فشل لقاء السبسي و"الجبهة الشعبية" والعين على "النهضة"

04 ديسمبر 2014
كل التحالفات ستُحدّد اليوم (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
يبدو أن الحراك السياسي الذي تشهده تونس هذه الأيام، والذي برز في مجلس نواب الشعب في جلسته الافتتاحية، سيتواصل إلى حين تحديد المواقف من الانتخابات الرئاسية. فحزب "نداء تونس" الفائز بالانتخابات التشريعية، والذي ينافس في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية من خلال رئيسه الباجي قايد السبسي، يستخدم ورقة إدارة مجلس نواب الشعب، وتشكيل الحكومة، للضغط على الأحزاب الطامحة في إيجاد مكان لها في مكتب مجلس نواب الشعب أو في تولّي حقائب وزارية.

وبدأت ملامح الضغط تتشكّل من خلال تأجيل انتخاب رئيس مجلس نواب الشعب ومساعديه، حتى تتضح الصورة في التحالف المرتقب بين "نداء تونس" وحركة "النهضة"، وهو ما أكّده عضو ناشط في "الجبهة الشعبية" (ائتلاف قومي يساري)، رفض ذكر اسمه، في حديث لـ"العربي الجديد"، بعد أن كشف أن "لقاء السبسي والمتحدث الرسمي باسم الجبهة الشعبية حمة الهمامي، كان فاشلاً بكلّ المقاييس، بعد أن اشترطت الجبهة على السبسي، تولّي أحد المناصب في إدارة مجلس نواب الشعب، وهو منصب نائب الرئيس، لكن السبسي ردّ بأنه وعد طرفا سياسيا آخر قد يسانده في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، بهذا المنصب".

وأضاف العضو أنه "برز تباين للآراء بين مكونات الجبهة، في آخر اجتماع لأمناء الجبهة الشعبية. فحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد، يساند السبسي في الانتخابات الرئاسية، في حين يرى التيار الشعبي (قومي ناصري) وحزب العمال (يساري)، أن التأني مطلوب فى هذه الحالة".

ويلفت إلى أن "الحزبين حتى وإن كانا ضدّ المرزوقي، فهما لا يريدان تقديم صكّ على بياض للسبسي، إلى درجة أن عضو الجبهة عبد المؤمن بلعانس، أكد في اجتماع الأمناء، أنه إذا كان بيننا والمرزوقي دماء شكري بلعيد ومحمد البراهمي، فلا تنسوا دماء نبيل البركاتي وغيره من الرفاق، الذين استُشهدوا وعُذّبوا أيام النظام السابق".

ووصلت أصداء الجدل داخل "الجبهة الشعبية"، إلى السبسي، الذي أعلن في تصريح تلفزيوني لقناة "نسمة تي في"، أن "تماسك الجبهة الشعبية أفضل عنده من مساندته في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية". وهو تصريح اعتبره البعض بمثابة الإيحاء من قبل السبسي، بتحالف منتظر مع حركة "النهضة" ورفع الحرج عن "الجبهة الشعبية"، التي ترفض الدخول في أي تحالف تكون "حركة النهضة" طرفاً فيه.

في المقابل، لا يجد السبسي صعوبة تذكر في التحالف مع الحزب الثالث الفائز في الانتخابات التشريعية في تونس، وهو حزب "الاتحاد الوطني الحرّ". وظهر ذلك واضحاً من خلال تصريح أمين عام الحزب ماهر بن ضياء، الذي أشار إلى أن "حزب نداء تونس هو الأقرب إليهم". وبلغة براغماتية صرفة، أضاف أنه "بالإمكان أن نتفاوض مع نداء تونس حول تركيبة مكتب مجلس نواب الشعب والحكومة المقبلة، بالتالي فما الذي سنتفاوض في شأنه مع (الرئيس المنصف) المرزوقي، وهل سنتقاسم معه رئاسة الجمهورية؟".

وما يؤكد هذا الكلام، إشارة بعض المصادر إلى أن "حزب الاتحاد الوطني الحرّ، طلب أن تكون إحدى ممثلاته في المجلس النيابي نائبا ثانيا لرئيس مجلس نواب الشعب، مع بعض الحقائب الوزارية". لا يجد السبسي صعوبة تذكر في الحصول على دعم حزب "آفاق تونس"، وهو القوة الخامسة في مجلس نواب الشعب، فقد أعلن أمين عام الحزب ياسين إبراهيم، دعمه لرئيس حركة "نداء تونس"، منذ الدور الأول للانتخابات الرئاسية. وعلمت "العربي الجديد"، أن "هذا الدعم مشروط بالحصول على بعض الحقائب الوزارية في الحكومة المقبلة".

ويبدو أن "نداء تونس" مصرّ على الحصول على مساندة "حركة النهضة"، وسيكلّفه ذلك تخلّيه المنتظر عن "الجبهة الشعبية"، حليفه السابق. ليبقى السؤال الأهم: هل ستستجيب قيادة "النهضة" لمطالب السبسي بمساندته في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية؟ وهل ستستجيب قواعد "حركة النهضة"، التي يساند قسم كبير منها، المرزوقي، إلى مطالب قيادتها؟ ستبقى هذه الأسئلة معلّقة حتى إشعارٌ آخر، لكن كل المؤشرات توحي بأن سياسة "العصا والجزرة" التي يستخدمها "نداء تونس" ورئيسه الباجي قايد السبسي، قد تعيد تشكيل خريطة التحالفات الحزبية من جديد.
المساهمون