قصف المنازل... سياسة إسرائيلية للضغط على المقاومة

13 مايو 2023
منزل مدمر في بيت لاهيا شمال غزة جراء القصف الإسرائيلي (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

منذ بداية جولة التصعيد الحالية على قطاع غزة التي اُطلق عليها إسرائيلياً اسم "الدرع والسيف" وأسمتها المقاومة الفلسطينية "ثأر الأحرار"، عمد الاحتلال الإسرائيلي إلى استهداف منشآت سكنية خلال عمليات الاغتيالات أو حتى القصف "العقابي".

وتعرّضت 940 وحدة سكنية لأضرار، من بينها 19 منزلاً بشكل كامل نتيجة القصف الإسرائيلي، سواء عبر الصواريخ الموجّهة أو من خلال استخدام الاحتلال للطائرات الانتحارية.

ضغط على الحاضنة الشعبية

ورُبط فلسطينياً بين ما جرى من استهداف للبيوت وفي بعض الأحيان للأبراج والتجمعات السكنية الكبرى، وبين المحاولات الإسرائيلية للضغط على فصائل المقاومة الفلسطينية للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بعد أن اتسعت رقعة التصعيد خلال الأيام الخمسة الماضية.

في المقابل، رأى آخرون أن ما جرى يندرج في إطار الضغط على الحاضنة الشعبية للمقاومة، وأنه انعكاس لحالة نفاد بنك الأهداف الإسرائيلي، بعد أن تم استهداف عدد كبير من قيادات الصف الأول لـ"سرايا القدس"، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي.

في الوقت ذاته، فإن الاحتلال دمر على مدار جولات الحروب السابقة مئات الوحدات السكنية بشكلٍ كلي وجزئي وأحدث أضراراً بليغة بها، فضلاً عن تعمّده تدمير الأبراج الكبرى ومنع إعادة إعمارها، كما حصل في عدوان عام 2021.

وقال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة سلامة معروف، إن إجمالي الوحدات السكنية التي تضررت منذ بداية العدوان على غزة الثلاثاء الماضي بلغ 940 وحدة سكنية. ودمر الاحتلال 18 منزلاً بما مجموعه 51 وحدة سكنية و49 وحدة غير صالحة للسكن.

وأضاف معروف، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن إجمالي الخسائر على صعيد الإسكان والوحدات السكنية بلغ 5 ملايين دولار أميركي كتقديرات مباشرة، فضلاً عن الخسائر غير المباشرة للوحدات السكنية الأخرى التي تضررت بشكل جزئي وطفيف نتيجة للقصف الإسرائيلي.

معروف: إجمالي الخسائر على صعيد الإسكان والوحدات السكنية بلغ 5 ملايين دولار أميركي كتقديرات مباشرة

وأوضح أن الاحتلال يستخدم سياسة العقاب الجماعي في استهداف المدنيين والضغط عليهم في العدوان المتواصل على القطاع عبر القصف واستهداف المنشآت المدنية بطريقة غير مباشرة كالمدارس والمستشفيات الحكومية، فضلاً عن حرمان المرضى من السفر، ويوجد 520 مريضاً بحاجة للمرور إلى الضفة الغربية لتلقي العلاج.

وقال المتحدث باسم "حماس" عبد اللطيف القانوع، في تصريح وزّع على وسائل الإعلام، إن الاحتلال يرتكب جرائم حرب ضد الإنسانية باستهدافه بيوت الآمنين، وقتله عشرات الأبرياء من الأطفال والنساء. وأضاف أن الصمت الإقليمي والدولي وسياسة المعايير المزدوجة شجّعا الاحتلال على التمادي في عدوانه وتصعيد جرائمه بحق الشعب الفلسطيني.

وعادة ما يبدأ الاحتلال جولات التصعيد بتنفيذ عمليات اغتيال بحق قادة في فصائل المقاومة، ثم يصعّد من عدوانه عبر تدمير أكبر عدد ممكن من الوحدات السكنية والأبراج، وهي سياسة اتُبعت في جميع المواجهات منذ عام 2008.

محاولة لإضعاف "الجهاد الإسلامي"

في المقابل، أكد الكاتب والمحلل السياسي حسن عبدو أن ما حصل محاولة إسرائيلية للضغط على حركة الجهاد الإسلامي والمقاومة، من خلال استهداف البيوت والمنشآت المدنية وزيادة الوتيرة بشكلٍ متصاعد خلال الأيام الأخيرة من المواجهة.

وقال عبدو لـ"العربي الجديد" إن هدف العملية ليس استعادة الردع كما تزعم الأطراف الإسرائيلية، وإنما تحييد "الجهاد الإسلامي" عن أي عملية عسكرية قد تجري في الضفة الغربية أو القدس المحتلة خلال الفترة المقبلة، من خلال استهداف الصف الأول لمجلسها العسكري أو الضغط على الحاضنة الشعبية الخاصة بها.

عبدو: هدف العملية تحييد "الجهاد الإسلامي" عن أي عملية عسكرية قد تجري في الضفة الغربية أو القدس المحتلة خلال الفترة المقبلة

وأشار إلى أن ما حصل من توسيع لرقعة القصف ليطاول البيوت والمنازل، سواء التابعة لقيادات ميدانية أو بعض المناصرين للمقاومة و"الجهاد الإسلامي"، يأتي في إطار الضغط من أجل الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق نار جديد.

وأعرب عن اعتقاده بأنّ ما حصل من تركيز للاستهداف على قيادات الصف العسكري الأول لـ"سرايا القدس" كان خطوة إسرائيلية تهدف لإضعاف "الجهاد"، إلا أن ذلك لم يؤثر على الحركة التي بنيت على أساس لا مركزي فيما يخص تكوين إدارة عملها العسكري.

من جهته، رأى الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي سعيد بشارات أن السلوك الإسرائيلي المتمثل في استهداف المنازل والبيوت مرده الرغبة في إنهاء الجولة عبر الضغط على المقاومة من خلال حاضنتها الشعبية وجعل المواجهة أكثر كلفة عليها.

وقال بشارات لـ"العربي الجديد" إن الاستهداف الإسرائيلي للمنازل والبيوت سلوك بات معتاداً في المواجهات مع القطاع خلال السنوات الأخيرة، وهو يرجع لرغبة إسرائيلية في استنزاف المقاومة والضغط على حاضنتها الشعبية والرغبة كذلك في الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار.

المساهمون