فرنسا تطلق "منتدى الإسلام": طي صفحة المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية

05 فبراير 2022
دعا دارمانان المسلمين إلى "كتابة صفحة جديدة" (جيوفري فان دير هاسليت/فرانس برس)
+ الخط -

طوت فرنسا رسمياً، يوم السبت، بإطلاقها مؤتمر "منتدى الإسلام في فرنسا"، صفحة "المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية"، الممثل الرسمي لمسلمي فرنسا في الحوار مع مؤسسات الدولة منذ عام 2003، وذلك بعد أزمات وخلافات كثيرة عصفت به.

ويهدف "منتدى الإسلام في فرنسا" الذي عقد، يوم السبت، إلى تأسيس هيكل جديد لتمثيل مسلمي فرنسا.

وانعقد المنتدى بمشاركة نحو 100 شخصية، شكّل مسؤولو المنظمات الإسلامية والأئمة ثلثي المشاركين، والثلث الأخير ضم شخصيات ممثلة عن مؤسسات الدولة، ولا سيما التابعة لوزارة الداخلية، إذ جاء هذا المنتدى برعاية وزير الداخلية جيرالد دارمانان، المسؤول عن التواصل مع ممثلي الديانات في فرنسا.

وتولّت وزارة الداخلية اختيار المشاركين فيه، حيث حرصت على تمثيل للمرأة في قوائم أعدتها السلطات المحلية في مختلف المدن الفرنسية بعد اجتماعات كثيرة عقدت خلال السنوات الثلاث الماضية.

ودعا وزير الداخلية، في الجلسة الختامية، المسلمين إلى "كتابة صفحة جديدة". وقال إنّ "هذا الحوار المتجدد مع الدولة سيستند من الآن فصاعداً إلى النساء والرجال الذين يستمدون شرعيتهم من عملهم ومنطقهم في الميدان".

وأضاف دارمانان أنه يأمل في "تعلّم الدروس من إخفاقات المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية"، وأشار إلى أنه لن يكون هناك "ممثل واحد للدين الإسلامي (في فرنسا)، مختص بجميع الموضوعات"، بل إنّ ذلك سيتم من الآن فصاعداً من خلال مجموعات منظمة حسب الموضوع من أجل "تحقيق نتائج ملموسة".

ومن بين الشخصيات المشاركة في المنتدى الرئيس السابق للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية أنور كبيباش، وعميد مسجد باريس الكبير شمس الدين حفيظ، والمفكّر حكيم القروي، وعميد مسجد ليون الكبير كامل قبطان، الذي يوصف بأنه "كلمة السر" في هذا المنتدى؛ لأنّ وزارة الداخلية استوحت نموذجاً كان يطبّقه في مدينة ليون، ثالث أكبر المدن الفرنسية.

والهيئة الجديدة التي من المفترض أن يبدأ تشكيلها بعد هذا المؤتمر، يجب أن تكون ذات تنظيم لامركزي، ومؤلفة من ممثلين ميدانيين في اختصاصات مختلفة تتواصل مع مؤسسات الدولة لإدارة شؤون المسلمين.

وشدد دارمانان على أنّ الهيئة الجديدة التي تساعد وزارته في تشكيلها يجب أن تكون مستقلة تماماً، وأنّ دور فرنسا الرسمي فيها هو مجرد "الوسيط"، في إشارة إلى الأزمة التي أشعلها قانون مكافحة النزعات الانفصالية، الذي أثار أزمة دبلوماسية بين فرنسا ودول إسلامية، العام الماضي، حيث كانت الحكومة الفرنسية قد طالبت المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية بإقرار "ميثاق مبادئ الإسلام" وتضمن الميثاق منع تدخل الدول الأجنبية بشؤون مسلمي فرنسا و"تماشي" الإسلام مع مبادئ الجمهورية، ما أشعل حرباً بين الهيئات التي تشكل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية وعطلت نشاطاته.

(جيوفري فان دير هاسليت/فرانس برس)

ويتألف المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية من اتحادات مرتبطة بدول المغرب العربي على وجه الخصوص، مثل المغرب والجزائر، بالإضافة إلى اتحادات مرتبطة بتركيا، الأمر الذي تعتبر الحكومة الفرنسية أنه ساهم بشكل كبير في تشتيت مسلمي فرنسا واختراقهم بهدف تحقيق أجندات خارجية لعزلهم عن الفرنسيين ومبادئ الجمهورية.

وبموجب التوصيات الختامية لـ"منتدى الإسلام في فرنسا" ستعمل الهيئة الجديدة التي ستنبثق من مؤتمر "منتدى الإسلام في فرنسا" على وثيقة مؤلفة من 4 عناوين رئيسية.

ستعمل الهيئة على "تطبيق قانون مكافحة النزعة الانفصالية والشفافية في الهيئات والمنظمات التي تتولى إدارة المساجد في فرنسا"

أول هذه العناوين "تشكيل سلطة دينية جديدة لمواكبة الإرشاد في الجيش والسجون والمستشفيات"، وثانيها "تنظيم مهنة الإمام"، وهي المسألة التي تعتبرها فرنسا في غاية الأهمية، خصوصاً أن الغالبية من الأئمة في فرنسا كانوا يأتون من بلدان المغرب العربي وتركيا وفق نظام الإعارة والاستقدام، وهو ما دفع السلطات الفرنسية إلى إصدار قرار بوقف العمل بهذا النظام في عام 2020. ومن المفترض أن يعود آخر إمام من أئمة المغرب وتركيا والجزائر المعارين بحلول عام 2024، وهو موعد انتهاء اقاماتهم التي منحت لهم قبل 3 سنوات.

أما العنوان الثالث الذي ستعمل عليه الهيئة الجديدة، فهو يتعلّق بـ"تطبيق قانون مكافحة النزعة الانفصالية والشفافية في الهيئات والمنظمات التي تتولى إدارة المساجد في فرنسا"، حيث أغلقت فرنسا عدداً من المساجد خلال السنة الماضية بتهمة نشرها الفكر المتطرف وتلقيها أموالاً خارجية غير مصرح عنها. 

أما العنوان الرابع، فيتعلّق بإيجاد "هيكلية تهدف إلى حماية دور العبادة من الممارسات المناهضة للمسلمين في فرنسا".

يشار إلى أنّ "منتدى الإسلام في فرنسا" سيصبح موعداً سنوياً كل عام، بالإضافة إلى مؤتمرات جانبية ستعقد داخل المناطق يجتمع فيها مجموعات عمل، وهو ما اعتبره دارمانان "فكرة تقوم على أن تكون هذه المجموعات بمثابة المراسلين للسلطات الرسمية حول المسائل التي تطرح للنقاش".

وكان دارمانان أعلن، في ديسمبر/كانون الأول، أنّ المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية بصفته "ممثلاً للإسلام في فرنسا" قد "مات".

المساهمون