استمع إلى الملخص
- يعتبر الموقع الجيوستراتيجي للمغرب ودوره السياسي الإقليمي والدولي وتحالفه مع الولايات المتحدة عوامل تعزز فرصه في الحصول على المقعد، وفقًا للباحث محمد شقير.
- يشير نبيل الأندلوسي إلى مؤهلات المغرب القوية، مثل الاستقرار السياسي والعلاقات الدبلوماسية، لكن تحقيق الهدف يتطلب تعديل ميثاق الأمم المتحدة، وهو أمر معقد.
حمل عام 2024 في طياته تطلعات مغربية للظفر بمقعد دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تمكنه من المشاركة بفاعلية في صنع القرار العالمي، والانخراط في معالجة الأزمات الدولية، في ظل دعم أميركي لمقترح باستحداث مقعدين دائمين في المجلس للدول الأفريقية. وعبر المغرب بصراحة عن طموحه في الظفر بعضوية دائمة في مجلس الأمن، وذلك على لسان مندوبه الدائم له لدى الأمم المتحدة في نيويورك، عمر هلال، الذي اعتبر أن المغرب يعد البلد الذي يتوفر على "أكبر شرعية" لتمثيل القارة الأفريقية والدفاع عن قضاياها ومصالحها.
وقال هلال في تصريح لوكالة المغرب العربي الرسمية، على هامش الدورة الـ13 للمؤتمر الدولي السنوي "الحوارات الأطلسية"، الذي نظمه مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد (غير حكومي) من 12 إلى 14 ديسمبر/ كانون الأول الجاري في الرباط، إن "المملكة مؤهلة لأن تصبح عضواً في مجال الأمن، لأنه وبكل بساطة، يتمثل المعيار الأساسي للحصول على العضوية في المساهمة في السلم والأمن في العالم، ولا سيما من خلال المساهمة في قوات حفظ السلام". وذكر أنّ "المغرب ظل منذ ستينيات القرن الماضي، من أكثر البلدان نشراً لجنوده في إطار مهام حفظ السلام التابعة لمنظمة الأمم المتحدة في جهات العالم الأربع".
وتأتي التطلعات المغربية للظفر بمقعد دائم بمجلس الأمن، في وقت تدعو فيه دول عديدة منذ سنوات إلى إصلاح هيكلية مجلس الأمن الدولي، في ظل إخفاق آليته الراهنة في ملفات عديدة تهدد السلم والأمن الدوليين. في حين، أعلنت الولايات المتحدة في 12 سبتمبر/ أيلول الماضي دعمها لمقترح للرئيس الأميركي، جو بايدن، قبل عامين، بمنح مقعدين دائمين بالمجلس للدول الأفريقية. ويتألف المجلس من 15 عضواً هم 10 دول يتم انتخابها دورياً و5 دول دائمة العضوية تمتلك حق النقض (الفيتو)، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا. والمجلس هو المؤسسة الوحيدة التي لها سلطة اتخاذ قرارات تلتزم بتنفيذها الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة (193 دولة)، بموجب المادة 23 من ميثاق المنظمة الدولية.
شقير: المغرب عنصر استقرار
وبحسب الباحث في العلوم السياسية، محمد شقير، فإن "التصريح الذي أدلى به السفير الدائم للمغرب بمجلس الأمن للدفاع عن تخصيص مقعد للمملكة يستند إلى اعتبارات عدة تتمثل بالأساس في الموقع الجيو ستراتيجي الذي يتمتع به المغرب والدور السياسي الذي أصبح يلعبه على الساحة الإقليمية والدولية". واعتبر أن المغرب "عنصر استقرار في منطقة شمال أفريقيا التي تعاني عدم الاستقرار بسبب ضعف الأنظمة الحاكمة كما هو الحال في تونس وليبيا التي ما زالت تعاني التدخل الأجنبي. بالإضافة إلى عدم الاستقرار في دول الساحل، مما يكرس المغرب كدولة ضامنة للاستمرار تتمتع بشرعية الحفاظ على استقرار المنطقة وإمكانية تمثيل منطقة شمال أفريقيا مقابل إمكانية أن تمثل جنوب أفريقيا أو نيجيريا المنطقة الجنوبية لأفريقيا في إطار تحقيق توازن بين دول القارة الأفريقية".
وأوضح شقير، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "التحالف الاستراتيجي الذي يجمع المغرب بالولايات المتحدة الأميركية سواء على الصعيد الأمني أو العسكري جعل الرباط تحظى بدعم واشنطن بوصفها أحد أكبر الدول العظمى المتحكمة في المنظومة الأمنية وبالأخص مجلس الأمن"، مشيراً إلى أنه في هذا السياق، عبر بعض المسؤولين الأميركيين عن دعم حصول المغرب على مقعد دائم بمجلس الأمن.
الأندلوسي: مؤهلات لتمثيل القارة في مجلس الأمن
من جهته، رأى رئيس "المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية"، نبيل الأندلوسي، أن للرباط مؤهلات عدة لتمثيل القارة الأفريقية في مجلس الأمن، منها "الاستقرار السياسي لنظام الحكم، والعلاقات القوية والمتميزة مع الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، وترسيخه لعلاقات دبلوماسية مهمة مع عموم الدول الأفريقية والدخول معها في مصالح متبادلة وفق مبدأ رابح – رابح". وحدد الأندلوسي، في تصريح لـ"العربي الجديد "، عوامل أخرى من شأنها تعزيز حظوظ المغرب في تمثيل القارة الأفريقية على مستوى هذا المجلس منها "مساهمة المغرب المهمة في عمليات حفظ الأمن والسلم الدوليين، خاصة في أفريقيا، وبروز المغرب قوةً إقليمية صاعدة ودولة تحظى بمصداقية على المستوى الدولي".
غير أن الباحث في العلوم السياسية عزيز أدمين، رأى أن الحديث عن موضوع عضوية المغرب الدائمة في مجلس الأمن سابق لأوانه، لأنه يقتضي أولاً تعديل ميثاق الأمم المتحدة وتشكيلة مجلس الأمن، موضحاً، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "هذا الأخير هو الذي سوف يصوت على هذا التعديل، وبالتالي، فإن السؤال الذي يطرح هو: هل جميع الأعضاء الخمسة دائمي العضوية مع هذا الإصلاح داخل الأمم المتحدة أم لا؟ لأن تصويت عضو واحد بالرفض عبر الفيتو سوف يقبر القرار".
وبحسب أدمين، فإنه "في حال وقوع التعديل القانوني، سوف نكون أمام ثلاثة ترشحات كبرى هي المغرب وجنوب أفريقيا والجزائر"، مشيراً إلى أنه "حتى إذا كان هناك تقاطب ثنائي بتحالف الجزائر وجنوب أفريقيا حول مقترح واحد، فإنه لن يشجع الدول الأعضاء دائمة العضوية على الاصطفاف لصالح طرف على آخر، وهو ما يقتضي أولاً العمل داخل أفريقيا بتوحيد الرأي والمرشح، وثانياً العمل على مزيد من الترافع لقبول مقترح تمثيلية أفريقيا بشكل دائم". وأوضح أن العضو الدائم لأفريقيا لن يكون متمتعاً بحق النقض، فقط سيضمن تمثيلية أفريقيا كلها وليس لتوزيع جغرافي، وقد يذهب النقاش أن تكون أفريقيا ممثلة بالصفة، أي برئاسة الاتحاد الأفريقي.