كواليس اختيار رئيس "النقض" و"الأعلى للقضاء" في مصر

16 يوليو 2023
من أمام مقر دار القضاء العالي، القاهرة، 2013 (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

كشف مصدر قضائي مصري بارز، في حديث لـ"العربي الجديد"، عن "تفاصيل وأسباب تجاوز قانون السلطة القضائية المعدل، والخاص باختيار رؤساء الهيئات والجهات القضائية في مصر، والذي تجلى يوم الأحد الماضي في اختيار رئيس جديد لمحكمة النقض والمجلس الأعلى للقضاء".

وصدر قرار جمهوري بتعيين المستشار حسني عبد اللطيف، النائب السابق لرئيس محكمة النقض، والرئيس السابق للمكتب الفني بالمحكمة، في منصب رئيس محكمة النقض ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، خلفاً للمستشار محمد عيد محجوب، الذي انتهت ولايته، ببلوغه سن التقاعد القانونية، في 1 يوليو/ تموز الحالي.

تجاوز للقانون المعدّل

وتنص المادة 44 من القانون الخاص باختيار رؤساء الهيئات القضائية في مصر، والصادر في يونيو/ حزيران 2019، على أن "يُعيّن رئيس محكمة النقض ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، بقرار من رئيس الجمهورية، من بين أقدم 7 نواب لرئيس المحكمة، وذلك لمدة 4 سنوات أو للمدة الباقية حتى بلوغه سن التقاعد أيهما أقرب، ولمرة واحدة فقط طوال مدة عمله".

ينص القانون على أن يُعيّن رئيس محكمة النقض ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، من بين أقدم 7 نواب لرئيس المحكمة

ورغم ما أثاره القانون المعدل بشأن اختيار رؤساء الهيئات القضائية، والذي قيل إنه "عُدّل خصيصاً لتمكين السلطة التنفيذية من فرض سيطرتها وسطوتها على القضاة، باختيار رؤساء الهيئات القضائية، ومن تراه موالياً لها"، وأن هذا التعديل "تجاوز وألغى مبدأ الأقدمية الذي كان راسخاً ومأخوذاً به على مرّ تاريخ القضاء المصري الحديث"، إلا أن ما حدث هو تجاوز أيضاً لهذا القانون، بعد تعديلاته، ولم يؤخذ به خلال اختيار رئيس محكمة النقض ورئيس المجلس الأعلى للقضاء.

تقارير عربية
التحديثات الحية

وجاءت المفاجأة بأن المستشار حسني عبد اللطيف، الذي كان ترتيبه الثامن في أقدمية قضاة محكمة النقض، ويسبقه في قائمة ترتيب أقدمية المعينين في محكمة النقض، 7 قضاة هم: محمود سعيد محمود السيد، عبد العزيز إبراهيم الطنطاوي، عادل السيد السعيد الكناني، حمد عبد اللطيف عبد الجواد، هاني حنا سدرة، عاصم عبد اللطيف الغايش، ومحمد سامي إبراهيم السيسي، وقع الاختيار عليه، بعد تجاوز هؤلاء السبعة جميعاً.

وبرّر مصدر قضائي هذا الموقف، موضحاً أن "التقارير الأمنية المختلفة التي وردت إليه أكدت أن هناك 5 قضاة من بين أقدم 7 قضاة لمحكمة النقض، يعانون من أمراض مزمنة تعوق توليهم منصبهم (الحسّاس) الذي يحتاج إلى لياقة طبية، تمكنهم من مباشرة أعمالهم، ولذلك تم استبعاد هؤلاء الخمسة بزعم أنهم "غير لائقين طبياً".

وأضاف المصدر أن "هناك أحد القضاة من بين أقدم 7 قضاة لمحكمة النقض، تم استبعاده من الاختيار لوجود مانع أمني، تم ذكره في التقارير الخاصة المرسلة إلى (الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي".

