استمع إلى الملخص
- يتم تهجير الفلسطينيين من شمال القطاع، مع إنشاء مواقع عسكرية جديدة وتوسيع المحاور اللوجستية، مما يعكس نية الاحتلال للبقاء لفترة طويلة.
- تتضمن الخطة توسيع السيطرة على محاور مثل نتساريم وصلاح الدين، وإنشاء منطقة عازلة، بهدف إبعاد تهديد الصواريخ عن مستوطنات غلاف غزة.
يؤسس الاحتلال للبقاء في قطاع غزة على الأقل حتى نهاية عام 2025
الاحتلال يهدم مباني بزعم تفادي تشكيلها خطراً على الجنود
هآرتس: يطلب من القوات تحريك السكان جنوباً وتسوية المنازل بالأرض
يؤسس جيش الاحتلال الإسرائيلي، بموازاة حرب الإبادة التي يشنّها على غزة، للبقاء لفترة قد تكون طويلة في القطاع، من خلال قيامه بأعمال تطوير لراحة جنوده، مقابل مواصلة تهجير الفلسطينيين، وهو ما أشارت إليه تقارير إسرائيلية في الأيام الماضية، منها معطيات على الأرض وشهادات ضباط وقادة في جيش الاحتلال، نشرتها صحيفة هآرتس اليوم الأربعاء.
وتؤسس دولة الاحتلال، وفقاً للصحيفة، للبقاء في قطاع غزة على الأقل حتى نهاية عام 2025، وهو ما يظهر في ممارسات الجيش على الأرض، وإقامة بنى تحتية ومواقع عسكرية وشقّ طرق، وتوسيع بعض المناطق، ونشر هوائيات خليوية مثلاً لتحسين الإرسال في الهواتف المحمولة. وتُنفذ "أعمال التطوير" في القطاع بـ"همّة كبيرة"، منها شق شوارع، ونصب هوائيات، وبنى تحتية للمياه، والصرف الصحي، والكهرباء، وإقامة مبان متنقلة. ويمكن ملاحظة ذلك في محور نتساريم ومناطق أخرى في القطاع، وذلك بهدف إنشاء بنية تحتية لبقاء الجيش لفترة طويلة المدى.
وأضافت الصحيفة أن المعطيات التي وصلتها توضح حجم سيطرة جيش الاحتلال على مناطق في قطاع غزة، على نحو يذكّر بالجيوب التي كانت في فترة ما قبل فك الارتباط عام 2005. ومن بين ذلك شارع عريض في محور نتساريم، ومن حوله مواقع عسكرية جديدة. كما جرى فتح محور في كيسوفيم وحوله أرض مكشوفة، على الأقل في هذه المرحلة. وذكرت أن إلقاء نظرة على البيانات التوضيحية للحرب خلال 2025، والتي تلقاها ضباط وجنود جيش الاحتلال في الأسابيع الأخيرة، توضح التأسيس لاحتلال الأرض لفترة طويلة، وهدم المزيد من مباني الفلسطينيين بذريعة تفادي تشكيلها خطراً على الجنود.
ونقلت الصحيفة عن ضابط خدم حتى نهاية الصيف بموقع عسكري في محيط محور نتساريم، إشارته إلى وجود "حاويات محصّنة، تشمل مقابس، ومكيّفات وكل شيء، بمستوى أعلى من معظم المواقع العسكرية التي خدمت فيها. وكان لدينا مطبخ لمنتجات الألبان، وآخر للحوم (فصل حسب الشريعة اليهودية)، وكنيس جرى إدخاله، وحتى غرفة العمليات كانت داخل حاوية محصّنة. وأضاف: "ساد شعور، أن الأمر لا يدور عن وضع مؤقت"، بالتزامن مع مواصلة جيش الاحتلال تهجير سكان شمال القطاع، وتحويل المكان إلى شيء يشبه الجيوب العسكرية.
