حتى وإن سحبت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، وهي ذراع بروباغندا الاحتلال الإسرائيلي بالإنكليزية، الأربعاء الماضي، استفتاء يؤيد إرهاب مستوطني الضفة الغربية المحتلة بحجة "العين بالعين"، يبقى الوجه القبيح ثابتاً، وإن جُمِّل بعبارة "رفض العنف".
لم تكن سقطة "صحافية" للوسيلة الإعلامية، بل من مخلفات العقليات الاحتلالية الغربية القديمة، المستمرة في فلسطين مع صور مخزية لنفاق داعمي ورعاة عنجهية القتل باسم "وعد الرب".
صحيح أنه بمقاومة المحتل سيسقط شهداء، لأن إزالته لا تأتي بالتمنيات والنوايا الطيبة. لكن بروز عقليات "ذبح العرب" الاستيطانية، برعاية رسمية و"دعائية" تحريضية داعمة للمشروع الحقيقي الاستيطاني، في القدس وحوارة وترمسعيا وسلفيت والخليل وجنين ونابلس وغيرها، تقدم نماذج عن الاستقواء على المدنيين من جماعات غوغاء الإرهاب، المدربين على الأسلحة والتصويب على الإنسان العربي منذ نعومة أظفارهم. هذا في الوقت الذي يفحص الاحتلال ما في المناهج الدراسية العربية.
فكم هي هزيلة عبارات مساواة الضحية بالجلاد، بما فيها تلك الصادرة عن الخارجية الأميركية، فلو أن عربدة الهجمات الجماعية البربرية على المواطنين وبيوتهم وممتلكاتهم كانت ضد اليهود، لكان العربي أمام وصلات من النفاق وازدواجية المعايير، التي للأسف صارت في مشهد تطبيعي تصدر بلغة الضاد.
لا يطلب الشارع الفلسطيني من أحد أن يقاوم عنه، فدرس "تقليع الشوك" بيديه عرفه منذ موسم هرولة البعض إلى التطبيع باسم "عملية السلام". لكن أقله أن يكف رهط التفجع على "الهدوء" عن تسخيف مقاومة الاحتلال، والتي يعرفها المحتل عبر التاريخ تمام المعرفة، كما يعرف أثمانها التي ترعبه أكثر من جيوش جرارة يصدأ في مخازنها السلاح، أو ترميه فوق رؤوس شعبها.
وأن يكف البعض الآخر عن محاولة ركوب ظهره وظهور سوريي الجولان، وتقديم مقاومتهما كـ"دمى" تتحرك في سياق سياسات إقليمية بعينها. من يريد "السلام والهدوء والاستقرار"، وغيرها من شعارات رنانة في المنطقة، يحتاج لإعادة قراءة ألف باء ما يجري في فلسطين، بعيداً عن خلط الحابل بالنابل.
سيناريوهات القادم قدمها مسن فلسطيني في زيارة رئيس الوزراء محمد اشتية إلى بلدة ترمسعيا، وبلهجة محلية: "يا بتحمونا يا تسلحونا، عندكم 70 ألف عسكري، وزعوهم على القرى".
وذلك ليس بمؤشر بسيط، بل عميق الدلالات. وإذا لم يُقرأ جيداً فلن تفيد مستقبلاً لا "العين بالعين" ولا "الدم بالدم". المعادلة هي نفسها تاريخياً: لا يحتاج الفلسطيني إلى تعليم أولاده معنى الاحتلال ومقاومته، فالأمر واضح في يوميات قهر الملايين من المهد إلى اللحد.