وتابع المصدر أن "المرشح الخامس من حيث قائمة الأقدمية، وهو المستشار هاني حنا، كان سيتم اختياره رئيساً لمحكمة النقض ورئيساً للمجلس الأعلى للقضاء، وذلك بناء على ترشيح ودعم أيضاً من قبل وزير العدل المصري المستشار عمر مروان، إلا أنه تم استبعاده بدعوى أن تعيينه سيكون مخالفاً للقوانين واللوائح الخاصة بمحكمة النقض، ومن ثم وجد أن اختياره من الممكن أن يبطل القرار الجمهوري وما يترتب عليه من آثار خاصة بتعيينه".

وأوضح المصدر أن "قوانين ولوائح وأعراف محكمة النقض نصّت على أن من يعين رئيساً لمحكمة النقض من نواب رئيس محكمة النقض، يجب أن يعتلي منصة محكمة النقض قبل توليه المنصب بمدة لا تقل عن سنتين على الأقل، وتكون سابقة لتعيينه رئيساً لمحكمة النقض، وأن يكون مباشراً لعمله فيها".

وتابع أن "المستشار هاني حنا، يتولى حالياً منصب مساعد وزير العدل لشؤون التشريع، ولم يعتل منصة محكمة النقض في آخر سنتين، وحصل على منصب نائب رئيس محكمة النقض بحكم أقدميته في المحكمة فقط، بخلاف أن عمله يعد حكومياً، إذ إنه منتدب للعمل بوزارة العدل".

يجوز الطعن على قرار التعيين، ويمكن أن يتقدم بالطعن أحد أصحاب المصلحة

وأضاف المصدر أنه "بناء على ذلك، أرسل رئيس الجمهورية خطاباً إلى محكمة النقض، لاستبعاد المستشار هاني حنا من قائمة أقدم 7 مرشحين لقضاة محكمة النقض، وتمّ إدخال المرشح الثامن، وهو المستشار حسني عبد اللطيف بدلاً منه، ليحل ضمن قائمة أقدم 7 مرشحين لقضاة محكمة النقض، ويتم اختياره بالفعل رئيساً لمحكمة النقض ورئيساً للمجلس الأعلى للقضاء".

سابقة قضائية تحتمل الطعن

ويعد هذا الأمر سابقة قضائية تحدث للمرة الأولى في اختيار رؤساء الهيئات القضائية عقب تعديلات قانون اختيارهم، والتي تعد انتهاكاً صريحاً لقانون السلطة القضائية المعدل.

وقال مصدر قضائي آخر لـ"العربي الجديد" إن "أحد القضاة السبعة اعتذر عن عدم الترشح لمنصب رئيس محكمة النقض العليا، وكان ذلك مسوغاً لضم الثامن إلى قائمة المرشحين".

وأشار المصدر إلى أن القانون ينص على أن "يتم اختيار رئيس محكمة النقض من بين أقدم سبعة من نواب رئيس محكمة النقض"، لافتاً إلى أن "المشرع لم يعط أي سلطة تقديرية لرئيس الجمهورية، للخروج على الاختيار من بين النواب السبعة الأقدم".

وفي السياق، قال المحامي والحقوقي المصري محمد رمضان، لـ"العربي الجديد"، إن الدستور هو الذي يحدد الآلية التي يتم بها اختيار رؤساء الهيئات والجهات القضائية، كما تنص المادة 44 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 64 لسنة 1972 على أن "يُعين رئيس محكمة النقض بقرار من رئيس الجمهورية من بين أقدم سبعة نواب رئيس المحكمة، وذلك لمدة أربع سنوات أو للمدة الباقية حتى بلوغه سن التقاعد أيهما أقرب ولمرة واحدة طوال مدة عمله".

وأضاف رمضان أن "قرار رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي بتعيين المستشار حسني عبد اللطيف رئيساً لمحكمة النقض، مخالف للدستور ولقانون السلطة القضائية". وتابع: "يجوز لكل ذي صفة أو مصلحة، وهنا نتحدث تحديداً عن المستشارين السبعة الأقدم من نواب رئيس محكمة النقض، أن يطعن على قرار رئيس الجمهورية بتعيين رئيس لمحكمة النقض من خارج أقدم سبعة نواب بالمخالفة للدستور والقانون، ويمكن أن يتقدم بالطعن أحد أصحاب المصلحة أو جميعهم متضامنين".

تقارير عربية
التحديثات الحية
المساهمون