ويزعم مسؤولون كبار في المستوى السياسي والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن تهجير شمال القطاع ليس جزءاً من "خطة الجنرالات" الرامية إلى فرض حصار على المنطقة، وتجويع سكانها وتهجيرهم، لكن مسؤولين أمنيين كباراً تحدثوا إلى "هآرتس"، دون أن تسمّيهم، أكدوا أنه "مطلوب من الجيش اليوم إخلاء قرى ومدن من سكانها"، وأن ثمة مناطق كان يسكنها على سبيل المثال نحو نصف مليون فلسطيني في غزة، لا يتجاوز عدد سكانها اليوم 20 ألفاً أو أقل.
ونقلت الصحيفة عن ضابط كبير شارك في حرب الإبادة في قطاع غزة، منذ فترة ليست بطويلة، قوله: "في الأشهر الأخيرة كل ما يُطلب من القوات على الأرض هو تحريك السكان جنوباً وتسوية المنازل بالأرض، على مسافة عدة كيلومترات بين المحاور اللوجستية ومناطق وجود القوات، في جميع أرجاء القطاع. وفي جميع هذه المناطق، هناك عمليات بناء عسكرية طويلة المدى"، موضحاً "لا يدور الحديث عن مواقع عسكرية تبنى لشهر أو شهرين". وتشير الصحيفة إلى أن ما يحدث في شمال القطاع "يعكس جزءاً من الصورة فقط". وبحسب الخطة التي يجري تنفيذها، فإن جيش الاحتلال "يعمل من أجل السيطرة على ما لا يقل عن أربع مناطق واسعة في القطاع، أبرزها محور نيتساريم".
ويقول أحد الجنود للصحيفة العبرية: "في أماكن معيّنة لم نعد نرى منازل في غزة". واتسعت مساحة المحور بعرض 6 كيلومترات وطول 7 كيلومترات، ويؤدي إلى الموقع الذي كانت توجد فيه مستوطنة نتساريم قبل الانسحاب منها عام 2005. وبحسب مصادر تحدثت للصحيفة، فإن عرض المحور ليس نهائياً، إذ تعمل قوات جيش الاحتلال اليوم على توسيعه أكثر إلى 7 كيلومترات، بنحو 3.5 كيلومترات من كل جانب.
كما أشارت الصحيفة إلى أعمال هدم إسرائيلية في محور صلاح الدين (فيلادلفي)، في المناطق القريبة من الحدود مع مصر، من أجل توسيع المنطقة التي يسيطر عليها لتمتد على مساحة عدة كيلومترات. وقام جيش الاحتلال بكشف وتوسيع مناطق على طول المحور، بمسافة تتراوح بين 1-3 كيلومترات، وسط رغبة في توسيع إضافي، يواجه اعتراضات دولية.
يضاف إلى ذلك، المنطقة العازلة التي يقيمها الاحتلال على طول الحدود بين قطاع غزة والداخل الفلسطيني، والذي يصل عرضها إلى نحو كيلومتر على الأقل بين مستوطنات غلاف غزة وخط المنازل الأول في القطاع، وذلك بحجة إبعاد تهديد الصواريخ المضادة للدروع عن منازل مستوطنات الغلاف، والوسيلة لتحقيق ذلك هو تدمير وسحق أحياء كاملة في غزة.
ونقلت الصحيفة تقديرات ضابط كبير في أحد الألوية المقاتلة في قطاع غزة، لم تسمّه، قوله: "كما تبدو الأمور على الأرض، فإن الجيش الإسرائيلي لن يخرج من غزة قبل عام 2026. عندما نرى الطرق والمحاور التي جرى شقها هنا، فمن الواضح أن هذا لا يهدف إلى خدمة مناورة برية، أو من أجل عمليات دعم للقوات في المناطق المختلفة، وإنما تقود هذه المحاور من بين أمور أخرى إلى أماكن جرى فيها إخلاء عدد من المستوطنات. ليست لدي معلومات حول نية إقامتها من جديد، فهذا الأمر لا يُقال لنا بوضوح، ولكن الجميع يدركون إلى أين يقود هذا الأمر".