كيف ينظر سكان الجنوب السوري إلى الغارات الأردنية لمحكافحة المخدرات؟

06 يناير 2024
أحد سكان الجنوب السوري: الضربات سياسية أكثر منها محاربة لتجار المخدرات (Getty)
+ الخط -

واجه العديد من مواطني محافظة السويداء في الجنوب السوري الضربات الجوية التي يعتقد أنها أردنية، لكن لم يعترف بها من الجانب الأردني حتى اليوم، بغية مكافحة التهريب خصوصاً المخدرات، بكثير من المشاعر المتناقضة بين الحق بالدفاع عن النفس من جانب الأردن، والغضب والاستنكار من الأخطاء القاتلة، والسخرية من فاعلية الغارات وضعف الاستخبارات في الوصول إلى الأهداف، فيما اعتبرها البعض عملاً عدوانياً لا يختلف عن أي اعتداء تتعرض له الأراضي السورية.

وللمرة الثالثة خلال أشهر، يجد السكان الجنوبيون أنفسهم مع مقاتلات جوية حقيقية منذ سبعينيات القرن الماضي، من دون أن يكون لهم ذنب في حرب المخدرات وأطرافها، حتى لو كان بين ظهرانيهم تاجر هنا ومهرب هناك.

أحد أبناء المنطقة قال، لـ"العربي الجديد"، إن سكان الجنوب السوري لا يستغربون عدم صدور أي موقف أو تعليق من النظام السوري أو حكومته، أو اعتراف من الجانب الأردني حول هذه الضربات، لكنهم يستهجنون أن يُقتل أطفال وأبرياء في قصفٍ جوي من دون إدانة من أحد.

وأضاف مفضلاً عدم ذكر اسمه: "أصبحنا كسوريين منسيين ولا نمثل لدى العالم سوى أرقام في سجلات المفقودين".

من جهتها، ترى شهيرة الطرودي أن هذه الضربات في الجنوب السوري "سياسية أكثر منها محاربة لتجار المخدرات، فالطرفان الأردني والسوري يعرفان المنتج والتاجر والمهرب، ويمكنهما بقليل من التعاون والعمل الاستخباري محاصرة هذا الخطر ووأده من المنبع، ولكن ما يحصل هو استهتار بأمن وسلامة المواطنين من جانب الطرفين، فلا قيمة لحياتهم عند السلطة السورية، ولا الطرف الآخر ينظر باحترام وهيبة إلى هذه السلطة، وبالتالي فإن المدنيين دائما هم الضحايا".

وأصابت حالة من الرعب الأطفال في القرى والبلدات القريبة من الأماكن المستهدفة، بحسب ما روى أهالي تلك المناطق لـ"العربي الجديد"، حيث قضى غالبية الأهالي في هذه المناطق ساعات الليل حتى الصباح، جراء الغارات الأخيرة، في حالة من القلق والترقب، خاصة بعدما أثبت سلاح الجو الأردني عدم الدقة والمعرفة بالأهداف المنشودة، وذهب أكثر من ضحية نتيجة الاستهتار بحياة السوريين.

أصابت حالة من الرعب الأطفال في القرى والبلدات القريبة من الأماكن المستهدفة

وحول ذلك تتساءل سلوى زيدان خلال حديث لـ"العربي الجديد": "هل يُدرك صاحب القرار الأردني حجم الخوف والرعب الذي ألمّ بأطفالنا؟ وهل كان يجب للتخلص من مرعي الرمثان (مهرب قتل في الثامن من مايو/ أيار 2023) أن يقتل معه أطفاله الخمسة وزوجته"؟.

 وتختم بالقول: "لا أجد أي فارق بين هذه الأنظمة، فجميعها قاتلة وكل دول العالم تصفق لها".

واستهدفت الغارات الأخيرة بئر مياه واحدة بالقرب من قرية أم الرمان، جرى إصلاحها حديثاً وراح ضحيتها مواطن لا ذنب له بشيء، وتبين لاحقاً أن الغارة خاطئة.

وكتب الشيخ سمير أبو طافش القاطن في قرية أم الرمان، جنوبي السويداء، منشوراً على صفحته في "فيسبوك"، قال فيه: "ليس من مبرر لقصف بئر مياه في أراضي قرية أم الرمان، والذي ذهب ضحيته شاب يشهد له أهالي القرية بسلوكه الحسن. البئر مهجورة تماما من سنتين أو أكثر ومغلقة، ولم يعرف عنها أنها كانت مأوى للمهربين".

وأضاف: منذ أقل من شهر، أعادت "الدولة" محاولة تأهيلها وإصلاحها، وبهذه الفترة البسيطة (فترة الإصلاح) عاد الحارس (المرحوم حمود العاقل) ليقوم بواجبه، واليوم يذهب ضحية أمرين أولهما إهمال السلطة واجباتها تجاه مواطنيها منذ سنوات، وعدم كبح جماح المهربين إلى حد اتهامها بإدارة عمليات التهريب، وثانيهما القصف الأردني غير الدقيق والقائم على معلومات مغلوطة".

غارات عدة في الجنوب السوري

ولم تكن الغارات التي شنها الطيران الأردني في ريف السويداء الجنوبي، ليل الخميس الماضي، هي الأولى من نوعها، فقد أغار ليل الثامن من مايو/ أيار الماضي على قرية الشعاب شرقي بلدة ملح، ما أدى إلى مقتل تاجر المخدرات مرعي الرمثان مع أطفاله الخمسة وزوجته، لتتكرر في الثامن عشر من ديسمبر/ كانون الأول الماضي الغارات على عدة مناطق في الريف الجنوبي، أصابت منزلاً في مدينة صلخد ومزرعة جنوب قرية ذيبين، وقتل 5 مواطنين، لتكون حصيلة الغارات في المرتين 13 قتيلاً من أبناء المحافظة.

ورغم هذه التطورات، التزم الإعلام الرسمي في سورية الصمت، ولم يصدر عن النظام السوري أي تعليق، بينما لم يتبن الأردن رسمياً هذه الغارات.

وتعتبر ميادة العبدالله، ابنة المنطقة الجنوبية، أن هذه الغارات لم تنتهك الأرواح فقط، بل سيادة الدولة السورية، وخرقت القوانين الدولية وحق الجوار. ودعت العبدلله المجتمع الدولي لإيجاد حل لقضية تهريب المخدرات، الأمر الذي يتحقق بعد حل الأزمة السورية وقيام دولة تستطيع حماية حدودها وحدود جيرانها، وفق قولها.

ويذهب اسماعيل الممساني إلى القول إن صمت النظام السوري ليس مفاجئاً، وكأن ما يجري يتم بالتنسيق معه، خاصة أن ذلك يتزامن مع الحراك الشعبي في السويداء ضد النظام السوري.

أما فيصل المعاز فيرى أن خلاص السويداء يكمن في وضع حد لعصابات التهريب، لأن وجودها يشكل خطراً على حياة الأبرياء، داعيا فصائل المحافظة للتوحد ضد العصابات واجتثاثها.

المساهمون