لبنان: بري يصوّب على عون وباسيل ويحدد مواصفات مرشحه لرئاسة الجمهورية

31 اغسطس 2022
حمل خطاب بري جملة رسائل محلية ودولية (حسين بيضون)
+ الخط -

وجّه رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري في مهرجان الذكرى الـ44 لتغييب مؤسس "حركة أمل" اللبنانية، الإمام موسى الصدر، مساء الأربعاء، جملة رسائل سياسية، محلية ودولية، كان نجمها الأبرز الرئيس ميشال عون ومن خلفه صهره رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، الذي كانت له حصة الأسد من الهجوم، رئاسياً وعلى المستوى الحكومي.

ومع دخول لبنان مطلع سبتمبر/أيلول المهلة الدستورية التي يلتئم فيها البرلمان بدعوة من رئيسه لانتخاب رئيس جديد للبلاد، حدّد بري مواصفات الرئيس الجديد، في السباق الرئاسي الذي يتنافس فيه وفق تعبيره "مرشحون طبيعيون" من دون أن يسمّيهم، مشدداً على أننا "سنقترع للشخصية المؤمنة بوحدة لبنان وعروبته، التي يجتمع عليها اللبنانيون، التي تجمع ولا تطرح ولا تقسم، توحّد ولا تفرّق، الشخصية التي بقدر ما هي تحتاج إلى حيثية مسيحية، تحتاج أيضاً إلى حيثية إسلامية، وقبلهما حيثية وطنية".

وأضاف "سنقترع للشخصية المؤمنة بالثوابت الوطنية والقومية لمجابهة التحدي، لا أن تكون هي التحدي لإرادة اللبنانيين، وشخصية تعتقد اعتقاداً راسخاً أن إسرائيل ككيان وكمشروع تمثل تهديداً وجودياً للبنان ونقيض دوره ورسالته في المنطقة".

ومن المرشحين الطبيعيين لرئاسة الجمهورية، حليفا "حزب الله"، رئيس "تيار المردة" الوزير الأسبق سليمان فرنجية، ورئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، الذي يُعرَف بخلافه الكبير مع بري، وهو الذي يملك أيضاً مقاربة مختلفة في ملف العدو مع "حركة أمل"، ويغمز دائماً من بوابة السلام، في حين يتقدم فرنجية على باسيل عند حزب الله الذي كان دعم في استحقاق 2016 الرئيس عون، على أن يدعم لاحقاً فرنجية، وقد خاض لأجل عون معركة شرسة، وضعت البلاد في فراغ استمرّ سنتين ونصف السنة.

وقال بري "غداً تبدأ المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية، ومع بدء بروز المرشحين الطبيعيين لهذا المنصب، وهذا حق طبيعي ومشروع، لكن ما ليس طبيعياً ومشروعاً أن يعمد البعض إلى تصوير الأمر لدى اللبنانيين بأن نهاية الفترة الدستورية هي نهاية للبنان ووضعه على شفير الخطر الوجودي، في حين أن الطبيعي أن تكون الاستحقاقات محطة أمل للبنانيين، لإعادة انتاج السلطة وتطويرها بما يتلاءم مع التحديات"، مشدداً على أنه "ما ليس مشروعاً الاستسلام لبعض الإرادات الخبيثة التي تعمل بجهدٍ لإسقاط البلد ومؤسساته في دوامة الفراغ".

وأضاف "في الاستحقاق الرئاسي، نذكر من يحاول أن يتشاطر ويتذاكى بأن لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية وأن المجلس النيابي هو المؤسسة الأم التي تمثل الشعب، وهو الوحيد المنوط به تفسير الدستور وما تضمنه من أحكام لناحية مبدأ تداول السلطات، ومسؤولية المجلس ورئيسه فرض التقيد باحترام المهل والعمل على إنجاز هذا الاستحقاق"، غامزاً من قناة الفتاوى الدستورية التي يحاول فرضها الرئيس عون وصهره باسيل، خصوصاً على مستوى أن حكومة تصريف الأعمال غير قادرة على تولي مهام رئاسة الجمهورية في حال الفراغ الرئاسي، ومحاولة التشريع لحكومة انتقالية يرأسها باسيل، عدا عن الإيحاء ببقاء عون في قصر بعبدا في حال لم ينتخب خلف له.

