فنلندا: سجال حول رقص رئيسة الحكومة سانا مارين في حفلة خاصة

19 اغسطس 2022
انتشر مقطع فيديو لمارين وهي ترقص مع شخصيات قيادية محلية معروفة (Getty)
+ الخط -

عاد السجال الفنلندي حول طريقة تصرف وملابس السياسيين، وعلى رأسهم أصغر رئيسة حكومة يسار وسط (اجتماعي ديمقراطي) في أوروبا، سانا مارين (36 سنة)، بعد تسريب مقاطع مصورة تظهرها في حفلة خاصة وهي ترقص بملابس وطريقة اعتبرتها الصحافة مثيرة للجدل.

وذهب البعض إلى حد المطالبة بإخضاع مارين لاختبار تعاطي المخدرات، بعد ظهورها تقوم بحركات أوّلها متابعون على وسائل التواصل باعتبارها تنم عن "بيئة تعاطي الممنوعات وإيحاءات جنسية".

وظهرت مارين رفقة 5 من الأصدقاء في احتفال داخل مسكن مع صوت موسيقى ورقص على أنغامها ومشاركتها بشكل لافت مع الأجواء الصاخبة، تنظر مباشرة إلى الكاميرا، ما يعني أنها كانت تعرف بعملية تصوير الحفلة، بحسب ما فصّلت الصحافة الفنلندية التي تابعت انتشار الفيديو وردود الأفعال عليه.

المقطع المسرب تجرى مناقشته على المستويين الإعلامي والسياسي في هلسنكي، وباعتبارها تصرفات "متكررة"، ما جعل الأمر يطرح أسئلة على شفاه الفنلنديين حول ضوابط تصرف الساسة، سواء في اللباس أو التصرف في الاحتفالات، حتى الخاصة منها. ومنذ 2020 تثير مارين بظهورها الجريء في لباسها سجالاً حول تصرف السياسيين.

استغل اليمين الفنلندي التسريب، ليطرح "الحزب الوطني الفنلندي" (يمين متشدد)، مدعوماً من "حزب الوسط الليبرالي"(يمين وسط)، إخضاع رئيسة الحكومة إلى اختبار تعاطي المخدرات، من بين أمور أخرى، وكذلك الأمر عند الحزب "الوطني الفنلندي" الذي طالب بألا يكون الاختبار طوعياً؛ بل بإجبار سانا مارين عليه ومن خلال هيئة مستقلة، كما قال القيادي فيه ميكو كارنا على "تويتر".

واضطرت مارين للدفاع عن نفسها بشأن المخدرات حين أجابت بشكل مقتضب أمس الخميس على سؤال الاختبار: "يمكنني بالتأكيد النظر في ذلك (اختبار التعاطي)، ليس لدي مشكلة في إجراء الاختبار، لم أتناول أي شيء"، ونفت في الوقت نفسه أنه جرى في الشريط المسرب التلفظ بعبارة "نادي البودرة"؛ الرائجة في بيئة تعاطي الممنوعات.

وقالت مارين للصحافيين "هذه الفيديوهات خاصة والتُقطت في مكان خاص. أشعر بالاستياء لأن هذه (الفيديوهات) أُتيح للجمهور الاطلاع عليها". وأضافت أنها لا تعرف من سربها.

إذاً، الجدل الذي يطرحه الظهور "غير المتحفظ"، بحسب نقاشات غاضبة من مارين، ليس الأول من نوعه، إذ ضبطت في وقت سابق وهي تذهب إلى حفلات موسيقية مرتدية سروالاً قصيراً (شورت) وسترة جلدية، إذ اتهمت بأنها تصب بنفسها الزيت على نار النقاشات حول قضايا لا علاقة لها بالأمور السياسية في بلدها، وخصوصاً أنه ينظر إليها على أنها تفرط في الاحتفالات.

دعم من حزبها الديمقراطي

النقاش السلبي حول مارين لم يرق لحزبها الحاكم، "الاجتماعي الديمقراطي"، حيث عبر رئيس مجموعته البرلمانية، أنتي ليندتمان، أمس الخميس، عن دعم مارين، رافضاً برفقة أعضاء في الكتلة البرلمانية إجبارها على الخضوع لاختبار التعاطي، على أن يترك الأمر لها وحدها.

ورأى أعضاء "الديمقراطي الاجتماعي" باختصار أن رئيسة حكومتهم لم تتصرف "إلا كبشر، وبالتالي لا مشكلة في الرقص في مناسبة خاصة (الاحتفال مع الأصدقاء)". وعبرت الكتلة البرلمانية عن "التعاطف والدعم مع كامل الثقة لرئيسة الحكومة في منصبها".

جدير بالذكر أن مارين لفت الانتباه إليها في منصبها بشكل واسع بعد ظهور مواقفها المتشددة حيال جارتها روسيا، فبعد غزو أوكرانيا قادت مارين بلدها إلى تحدي "فيتو" موسكو حول عضوية فنلندا (مع السويد) في حلف شمال الأطلسي، واتخذت خطوات إضافية على مستوى الدفاع لمواجهة تهديدات صدرت عن الكرملين.

وكانت صحيفة "بيلد" الألمانية، وغيرها من صحف ومجلات أوروبية شمالية، أبرزت "الإعجاب" بطريقة حكم مارين؛ بل إن الصحيفة أطلقت عليها لقب "السياسة الأروع"، واعتبرتها "السياسية الأهم في بلدها (فنلندا)، حيث قادت البلاد في واحدة من أخطر الأزمات في عصرها بسبب النشاط الحربي للبلد المجاور (روسيا)، وما زالت أيضاً تجد الوقت للاحتفال".

في كل الأحوال، وبرغم ارتفاع نبرة النقاش، على مستوى السياسة والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، لا يبدو أن الشعب الفنلندي ذاهب إلى معاقبة رئيسة حكومته. كثيرون عقبوا على ما يجري باعتباره "مبالغاً فيه"، وبأن "مارين إنسانة يحق لها ما يحق لبقية الشعب"، هذا على الرغم من محاولات أحزاب اليمين اقتناص الفرصة لتصوير مارين متعاطية للمخدرات.

وفي الدول الاسكندنافية عموماً يستقيل السياسي على الفور إن ضبط مستغلاً لمنصبه، أو ثارت حوله شبهة فساد، بل إن قاد سيارته مخموراً، وهو ما شهدته السويد والدنمارك مراراً، لكن في هلسنكي يبدو أن الشريط المسرب لا يظهر مارين في حالة تستدعي دفعها نحو الاستقالة، أقله بحسب ما تذهب إليه أغلب التعليقات.

مشكلة مارين شبيهة بعض الشيء بتورّط رئيس الحكومة البريطاني المستقيل بوريس جونسون في حضور احتفالات وتناول خمور في الوقت الذي كانت بلاده تعاني من وطأة جائحة كورونا.

وضبطت مارين في ديسمبر/ كانون الأول الماضي ترتاد ملهى ليلياً في الوقت الذي كانت الأخبار قبل ساعات من ذلك تتناقل إصابة وزير خارجيتها بفيروس كورونا، كما تسببت صورة لها في مجلة الموضة "تريندي" قبل نحو عامين بسجال حول السترة التي ارتدتها.

المساهمون