فرنسا: السجن لساركوزي بقضية "التمويل غير الشرعي"

30 سبتمبر 2021
تعود القضية إلى حملة ساركوزي الرئاسية في 2012 (Getty)
+ الخط -

أصدرت محكمة جنايات باريس، اليوم الخميس، حكمها على الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، بقضية التمويل غير الشرعي لحملته الانتخابية في عام 2012، المعروفة باسم قضية "بيغماليون"، كما أصدرت حكمها بحقّ 13 شخصاً آخرين مقربين من ساركوزي، بالقضية ذاتها، من بينهم مدير حملته جيوم لامبير. وحكمت المحكمة على الرئيس الفرنسي الأسبق، بهذه القضية، بالسجن لمدة سنة مع التنفيذ، ليصبح أول رئيس جمهورية سابق في فرنسا، يُحكم عليه بالسجن النافذ، على أن يحوّل السجن إلى الحجر المنزلي تحت المراقبة الإلكترونية. وأكد محامي ساركوزي، تييري هرزوغ، أن ساركوزي قرّر استئناف الحكم، ما سيكون أثرا مباشرا على تنفيذه، بما يعني وقف تنفيذ الحكم، إلى حين البت بالاستئناف. 

أصبح ساركوزي أول رئيس فرنسي سابق يُحكم عليه بالسجن النافذ

وطالب ممثلو الادعاء بسجن ساركوزي سنة، ودفع غرامة قدرها 3750 يورو، لإنفاقه ما يقرب من ضعف الحد الأقصى القانوني للحملات الانتخابية، والبالغ 22.5 مليون يورو، وهي أموال تلقاها من الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.

ساركوزي، الذي تغيب اليوم عن حضور الجلسة، كان قد نفى ارتكابه أي مخالفات، وفق أقواله خلال جلستي محاكمة سابقتين، عقدتا في شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران الماضيين. وبموجب التحقيقات، قالت رئيسة غرفة المحكمة الحادية عشرة، كارولين فيجيه، إن "رئيس الدولة الأسبق كان على علم قبل أسابيع من انتخابات 2012 أن نفقاته، المحدودة للغاية بموجب القانون الفرنسي، تقترب من الحد الأقصى القانوني. كما أنه تجاهل مذكرتين تحذيريتين من محاسبيه".

ورأى المدعون أن ساركوزي هو "الشخص الوحيد المسؤول عن تمويل حملته الانتخابية"، وأنه اختار تجاوز الحد الأقصى للإنفاق من خلال تنظيم العديد من التجمعات الانتخابية، بما في ذلك تجمعات كبيرة جداً. لكن ساركوزي كان يبرر ذلك، بأن تلك الأموال الإضافية لم تذهب إلى حملته الرئاسية، متهماً الفريق المسؤول عن حملته، من دون أن يسميه، بـ"الاحتيال"، وقال إن تلك الأموال ساعدت في ثراء بعض الأشخاص، وإنه لم يكن يقوم بأعمال التنظيم اليومي للحملة والإنفاق، حيث كان يتولاه فريق محدد.

وبالإضافة إلى الحكم الصادر اليوم بحقّ ساركوزي، صدرت أحكام مشابهة بحقّ 13 شخصاً آخرين متورطين في القضية، من بينهم أعضاء في حزب "الجمهوريين" (اليمين الفرنسي)، ومحاسبون ورؤساء مجموعة الاتصال المسؤولة عن تنظيم التجمعات. وتتراوح الإدانات بين التزوير وخيانة الأمانة للاحتيال والتواطؤ في تمويل غير قانوني للحملة الانتخابية.

واعترف بعض المتهمين بارتكاب مخالفات، وشرحوا بالتفصيل نظام الفواتير المزورة الذي وُظّف للتستر على الإنفاق المفرط. ومن بين أولئك الذين صدرت أحكام بحقهم، مدير حملة ساركوزي جيوم لامبير، الذي حكم بالسجن ثلاث سنوات ونصف، اثنتان منها مع وقف التنفيذ.

أبدت شخصيات في حزب "الجمهوريون" اليميني الفرنسي دعمها لساركوزي، واصفة الحكم بالقاسي

وحُكم على باستيان ميو، الرئيس المؤسس والمشارك في شركة "بيغماليون"، التي جمعت التبرعات لساركوزي، بالسجن ثلاث سنوات، بما في ذلك 18 شهراً مع وقف التنفيذ، بتهمة "التواطؤ والتزوير" و"التواطؤ في التمويل غير القانوني لحملة انتخابية". كما حكم على المؤسس المشارك لـ"بيغماليون"، غي ألفيس، بالسجن عامين، بينها سنة مع وقف التنفيذ.

ومن شخصيات حزب ساركوزي (كان اسمه آنذاك "الاتحاد من أجل الحركة الشعبية" قبل أن يتحول إلى "الجمهوريين")، والتي صدرت أحكام بحقّها أيضاً، إريك سيزاري، المدير العام للحزب، والذي حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، بينها واحدة مع وقف التنفيذ، وكذلك مديرة الموارد في الحزب، فابيان ليادزي، والتي دينت بالسجن ثلاث سنوات، منها 18 شهراً مع وقف التنفيذ، بالإضافة إلى بيار شسات، مدير الاتصالات في الحزب، والذي حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، منها سنتان مع وقف التنفيذ.

وعلى الرغم من تقاعد ساركوزي من العمل السياسي عام 2017، إلا أن أحاديث كثيرة تدور حول دور يلعبه خلف الكواليس في المشاركة باختيار مرشح للحزب الجمهوري، من أجل المنافسة في الانتخابات الرئاسية المقبلة في فرنسا، والمرتقبة في ربيع عام 2022.

ورأى رئيس كتلة حزب "الجمهوريون" في مجلس الشيوخ الفرنسي، برونو روتايو، أن الإدانة تعكس "قسوة غير عادية، ومبالغة مفرطة".

 

وقال كزافييه برتران، وهو مرشح للرئاسة الفرنسية العام المقبل، عن الحزب اليميني، وكان وزيراً في عهد ساركوزي، إن الأخير "يستطيع أن يعتمد على دعمه". وأضاف: "سوف يستأنف على القضية، وأنا أفهم قراره تماماً. أتمنى أن تظهر الحقيقة مع الاستئناف". كما أبدت شخصيات عدة من الحزب دعمها لساركوزي، منها المرشحة ضمن تمهيديات الحزب المنتظرة لاختيار مرشحها للرئاسة 2022، فاليري بيكريس، ورئيس الحزب، كريستيان جاكوب.