وشجع بري على دعم كل لقاء ممكن أن يفضي إلى توافق وطني عام حول الاستحقاق، مؤكداً أنه "بانتظار ما ستفضي إليه مساعي الوفاق واللقاءات فالمجلس بكل لجانه سيكثف من عمله التشريعي ويطلب من الحكومة المؤازرة لإقرار الموازنة والقوانين الإصلاحية والخطة المالية لتعبيد الطريق أمام الرئيس العتيد". يشار إلى أن بري كان سبق أن ربط موعد الدعوة لجلسة انتخاب الرئيس بإقرار مجلس النواب جملة قوانين إصلاحية، الأمر الذي لم يحصل لغاية الساعة.

كذلك، وجه بري رسائل عدّة بما تضمنته من هجوم على الرئيس عون، ولا سيما من بوابة مطالبته بضم ستة وزراء دولة للحكومة لتصبح ثلاثينية، فذكر بري أنه في حكومة تمام سلام كان هناك 24 وزيراً، كل وزير فيها أصبح بمثابة رئيس جمهورية، خلافاً للدستور والقانون.

وقال "يريدون إعادتنا إلى تلك الأيام، وكأن لا يكفينا ما نحن فيه"، مؤكداً "ليس مسموحاً أو طبيعياً العبث بالدستور أو التمرّد عليه أو البحث عن اجتهادات غبّ الطلب أو مطامع أو مطامح لهذا أو ذاك، فالدستور وجد ليطبق فلنحتكم إليه في مقاربة الاستحقاقات لتجنيب الوطن والمواطن المنزلقات الخطرة".

ويلعب بري دوراً حكومياً إلى جانب حزب الله ورئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط لتذليل العقبات وتقريب المسافات بين عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، اللذين لم يتوصلا حتى الساعة، ورغم لقائهما اليوم الأربعاء، إلى حلّ يرضي الطرفين، فيما لا تزال المراوحة الحكومية سيدة المشهد.

وعرّج بري على ملف ترسيم الحدود البحرية جنوباً، مؤكداً أن لبنان يؤيد المفاوضات غير المباشرة مع العدو، لكن ليس للأبد، معتبراً أن الكرة اليوم في ملعب الأطراف الراعية للتفاوض أي الملعب الأميركي، متوقفاً عند قول الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين بعودته إلى بيروت خلال أسبوعين من زيارته الأخيرة إلى بيروت مطلع الشهر الجاري، لكنه حتى اليوم لم يعد ومعه الجواب الإسرائيلي حول المقترح اللبناني. يشار إلى أن لبنان طالب بحقل قانا كاملاً، والخط 23، ويرفض تقاسم الحقول النفطية أو استخراج النفط مع العدو.

ولوّح أيضاً بري بالتصعيد العسكري، وهي خطى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، مشدداً على أننا "لسنا هواة حرب لكن إذا ما هددت سيادتنا وأرضنا وبحرنا سنكون في موقع الدفاع عن هذه الحقوق والحدود وثرواتها في كل مواقع التحرير"، متوقفاً كذلك عند الحصار المفروض بمنع شركتي "توتال" الفرنسية، و"إيني" الإيطالية، ومنعهما من الحفر في المناطق غير المتنازع عليها. سائلاً "ما الذي يمنع القيام بهذه الأعمال، غير التسويف لتؤكل حقوقنا".

وجدد بري التأكيد أننا "في المبدأ والاستراتيجية نعتبر أن كل متر مكعب من الغاز والنفط والحدود المقابلة للحدود البحرية مع لبنان مغتصبة ومحتلة لأنها حدود مع أهلنا وإخوتنا الفلسطينيين، وبانتظار الجواب الإسرائيلي الذي سيحمله الوسيط الأميركي نؤكد أن هذه حدودنا وسيادتنا وشرفنا ولن نقايض عليها أو نفرط بها وسندافع عنها بكل ما نملك من قدرات".

وأكد رئيس البرلمان أن "لبنان ليس بخير"، مذكراً بدعوته لإعلان حال طوارئ اقتصادية، متوجهاً كذلك بالهجوم على باسيل من بوابة وزارة الطاقة، وهو الذي لطالما اتهم بري ضمنًا بالتعطيل في هذا الملف. وسأل بري "ما هي مبررات عدم تشكيل الهيئة الناظمة للكهرباء؟"، معتبراً أن الهيئة استنزفت أكثر من ثلث مالية الدولة والدين العام.

المساهمون