يتحضّر السوريون لاستقبال عيد الفطر هذا العام، مع غياب شبه تام لكل مظاهر وطقوس العيد التي اعتادوا على ممارستها في كل عام. وعلى الرغم من أن مظاهر العيد تغيب في معظم الدول العربية والإسلامية بسبب تفشي وباء كورونا وإجراءات الحظر التي اعتمدتها معظم الدول، مستغلة العطلة علّها تخفف من معدل عدد الإصابات لديها، إلا أن المشهد في سورية هذا العام مختلف، ويعود لأسباب أخرى لا تتعلق بفيروس كورونا الذي لا يزال السوريون يتعاطون معه كهمٍ ثانوي إلى جانب الأسباب والأزمات الأخرى التي يعانون منها.
على المستوى الاقتصادي، انخفض دخل السوريين في الداخل إلى درجة متدنية لم يعد خلالها نحو تسعين في المائة منهم قادراً على تأمين قوت يومه، بالإضافة إلى تفاقم أزمات تأمين احتياجاتهم الأساسية من خبز ومحروقات وسلع أساسية، يحتاج الحصول عليها إلى الوقوف في طوابير تمتد لعشرات الأمتار، الأمر الذي يجعل معظم الأسر السورية تحجم عن شراء أو صنع حلويات العيد التي أصبحت تكلفتها أكبر من إمكانياتهم. كما فرض النظام على الأسر التي تتلقى مساعدات من أبنائها في الخارج ضريبة تحت اسم "ضريبة إعادة الإعمار" عن كل حوالة تصل إلى مناطق النظام، هذا عدا عن صرف الحوالة بسعر صرف أقل بكثير من سعر صرفها الحقيقي في السوق السوداء. وعلى المستوى الاجتماعي، تعيش معظم الأسر السورية حالة من التشتت بين الداخل والخارج، الأمر الذي يفقد العيد معناه، في ظل انعدام أي فرصة لتلاقي أفراد العائلة الواحدة واجتماعها خلال العطلة.
يترقب السوريون العيد وسط كل تلك الأزمات التي يعيشونها، في الوقت الذي يفرض عليهم النظام الذي تسبّب في وصولهم إلى هذه الحال، المشاركة في لعبة الانتخابات الرئاسية التي ينوي من خلالها تثبيت بشار الأسد في السلطة لولاية جديدة، من خلال فرض فعاليات ومهرجانات تأييد، خصوصاً على الموظفين الحكوميين، من أجل التعبير عن ولائهم "للقائد الملهم" بشار الأسد، ضمن مسرحية ملّوا منها، ويعلم الجميع أنها مجرد ديكور لن تقدّم أو تؤخر في عملية إعادة تثبيت الأسد في الحكم لفترة رئاسية جديدة، في الوقت الذي كانوا ينتظرون فيه تحركاً دولياً يفضي إلى حل سياسي حقيقي يخلصهم من المأساة التي يعيشونها.