قصة حركة "امتداد" المدنية: من خيمة في ساحة الحبوبي إلى قبة البرلمان العراقي

12 أكتوبر 2021
حصدت الحركة 10 مقاعد في الانتخابات العراقية (أيمن يعقوب/الأناضول)
+ الخط -

من داخل خيمة في ساحة الحبوبي، معقل الاحتجاجات الشعبية العراقية بمدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار، مطلع ديسمبر/كانون الأول 2020، أسّس الطبيب الشاب علاء الركابي مع مجموعة من الناشطين المدنيين، لفكرة تأسيس حركة مدنية شبابية كبديل للقوى السياسية الحالية التي فشلت في إدارة البلاد، وتورطت بجرائم فساد مالية وإذكاء الطائفية والعنصرية، وخلق أزمات مختلفة في البلاد منذ عام 2003، لكن الإعلان عن الحركة جاء في منتصف يناير/كانون الأول العام الحالي وأطلق عليها اسم "امتداد"، في إشارة إلى أن منطلقات الحركة نابعة من توجهات الشارع العراقي العابر للطوائف والمناطق.

وأُعلنَت الحركة أول مرة في محافظة المثنى من قبل الركابي ورفاقه، تجنباً لأي مصادمات مع فصائل مسلحة وقوى سياسية كانت قد رفعت من وتيرة العنف في الناصرية جنوبي العراق إلى مستويات قياسية. وأكدت الحركة أنها ترغب في دخول العملية السياسية والإزاحة التدريجية للقوى الحاكمة، ومحاولة إصلاح الأوضاع، وإذا فشلت، فإنها ستتجه إلى معارضة سياسية منظمة.

وحصلت الحركة في النتائج المعلنة، أمس الاثنين، على 10 مقاعد برلمانية وحدها، وهو ما يعادل ما حصلت عليه كتل سياسية متحالفة، مثل تحالف "تيار الحكمة" و"ائتلاف النصر"، وأكثر مما حصلت عليه أجنحة المليشيات السياسية مثل "عصائب أهل الحق"، و"كتائب حزب الله"، و"بدر"، بواقع 5 مقاعد في محافظة ذي قار، و2 في النجف، ومثلها في بابل، فيما حصلت في الديوانية على مقعد واحد.

وعلى غرار "امتداد"، وُلدت قوى سياسية مدنية مهمة، استقطبت كفاءات أكاديمية وإعلامية ومثقفة مختلفة، فضلاً عن قواعد شعبية في مدن جنوب العراق ووسطه وبغداد، وامتدت أيضاً إلى مناطق عدة، في شمال البلاد وغربها، مثل "البيت العراقي"، و"البيت الوطني"، و"حركة نازل آخذ حقي"، و"حركة العمل والحقوق"، و"تشرين"، وغيرها، التي كانت في البداية قد كشفت عن توجهها للمشاركة في الانتخابات، من دون أن تخفي رغبتها في الاجتماع مبكراً مع باقي القوى المدنية داخل قبة البرلمان.

غير أنّ مواصلة مليشيات مسلحة مختلفة استهداف الناشطين المدنيين بالخطف والاغتيال خلال الفترة التي أعقبت تأسيس تلك الحركات، ومنهم ناشطون ومؤسسون فيها، مثل صلاح العراقي، صاحب عبارة "نريد وطن"، ورئيس تنسيقيات التظاهرات في كربلاء إيهاب الوزني، ومن بعده حسن عاشور وأحمد حاتم وآخرون، دفع قوىً مدنية إلى إعلان مقاطعتها الانتخابات والانسحاب منها.

وكان الحزب الشيوعي العراقي أول المنسحبين من الانتخابات، ثم "التيار المدني" الذي يتصدره النائب المدني فائق الشيخ علي، ثم "البيت الوطني" بزعامة الناشط حسين الغرابي وقوى أخرى.

ورفضت حركة "امتداد" هذه الانسحابات، وعلقت في أكثر من موقف لها على أنها لن تكون مجدية في ظل عدم وجود بديل حالي للانتخابات، ومحاولة التدافع بين تلك القوى، وخالفت توجه القوى المدنية الأخرى بالذهاب إلى خيار المشاركة.

وفي أول تصريح للحركة عقب فوزها بعشرة مقاعد برلمانية، قال رئيس الحركة علاء الركابي، إن "ما حصل اليوم، هو بداية لعراق جديد، وإنهاء لحقبة ماضية". وأضاف في تصريح للصحافيين، إن ما حصل اليوم "لم يكن عملية انتخابية تقليدية، بل كانت الانتخابات الأولى منذ 2003، حيث رأينا العوائل العراقية نزلت في الناصرية إلى الانتخابات بفرح وسرور وكذلك الأطفال وكأنه يوم عيد، وهي المرة الأولى التي نرى العراقيين يذهبون فيها إلى الاقتراع بسعادة". وختم: "اليوم نهاية لحقبة ماضية، وبداية جديدة لتاريخ العراق في تصحيح العملية السياسية، النتائج الأولية نتائج جيدة جداً في كل الدوائر بمحافظة ذي قار، حقق مرشحونا الصدارة".

واحتفل أنصار الحركة، في ساحة الحبوبي وسط محافظة ذي قار، بعد الأنباء الأولية عن تقدم مرشحي حركتهم.

وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، قال عضو الحركة أحمد الساعدي، إنهم كانوا يتمنون وجود باقي حلفائهم من المدنيين الآخرين، مضيفاً: "كانت فرصة إثبات أن جمهور الأحزاب المتنفذة أقلية أمام الجمع العراقي الضخم، ورغم بساطة وبدائية الترويج الانتخابي لنا أمام الملايين من الدولارات التي أنفقتها الأحزاب الرئيسة، فزنا عليهم في مدن كانوا يعتبرونها معاقلهم التقليدية، ويزعمون أنها جمهورهم مثل النجف وذي قار".

واعتبر أن الحركة ستتجه إلى الأقرب لها من مستقلين ومدنيين شاركوا بشكل منفرد لتشكيل قوة ضغط داخل البرلمان، وسيكون للمدنيين كلمة مهمة.

المساهمون