غياب الصين عن مؤتمر سويسرا للسلام في أوكرانيا يثير التساؤلات

16 يونيو 2024
زعماء من أنحاء العالم يحضرون مؤتمر السلام بشأن أوكرانيا في سويسرا، 15 يونيو 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- الصين تغيب عن مؤتمر السلام الدولي في سويسرا حول أوكرانيا، مبررة ذلك بعدم استيفاء شروط المشاركة وتشدد على الاعتراف المتبادل ومشاركة متساوية بين روسيا وأوكرانيا.
- صحيفة الشعب اليومية تؤكد على موقف الصين النشط والملتزم بتعزيز محادثات السلام، مشيرة إلى استمرار بكين في التمسك بموقف موضوعي وعادل لتسوية الأزمة الأوكرانية.
- الصين تعتبر استبعاد أي طرف من المؤتمر غير منطقي وتقدم مبادرة سلام بالاشتراك مع البرازيل، مؤكدة على ضرورة حل الأزمة بمشاركة طرفي النزاع وتواجه معارضة من الولايات المتحدة.

أثار غياب الصين عن مؤتمر السلام الدولي، الذي بدأ أعماله السبت في سويسرا، بشأن أوكرانيا، تساؤلات حول مقاربة بكين الأزمة الأوكرانية، خصوصاً أنها دأبت على تقديم نفسها لاعباً أساسياً في جهود الوساطة وإنهاء الحرب وتحقيق السلام بين موسكو وكييف. وكانت الصين قد بررت، في أواخر مايو/أيار الماضي، رفضها المشاركة في مؤتمر السلام لأسباب تتعلق بعدم استيفاء شروط المشاركة، بما في ذلك مشاركة كل من روسيا وأوكرانيا على قدم المساواة. ونقلت وكالة رويترز في حينه، عن مصادر صينية لم تسمها، أن الصين أطلعت دبلوماسيين على أن "الشروط التي لم تُستوفَ تشمل ضرورة اعتراف كل من روسيا وأوكرانيا بالمؤتمر، وأن تكون هناك مشاركة متساوية للطرفين، وأن تكون هناك مناقشات منصفة لجميع المقترحات".

هذا وكرر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، خلال الشهر الماضي، مناشدته نظيره الصيني شي جين بينغ الانضمام إلى المؤتمر الدولي. وقال، في بيان، إن المؤتمر سيظهر من في العالم يريد حقاً إنهاء الحرب.

الموقف الصيني من مؤتمر السلام بشأن أوكرانيا

وتزامناً مع انطلاق فعاليات مؤتمر السلام في سويسرا، نشرت صحيفة الشعب اليومية الناطقة باسم الحزب الشيوعي الصيني، أمس السبت، تقريراً أسهبت فيه الحديث عن الموقف الصيني من الأزمة الأوكرانية. وقالت إن الصين ظلت الدولة الأكثر التزاما ونشاطا بتعزيز محادثات السلام بشأن القضية الأوكرانية، وإنها لم تكن سبباً في أزمة أوكرانيا أو طرفاً فيها. وأكدت الصحيفة أن بكين ستواصل التمسك بموقف موضوعي وعادل، وبناء توافق في الآراء بشأن إنهاء الصراعات، وتمهيد الطريق لمحادثات السلام، من أجل المساهمة بالحكمة الصينية في التسوية السياسية للأزمة الأوكرانية.

حسابات سياسية

وفي تعليقه على غياب الصين عن مؤتمر السلام الدولي بشأن الحرب على أوكرانيا، قال الباحث في العلاقات الدولية في مركز النجمة الحمراء في العاصمة الصينية بكين جيانغ قوه، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الصين كانت واضحة منذ البداية بشأن موقفها من أي مبادرة للسلام بين الأطراف المتنازعة، وترى أنه ليس من المنطق السياسي أي يُستبعد طرف على حساب آخر، في إشارة إلى استبعاد الطرف الروسي من المؤتمر.

وأضاف أن بكين لفتت إلى ضرورة أن يستوفي المؤتمر شروط الحياد قبل انعقاده، وقد لاحظت وجود تباينات كبيرة بين تصوراتها وتصورات القائمين على المؤتمر، لذلك قررت عدم المشاركة. وأضاف الباحث الصيني أن بكين لم تفقد الأمل ولم تدر ظهرها للأزمة الأوكرانية، وبناء على التطورات الأخيرة، قدمت مبادرتها الخاصة للسلام بالاشتراك مع البرازيل، ودعت إلى عقد مؤتمر دولي للسلام من أجل التوصل إلى حل لانهاء الحرب، وذلك على هامش لقاء وزير الخارجية الصيني وانغ يي مع سيلسو أموريم، المستشار الخاص للرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، في العاصمة بكين الشهر الماضي.

واعتبر جيانغ قوه أن محاولات الضغط على بكين من أجل حضور المؤتمر كانت تهدف في المقام الأول إلى استغلال النفوذ الصيني من أجل عزل موسكو، وتقديم الصين دولة تابعةً ضمن حلف دولي يدعو إلى السلام من دون معالجة جذور الخلاف والأزمة.

صورة الصين

في المقابل، قال أستاذ العلاقات الدولية في معهد وان تشاي للأبحاث والدراسات في هونغ كونغ ليو مينغ، متحدثاً لـ"العربي الجديد"، إن غياب الصين عن مؤتمر السلام في سويسرا مرتبط بصورتها التي تحاول بكين تسويقها في الخارج باعتبارها دولة راعية للسلام. وأوضح أن الصين لن تقبل أن يكون دورها هامشياً، كأن تصادق فقط على مخرجات مؤتمر ليست رأس الحربة فيه، بالرغم من إدراكها أهمية دورها وتأثيرها على حليفها الروسي، لكنها ليست الجهة الممسكة بزمام المؤتمر. وتابع: "لذلك، رداً على هذه الخطوة التي اعتبرتها تقليلاً من دورها ومكانتها الدولية، سارعت إلى تقديم مبادرة منفصلة من دون أن تنتظر مخرجات مؤتمر سويسرا، ما يعني أنها حكمت على المؤتمر بالفشل قبل انعقاده".

وعن توقعاته بشأن المرحلة المقبلة، قال ليو مينغ إن بكين سوف تسلط الضوء على فشل مؤتمر سويسرا، خلال الفترة المقبلة، على الأقل بسبب غياب الطرف الروسي. وأردف: "في المقابل، ستعمل (بكين) على تسويق مبادرتها الخاصة وتكرر دعوتها إلى ضرورة عقد مؤتمر دولي للسلام من أجل حل الأزمة في أوكرانيا بوجود طرفي النزاع"، لكنه لفت إلى أن ذلك "سوف يصطدم برفض الولايات المتحدة التي لا ترغب بدورها أن ترى بكين تمارس دوراً أكبر من مجرد التأثير على موسكو والانضمام إلى الجهود الدولية الساعية إلى عزل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين".