قراءات روسية لقمة جنيف بين بايدن وبوتين: رسم لـ"الخطوط الحمر"

17 يونيو 2021
حققت القمة نجاحاً أكبر من توقعات الخبراء رغم تمسّك الرئيسين بوجهات نظرهما (تاس)
+ الخط -

تناولت الصحافة الروسية، اليوم الخميس، نتائج قمة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي جو بايدن، التي انعقدت في جنيف أمس الأربعاء، وأسفرت عن نتائج، منها الاتفاق على عودة السفراء، والتأكيد على ضمان الاستقرار الاستراتيجي، وتحديد ملامح "الخطوط الحمر"، ومواصلة الحوار بين أكبر قوتين عسكريتين نوويتين في العالم.

وفي مقال بعنوان "العداء باحترام: نتائج قمة بايدن- بوتين"، رأى الخبير في العلاقات الدولية فلاديمير فرولوف أن القمة الروسية الأميركية في جنيف اختتمت في أجواء إيجابية، ولم تخذل التوقعات المنخفضة، ودون أن تحدث اختراقاً لم يعِد به أحد.

واعتبر كاتب المقال، الذي نشرته صحيفة "ريبابليك" الإلكترونية الروسية، أن بوتين حقق تقدماً في الهدف الروسي الرئيسي في العلاقات مع الولايات المتحدة، وهو "الانتقال إلى علاقة عداء تتسم بالاحترام"، على غرار الموقف الأميركي من قيادات الحزب الشيوعي السوفييتي في السبعينيات من القرن الماضي، أي الامتناع عن فرض عقوبات شخصية عليهم أو التشكيك في شرعية سلطتهم السيادية، أو إلقاء المحاضرات عن الديمقراطية عليهم، مع عقد لقاءات منتظمة على أعلى مستوى لمناقشة الحلول لباقي دول العالم.

ولفت الخبير الروسي إلى أن هناك مجموعة من الاتفاقات المتواضعة تمخضت عنها القمة، وتضع آليات للتحكم في المواجهة، ومن بينها إصدار البيان المشترك حول الاستقرار الاستراتيجي، الذي لا يجدد فقط "معادلة غورباتشوف/ريغان"، ومفادها أنه "لا منتصرين في حرب نووية"، بل يؤكد أيضاً على إطلاق الحوار الثنائي الشامل "في أقرب وقت".

في المقابل، لم يتسنَ إجراء حوار بناء حول أوكرانيا رغم حضور مسؤول الملف الأوكراني بالكرملين، نائب مدير ديوان الرئاسة الروسية دميتري كوزاك، إلى جنيف ضمن الوفد المرافق لبوتين.

وخلص فرولوف إلى أن "قمة جنيف أطلقت عملية بناء نموذج المواجهة القابلة للتحكم بين روسيا والولايات المتحدة، ووضع قواعد السلوك وآليات إدارة المواجهة".

بدوره، اعتبر المحلل السياسي، الأستاذ المساعد بكلية الفلسفة بجامعة موسكو الحكومية بوريس ميجويف، هو الآخر أن القمة حققت نجاحاً أكبر من توقعات الخبراء، رغم تمسّك الرئيسين بوجهات نظرهما ومواقفهما من جميع القضايا، وعدم تقديمهما أي تنازلات، ولكن مع تعلمهما التحكم في هذه الحالة من انعدام التوافق.

وفي مقال بعنوان "تحول جنيف شمالاً"، نُشر في صحيفة "فيدوموستي" الروسية، لخّص ميجويف هذا التحكم في فتح القضايا ومناقشتها، و"هي التي يتبلور فيها نوع من التفاهم بين روسيا والولايات المتحدة بشيء من التفصيل، مقابل تحديد (الخطوط الحمر) الضمنية والعلنية في القضايا التي لا يزال الخلاف فيها غير قابل للتجاوز".

ولفت كاتب المقال إلى أنه إلى جانب التعبير عن الاحترام والبيان المشترك حول الاستقرار الاستراتيجي، فإن نقطة مهمة أخرى تبلورت خلال لقاء بوتين وبايدن، وتم إيلاؤها اهتماماً بالغاً، وهي التعاون بين روسيا والولايات المتحدة في منطقة القطب الشمالي، الذي لم يتم إدراجه على أجندة السياسة الدولية بعد، علماً أن روسيا هي واحدة من الدول الثماني المطلة على الدائرة القطبية الشمالية وعضو بالمجلس الأركتيكي الذي تترأسه حالياً، وتستحوذ على الجزء الأكبر من الجرف القاري لمنطقة القطب الشمالي.

وخلص ميجويف إلى أن تطرّق بوتين، خلال مؤتمره الصحافي بشكل مفصل، إلى قضية منطقة القطب الشمالي يدل على أنه جرت مناقشتها خلال القسم الموسع من المفاوضات، وهو ما يعكس الاهتمام البراغماتي من الجانبين بتسيير التعاون.

وعلى الصعيد الرسمي، وفي أول رد فعل من الكرملين على نتائج القمة، رأى الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، اليوم الخميس، أن مفاوضات بوتين وبايدن هيمن عليها طابع إيجابي.

وقال بيسكوف، عبر أثير إذاعة "إيخو موسكفي" (صدى موسكو): "حذرنا منذ البداية من التوقعات المبالغ فيها من هذه القمة. لكن يمكننا أن نقر الآن، وبالدرجة الأولى، بناء على تقدير الرئيس نفسه، بأن القمة كانت إيجابية إلى حد كبير".

ورغم ذلك، أقر الناطق باسم الكرملين بوجود خلافات مع واشنطن حول الوضع في بيلاروسيا ودور حلف شمال الأطلسي (ناتو)، واتفاقات مينسك لتسوية النزاع شرقي أوكرانيا.

يُذكر أن القمة الروسية الأميركية التي دعا إليها بايدن انعقدت بفيلا "لا غرانج" التاريخية في جنيف، واستمرت لأكثر من ثلاث ساعات، وتناولت عدداً من القضايا الحيوية، مثل مصير المواطنين الروس المعتقلين في السجون الأميركية والأميركيين في روسيا، واستثمار منطقة القطب الشمالي وقضية عسكرتها، والهجمات الإلكترونية ومنعها، وحقوق الإنسان وملاحقة المعارضة في روسيا، وغيرها من الملفات.

المساهمون