غزة تشهد

20 نوفمبر 2023
نازحون إلى جنوبي غزة أمس (مصطفى حسونة/ الأناضول)
+ الخط -

تشهد غزة على انهيار هذا العالم، على موت قيمه، على سقوط منظومة الحرية والديمقراطية والحقوقية الغربية كل يوم، وهذا أبلغ دروس واستنتاجات هذه الحرب الوحشية التي تقودها إسرائيل على غزة.

كلهم، في ذلك الغرب المدني الديمقراطي الحقوقي العريق، بلا استثناء، تجمّعوا ضد رقعة صغيرة من الأرض يريدون محوها، وتأديب من يشاهد من الجيران بأن مصيره سيكون مماثلاً إذا فكّر في أي تمرّد من أي نوع كان.

وقد تكون الرسالة وصلت بكل وضوح بفعل ما شاهده الجميع من خذلان وصمت عربي إسلامي مسيحي، أجاز آلة القتل الإسرائيلية لتفعل ما تريد وقت ما تريد. وبعد ذلك سيستغربون كيف أن هذه الوحشية تولّد متشددين وتخلق جيلاً غاضباً لن يفرّق بين ألوان الجلادين.

السبت الماضي، بعد مجزرتين جديدتين في مدرستي الفاخورة وتل الزعتر في القطاع، أسفرتا عن استشهاد عدد هائل من الأطفال والنساء، خرج الرئيس الأميركي جو بايدن، ليغدق علينا من حنانه قائلاً "قلبي يتفطر بسبب الصور القادمة من غزة وموت آلاف المدنيين من بينهم أطفال".

ولكنه لم يقبل وقف إطلاق النار، بل شدد في مقال نشرته "واشنطن بوست" على دعوة إسرائيل لاستكمال مهمتها، والفكرة هي إنهاء أي نَفَس عربي مقاوم.

وبكل ديمقراطية، يؤكد أنه "ينبغي توحيد غزة والضفة الغربية تحت بنية حاكمة واحدة هي سلطة فلسطينية متجددة"... وأن هذا المستقبل الذي يراه لفلسطين "لا توجد فيه حماس". يعني لا انتخابات ولا رأي للشعب الفلسطيني ولا من يحزنون لأن الديمقراطية الأميركية قررت أن هذا الشعب لا يعرف مصلحته.

كل الكذب الذي روّجت له الآلة الدعائية الغربية عن هذه الحرب سقط أمام أعين الجميع، بدليل تقرير صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، السبت الماضي، الذي أكد أن مروحية عسكرية إسرائيلية أطلقت النار على مسلحين فلسطينيين وعلى إسرائيليين من المشاركين في حفل قرب "كيبوتس رعيم" في غلاف قطاع غزة، يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وكذلك ظهرت كذبة مقر قيادة "حماس" في مستشفى الشفاء وقتل الأطفال وغيرها من الأكاذيب، ولكن الحملة الإعلامية الفرنسية، بالذات، لن تعود على هذا الكذب، وستمر إلى الخطوة الموالية.

هل يعني ذلك أن الجميع في الغرب متساوٍ في الجريمة؟ قطعاً لا، فهناك أحرار يدافعون ليلاً ونهاراً عن غزة وعن فلسطين بقوة وضراوة لم نرها عند كثير من العرب والمسلمين، بل إنّ أهم التظاهرات والاحتجاجات كانت في عواصم غربية لا عربية.

وهناك سياسيون غربيون يجعلونك تخجل أمام اندفاعهم غير المحدود في الدفاع عن غزة، وفضح إسرائيل وانتقادها، وهم يخوضون حروباً شعواء ضد حكوماتهم وإعلامهم المنحاز، ولا يعبؤون كثيراً بالحسابات السياسية، عكس ما نراه عندنا في بلادنا العربية.

المساهمون