أكد مندوب فرنسا في الأمم المتحدة في نيويورك نيكولا ديرفيرا، في تصريحات لمراسلة "العربي الجديد" في نيويورك، على ضرورة الضغط من أجل وقف مستدام للأعمال العدائية، تؤدي إلى وقف إطلاق النار بشكل دائم في قطاع غزة، وتحسن الأوضاع الإنسانية، وسلامة المدنيين.
وجاءت تصريحات الدبلوماسي الفرنسي خلال مؤتمر صحافي عقده بمناسبة تولي بلاده رئاسة مجلس الأمن للشهر الحالي.
ومع أمله في وقف إطلاق النار في غزة، عبر ديرفيرا عن "قلق بلاده من الوضع في غزة مع استمرار القتال"، وشدد على ما سماه "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، ومحاربة حركة حماس، التي وصفها "بالإرهابية".
وأكد في الوقت ذاته أن محاربة "حماس" لا تعني استخدام القوة بطريقة غير متناسبة وملاحقة المدنيين، وعلى ضرورة التمييز بوضوح بين المقاتلين والسكان المدنيين، على عكس واقع "الحال الآن. لذا فإن ما نريد رؤيته هو الاحترام الكامل لاتفاقيات جنيف المتعلقة بالحرب، ويجب ألا يكون المدنيون هدفاً... وللأسف هم مستهدفون".
وشدد على رغبة بلاده برؤية "وقف مستدام للأعمال العدائية، للتأكد من إمكانية الاستمرار في حماية المدنيين"، مضيفا "أعتقد أن حماية المدنيين أمر جوهري في هذه الحالة كي نتمكن من توفير الإغاثة الإنسانية لشعب غزة".
واعتبر السفير الفرنسي أن المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة "غير كافية على الإطلاق، أيا كان ما نناقشه، سواء كان الطعام أو الطاقة أو الأدوية، وما إلى ذلك. لذلك أعتقد أن الوضع (في غزة) يظل مأساة. تبنى مجلس الأمن الدولي قرارين لكنهما يركزان فقط على الإغاثة الإنسانية، وهناك بالطبع حاجة لها، لكن دور مجلس الأمن ليس فقط معالجة أعراض الأزمة، بل محاولة إصلاحها".
ونبه إلى أن "معالجة البعد الإنساني وحده غير كافية على الإطلاق. نحن بحاجة إلى الضغط من أجل وقف مستدام للأعمال العدائية، وهو ما يؤدي إلى وقف إطلاق النار بشكل دائم، ما سيسمح بتحسن الوضع وسلامة المدنيين، وكلما أسرعنا كان ذلك أفضل".
وفي سياق رده على أسئلة صحافية حول غزة، ومحكمة العدل الدولية، قال: "فرنسا داعم قوي لمحكمة العدل الدولية وسنتأكد من أننا سنلتزم بما تقرره المحكمة"، معربا عن معارضة باريس للتهجير القسري للفلسطينيين، وقال: "هدفنا هو أن يتمكن الفلسطينيون من الاستمرار في العيش هناك بأمان وتحت ظل ظروف جيدة، ويجب أن تكون هذه هي الأولوية. الأمر لا يتعلق بإبعادهم عن غزة، أو إعادة استعمار غزة. هذه أفكار طائشة".
الأمم المتحدة والمساعدات
وكان مكتب الأمين العام للأمم المتحدة قد أكد ردا على أسئلة لـ"العربي الجديد" في نيويورك حول الموضوع، وحول تصريحات مسؤولين إسرائيليين مجددا بشأن التهجير القسري للفلسطينيين، تحت مسمى "الهجرة الطوعية"، على معارضة الأمم المتحدة لأي نوع من التهجير القسري.
وحول ما إذا كانت الأمم المتحدة قد رأت تحسنا في مستوى إدخال المساعدات الإنسانية لغزة، بعد قرابة العشرة أيام من تبني مجلس الأمن قرارا حول إدخال المساعدات الإنسانية دون مطالبة بوقف إطلاق النار بسبب اعتراضات أميركية، أكدت المتحدثة من مكتب الأمين العام للأمم المتحدة فورنسيا سوتو أن الأمم المتحدة لم تر أي تحسن جذري بإدخال المساعدات.
وأضافت خلال المؤتمر الصحافي اليومي في مقر المنظمة: "لا يزال الوضع صعبا للغاية، وهذا ما أكده عدد من المسؤولين الأمميين.... إذ توجد عقبات مختلفة لإيصال المساعدات إلى هناك... خاصة عندما يكون الأشخاص الذين يقدمون هذه المساعدات هم أنفسهم يعانون من هذا النزوح ويواجهون مصاعب شديدة".
إلحاح جزائري على وقف إطلاق النار
وفي قت سابق من يوم الثلاثاء، قال سفير الجزائر للأمم المتحدة في نيويورك عمار بن جامع إن بلاده "باعتبارها ممثلة للدول العربية في مجلس الأمن سوف تبذل كل ما في وسعها للدفاع عن القضايا العادلة في العالم، وبطبيعة الحال سيكون الدفاع عن القضية الفلسطينية على رأس أولويات الجزائر خلال عهدتها بمجلس الأمن".
جاءت تصريحات الدبلوماسي الجزائري أمام قاعة مجلس الأمن خلال مراسم رفع أعلام الدول الخمس التي بدأت عضويتها غير الدائمة في بداية العام الحالي. وأضاف "هدفنا في الظرف الحالي وضع حد للإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وخاصة الأطفال والنساء. إنه من غير المنطقي والمقبول سياسيا وإنسانيا وأخلاقيا أن يبقى مجلس الأمن باعتباره الهيئة المسؤولة عن حفظ السلم والأمن الدوليين مكتوف الأيدي وعاجزا تماما عن إيقاف هذه الجرائم البشعة بحق الشعب الفلسطيني الأبي".
وشدد على مطالبة بلاده "بإلحاح شديد بوقف فوري ودائم لوقف إطلاق النار، والانخراط في مسار تسوية عادلة ونهائية للقضية الفلسطينية تقوم على تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروع وغير القابلة للتصرف في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف".
يشار إلى أن عضوية الجزائر تستمر لسنتين، خلفا للإمارات التي انتهت عضويتها غير الدائمة للمجلس في نهاية العام الماضي.