غزة... المرحلة الأصعب

04 ديسمبر 2023
رفح بعد القصف الإسرائيلي، أمس (سعيد الخطيب/فرانس برس)
+ الخط -

لا شك أن أيام الحرب المقبلة ستكون الأصعب على غزة، على المقاومة وعلى المدنيين والأطفال والنازحين، لأن مؤشرات العنف واليأس الإسرائيليين، الباديين في ضربات ما بعد الهدنة، تؤكد أن الهستيريا الإسرائيلية الأميركية تريد أن تصب كل ما لديها من حقد متفجر على غزة.

وليس من الغريب أن نقرأ في تقارير صحافية مختلفة، في هذا التوقيت تحديداً، أن الولايات المتحدة زودت إسرائيل بـ100 قنبلة خارقة للتحصينات، وعشرات الآلاف من الأسلحة الأخرى لاستخدامها في الحرب ضد حركة المقاومة الفلسطينية، وأنه جرى تزويد إسرائيل بقنابل خارقة للتحصينات برأس حربي "بي إل يو-109" مصمم لاختراق الخرسانة قبل أن ينفجر.

وتؤشر هذه المعطيات إلى أن هناك استعجالاً أميركياً لربح الوقت وقتل أكثر ما يمكن في أقل وقت ممكن لتسليط كل الضغط المجتمعي على المقاومة، بغاية ضرب الحاضنة الشعبية لـ"حماس" نهائياً تمهيداً لإقصائها من ترتيبات المشهد المقبل.

ويمكن فهم هذا الاستعجال في القتل بالنظر إلى مسألتين محددتين، الأولى أنه بعد قرابة شهرين من القصف، لم يحقق الاحتلال أياً من أهدافه التي أعلن عنها في هذه الحرب، باستثناء قصف المستشفيات وقتل الأطفال والنساء. ولم يحقق إنجازاً عسكرياً مهماً واحداً لغاية اليوم، ولم يتمكن من إنقاذ رهينة واحدة ولا إنهاء "حماس" كما ادعى، بدليل استمرار المقاومة في إيلامه إلى اليوم وبوتيرة ثابتة لم تفتر.

أما العامل الثاني الذي يفسر هستيريا القصف الإسرائيلي الأميركي وضراوته، فهو الضغط الشعبي الدولي الواسع وموجة التعاطف التي لم تتراجع، بل تزداد اتساعاً، وهذا الانقسام الذي يكتسح المجتمعات السياسية والحزبية والمدنية الغربية، في أغلب عواصم العالم.

وهو ما يدل على أن حرب الإبادة التي تخوضها إسرائيل وحلفاؤها تثير الوعي الدولي وتطرح أسئلة عميقة على الإنسانية، سيأتي وقت تفصيلها بعد نهاية الحرب. بقي أن الجميع يتساءل مقابل هذه الهمجية الإسرائيلية كيف سيكون رد المقاومة، وما هو رصيدها العسكري المتبقي لهذه المواجهة، وهل كانت فعلاً مستعدة استراتيجياً لحرب ضروس طويلة ضد كل هذه الدول المتحدة ضدها، وهي وحدها؟

"حماس" تؤكد أن لا مفاوضات الآن بشأن التهدئة ولا تبادل أسرى حتى انتهاء العدوان ووقف إطلاق نار شامل ونهائي، وهذا يرفع سقف المفاوضات ويمهّد بدوره لمرحلة ثانية مختلفة عما قبل الهدنة. أيام صعبة في انتظار الفلسطينيين، وحدهم، عدا دعوات أمهات من بعيد، وبعض الصادقين، على قلّتهم.