السياسي، واللغة التي نسمعها مرفوضة، والاتهامات الجزافيّة كارثية وبمثابة إعدام للسلم الأهلي، وحذار من الخطأ بالتقدير لأنّ البلد برميل بارود، والأكيد المطلق أنّ هذا العمل لا يمكن أن يكون بخلفية سياسية، والمسؤولية الوطنية تفترض حماية لبنان من فتنة لا يريدها أحد".